هل تتفق المعارضة التركية على مرشح يستطيع منافسة أردوغان؟
١٧ سبتمبر ٢٠٢٢بعد سنوات من المحادثات واللقاءات استطاعت المعارضة التركية تشكيل تحالف نهاية العام الماضي، أطلق عليه اسم "الطاولة السداسية"، حيث يضم ستة أحزاب لم يكن أحد يتصور إمكانية تعاونها وتحالفها سابقا.
الهدف الرئيسي لهذا التحالف، هو إنهاء سيطرة حزب العدالة والتنمية والعودة إلى النظام البرلماني، وبالتالي الحد من صلاحيات وسلطة رئيس الدولة، وهذا يستجيب لإرادة الكثير من الناخبين. ففي استطلاع حديث للرأي أجراه معهد ينيليم " Yِneylem" أعرب 65 بالمائة من المشاركين فيه عن رغبتهم بالعودة إلى النظام البرلماني، في حين أعرب 30 بالمائة فقط عن تأييدهم للنظام الرئاسي. كما قال 63 بالمائة إن "حكم حزب العدالة والتنمية سيء"، وأكد 58 بالمائة أنهم لن يصوتوا للرئيس رجب طيب أردوغان في الانتخابات القادمة.
استبعاد حزب الأكراد
هناك الآن فرصة أفضل من أي وقت مضى، لإنهاء سيطرة وحكم حزب العدالة والتنمية في انتخابات الصيف القادم 2023، إذا حافظت المعارضة على وحدتها وتحالفها "الطاولة السداسية" والذي يضم حزب الشعب الجمهوري والحزب القومي، وحزب السعادة الإسلامي والحزب الديمقراطي وحزب المستقبل الذي أسسه رئيس الوزراء ووزير الخارجية الأسبق أحمد داود أوغلو وحزب الديمقراطية والتقدم "ديفا" الذي أسسه وزير المالية والخارجية الأسبق علي بابا جان.
وبقدر ما يبدو هذا التحالف كبيرا ومبهرا، فإنه لا يضم رسميا أحد أكبر أحزاب المعارضة وهو حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد. حيث لا يزال التحالف مع الأحزاب الكردية في تركيا موضع خلاف ومثير للجدل. وفي الأعوام الماضية كانت هناك محاولات عديدة لحظر هذا الحزب بسبب المزاعم حول ارتباطه بحزب العمال الكردستاني (PKK)، المصنف في تركيا وأوروبا والولايات المتحدة كمنظمة إرهابية.
لكن من غير الواضح حتى الآن من يمكن أن يقود هذا التحالف السداسي في الانتخابات القادمة، ضد الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان.
ثلاثة مرشحين لقيادة المعارضة
هناك حديث الآن عن ثلاثة مرشحين لقيادة تحالف المعارضة وهم: كمال كليتشدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة وهو الأوفر حظا حاليا وقد أعرب عن استعداده لذلك. وبقيادته حقق الحزب فوزا تاريخيا في الانتخابات البلدية عام 2019 حيث انتصر مرشح الحزب في العاصمة أنقرة وفي إسطنبول، اللتين سيطر عليهما لعقود حزب العدالة والتنمية. لكن تجدر الإشارة إلى أن كليتشدار أوغلو نفسه لم يفز في أي انتخابات، لذلك يشكك منتقدوه في قدرته على الفوز وهزيمة أردوغان.
ولهذا فإن عمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو، من حزب كليتشدار أوغلو، مرشح محتمل أيضا، وهو يتمتع بشعبية حتى لدى الناخبين الآخرين الذين لا يؤيدون حزبه الشعب الجمهوري. فهو يقدم نفسه كعمدة لكل إسطنبول وسكانها، وليس لناخبيه ومؤيدي حزبه فقط. ولكن يؤخذ على إمام أغلو أنه خلال أزمات أو كوارث وقعت في الأعوام الماضية، كان في إجازة، وهو ما ينتقده الرأي العام.
عمدة العاصمة أنقرة، منصور يافاش، هو الآخر من حزب الشعب الجمهوري، يتمتع بشعبية كبيرة. فمنذ بداية تولي منصبه عام 2019 وضع مكافحة الفساد وحماية البيئة على رأس أولوياته، وهو ما لاقى التأييد والاستحسان لدى الرأي العام. لكن يافاش تركي قومي، وهو ما يبعد عنه الناخبين الأكراد ويحرمه من أصواتهم، التي تعتبر مهمة للغاية في الانتخابات. ولكن رغم ذلك فإنه ليس من المستبعد أن يصوت له الكثير من الأكراد أيضا لأسباب استراتيجية ولغياب البدائل. حيث أن السياسي الكردي المعروف وذو النفوذ القوي صلاح الدين دميرتاش والكثير من رفاقه في حزب الشعوب الديمقراطي، معتقلون في السجن، وهناك استياء كبير بين الأكراد من حكومة حزب العدالة والتنمية.
وما ليس في صالح المرشحين، أكرم إمام أوغلو ومنصور يافاش، هو أن عليهما ترك منصبهما الحالي، عمدة اسطنيول وأنقرة، ما يعني أن المعارضة ستفقد عمدة هاتين المدينتين الكبيرتين المهمتين، حيث أن حزب العدالة والتنمية يملك الأغلبية في مجلس المدينتين وبالتالي سينتخب العمدة من بين صفوفه.
واحد من أجل الجميع والجميع من أجل واحد؟
تؤكد سيرين سلفين كوركماز، الباحثة ومديرة معهد إسطنبول للأبحاث السياسية، أن شخصية القائد تلعب دورا مهما في الثقافة السياسية التركية. وتضيف "ما يهم الناس قبل كل شيء هو القائد وماذا يدعى. وفي النظام الحالي هناك شخص واحد في المقدمة. من سيملك كل هذه الصلاحيات مستقبلا؟ من هو المؤهل للحكم؟ الناس يطرحون هذه الأسئلة".
والنقاش حول هذه القضية محتدم في تحالف "الطاولة السداسية". ومن المنتظر أن يتم الإعلان عن اسم المرشح المشترك للتحالف بداية العام المقبل. وأيا كان مرشح المعارضة، فإن لديه الفرصة للفوز وهزيمة أردوغان، بشرط أن يكون فعلا المرشح الوحيد للمعارضة وأن يستمر هذا التحالف السداسي الهش على الأقل حتى الانتخابات في شهر يونيو/ حزيران 2023.
بوراك أونفرين/ عارف جابو