المغرب - زوجان يحولان بيتهما إلى معرض للفنانين
٢١ سبتمبر ٢٠١٢في حي السويسي أرقى أحياء العاصمة المغربية الرباط، وتحديدا بإحدى "الفيلات" الفاخرة هناك، كانت أعمال فنانين مغاربة وأجانب على موعد لعرض متميز من حيث الشكل والمضمون. الفكرة في حد ذاتها جديدة على المحيط المغربي، فلأول مرة تقْدم أسرة مغربية وبشكل تطوعي على تسخير منزلها للفن والفنانين.
ياسمينة ناجي، مالكة البيت وصاحبة المبادرة هي سيدة شابة تعمل كأستاذة للفلسفة وتشرف في نفس الوقت على هذا المعرض الخاص. وقد دفع بها عشقها للفن وخبرتها في هذا المجال لتنظيم معرض فني متميز، خصوصا وقد سبق لها أن اشتغلت في معارض وأروقة فنية في الرباط، كما تربطها علاقات عميقة بفنانين داخل المغرب وخارجه.
ولع بالفن
جاءت الفكرة عندما قرر الزوجان القيام بإصلاحات في منزلهما، وفكرت ياسمينة في إمكانية وضعه رهن أشارة الفنانين خلال الفترات التي يكون فيها البيت شاغرا، وتقول ياسمينة في لقائها مع DW/ عربية إن زوجها وافقها على الفكرة رغم أن مجال عمله بعيد عن مجال الفن. "شاركني في الفكرة لأنه يحب الفن أيضا وبذلنا جهودا في إنجاح هذه المبادرة وهذا أمر أسعدني كثيرا".
ما يميز هذه المبادرة أيضا هو أن للفنانين حرية اختيار أعمالهم المعروضة واختيار مواضيع العرض، وتضيف ياسمينة قائلة "تناقشنا مع بعضهم، فطرحوا أفكارا ومشاريع متميزة". ويبدو المعرض عند النظرة الأولى في شكل غير اعتيادي. فالفنانون لم يستغلوا فضاء البيت كما هو لعرض أعمالهم، بل قاموا بتهديم أجزاء من الجدران وغيروا شكل وتصميم بعض الغرف الداخلية، فيما يوحي إلى تمرد على القيود والحواجز، لأن المعرض يجب أن يطرح "فن الفكرة" كما تشير إلى ذلك ياسمينة. وتطلب الأمر إجراء تعديلات مثل اختراق جدران البيت بشكل يمكن عبره رؤية المواد المستعملة في البناء.
وجمع المعرض أعمالا متنوعة تنوعت بين فن الرسم على الخشب والورق والحيطان أو المزج بين الأعمال المصورة وأعمال الفن التشكيلي، بالإضافة إلى تقديم تقنية الفيديو في بعض الأعمال، كما جمع بين آلات وأدوات مختلفة لخلق مواد جديدة وابتكارها من جديد، حيث شملت هواتف وبعض الآلات الموسيقية وصورا وغيرها من الأشكال.
دعم الفنانين الشباب
تفتخر ياسمينة بأنها ساهمت في دعم فناني بلادها من خلال هذه المبادرة، وتأسف "لعدم قيام الناس بتقديم بيوتهم لمثل هذه المبادرات الفنية" وترى ياسمينة أن الفضاء العام في المغرب لا يتم استغلاله كما يجب خدمة للفن، رغم وجود أماكن جميلة "إلا أنها لا تفتح في وجه الفنانين".
ومع الإشارة إلى قلة أماكن عرض الفنون تضيف ياسمينة أن الفنانين المغاربة في حاجة إلى الدعم. وتسعى ياسمينة من خلال هذه التجربة إلى تسليط الضوء على فنانين غير مشهورين في المغرب وأيضا على فنانين مغاربة يعيشون في الخارج وغير معروفين في وطنهم، "فنحن نرى دائما نفس الوجوه، لذلك دعوت فنانين لتعريف الناس بهم وليس لأغراض تجارية".
يقول فؤاد بلامين، فنان مغربي مشارك في هذا المعرض في حديث له مع DW / عربية إنه يرحب بمثل هذه المبادرات النشطة لأنها تخدم الفنانين الشباب بالخصوص ويضيف قائلا: " كفنان من جيل آخر يشرفني أن أشارك مع الشباب في تجارب معاصرة مثل هذه". ويضيف الفنان المغربي أن هذا المعرض يساهم في بلورة مجموعة من القدرات الفنية للشباب. "إنها مباردة مميزة وأحييها، فقد سمحت صاحبة البيت بتغيير أكثر من جناح في بيتها، لقد تم تغيير أكثر من نصف البيت، من يستطيع ردم بيته من أجل الفن؟"
الفن والرقابة
أما الشابة غيتة، التي زارت المعرض أيضا فهي تؤكد أنها لأول مرة تقوم بزيارة معرض فني بهذا الشكل "الفكرة جذبتني كثيرا، فنادرا ما نسمع في مجتمعنا بقيام شخص بالتبرع ببيته من أجل الفن، إنها خطوة متميزة". وتعبر غيته عن اندهاشها من الجرأة التي تميز المواضيع المطروحة في المعرض وتقول: "لاحظت وجود تميز وجرأة وبشكل غير معهودة في المعارض العادية" وهو ما تؤكده ياسمينة أيضا بالقول "إذا استدعيت فنان لعرض أعماله فيتعين عليك إعطاؤه الحرية الكاملة في عرضها، هذا هو الفن لا يمكن أن نأخذ منه ما نريد ونترك ما لا نريد" وتضيف ياسمينة قائلة: "هناك صور معروضة في بيتها لا يمكن رؤيتها في مكان آخر في المغرب بسبب الرقابة"، وهي تعني بذلك بعض الأعمال التي تعرض تفاصيل أجساد عارية، "لأن الجميع خائفون من كل شيء". أما الفنان فؤاد بلامين فيعتقد أنه بغض النظر عن اختلاف الآراء ومن يقف مع أو ضد الأعمال المعروضة فإن "المهم في الأصل هو المبادرة، لأنها خطوة غير مسبوقة".ويضيف قائلا "أنا ممن يعتبر أنه لا يمكن الاعتماد فقط على وزارة الثقافة والسلطات الحكومية في تطويرالمواهب، فعلى القطاع الخاص أن يساهم أيضا في ذلك وباستطاعته أن يلعب دورا مهما في خدمة المواهب الفنية الشابة ".