الملف الليبي.. الحاضر الغائب في مؤتمر ميونيخ
١٥ فبراير ٢٠٢٠كما هو الحال في مؤتمر برلين الذي انعقد في يناير/ كانون الثاني الماضي، حضرت القوى الخارجية فيما غابت أطراف الصراع اللييبية نفسها عن طاولة الحوار. من جانبها، اعتبرت وزارة الخارجية الألمانية أن ما سيتمخض عنه مؤتمر ميونيخ الدولي سيكون بمثابة استكمال للجهود الدولية الرامية إلى إنهاء التدخلات الخارجية في ليبيا وضمان تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي الخاص بوقف صارم لإمداد طرفي الصراع بالسلاح.
وتشارك نحو 500 شخصية في المؤتمر، بينها 35 من قادة الدول، في هذا المؤتمر.
عودة قوية للوساطة الألمانية
تحاول الحكومة الألمانية الضغط في اتجاه حل سياسي شامل للأزمة الليبية، وهو ما عبرت عنه رعايتها لمؤتمر دولي في برلين في التاسع عشر من يناير/ كانون الثاني الماضي، ما اعتبره خبراء "نصراً" للوساطة الألمانية على جهود فردية لبعض الدول من أجل استضافة مؤتمرات على أراضيها.
كما أعلن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس اليوم السبت (15 فبراير/ شباط 2020) عن عقد اجتماع على المستوى الوزاري تشارك به قوى دولية وجهات إقليمية فاعلة، يعتبر الأول بعد مؤتمر برلين لبحث آليات لمراقبة تنفيذ مخرجات المؤتمر والالتزام بحظر توريد الأسلحة إلى طرفي النزاع. ويتوقع إن يكون من بين الحاضرين وزراء خارجية الولايات المتحدة وروسيا وتركيا وإيطاليا وفرنسا.
ترطيب الأجواء
وبالإضافة إلى الجلسات الرسمية لمؤتمر ميونيخ، يُعقد الكثير من اللقاءات الجانبية بين الساسة وقادة الدول والحكومات. أحد هذه اللقاءات سيجمع بين وزيري خارجية روسيا، سيرغي لافروف، وتركيا، مولود جاويش أوغلو، لمناقشة التصعيد العسكري في إدلب بسوريا والسعي لترطيب الأجواء بعد انتقادات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لروسيا واتهامه لها بإدارة الحرب في ليبيا وفرق مرتزقة على أعلى مستوى.
وكانت روسيا قد أكدت، في بيان لوزارة خارجيتها، على التزامها بمخرجات مؤتمر برلين، وأن أي مساع أحادية الجانب لن تساعد على إيجاد تسوية للصراع هناك. لذلك جاء تصريح وزير الخارجية التركي، في اجتماع بينه وبين نظيره الألماني ماس السبت، أكثر هدوءاً، إذ صرح جاويش أوغلو بأن "الحل (في ليبيا) لا يمكن أن يكون عسكرياً، ونحن نسعى لوقف إطلاق النار".
الأوروبيون بديلاً للقوى العظمى
وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، كان قد أعلن في كلمة في مؤتمر ميونيخ الجمعة عن استعداد دول الاتحاد الأوروبي للمساهمة في تنفيذ الاتفاق الأممي لوقف إطلاق النار في ليبيا، وأن اجتماعاً سيعقد يوم الأحد للدول الأعضاء في" مسار برلين من أجل ليبيا" لاستكمال أعمال مؤتمر برلين في يناير/ كانون الثاني الماضي.
هذا التوجه يعكس رغبة الاتحاد الأوروبي في أن يصبح أكثر نشاطاً في الصراعات الدولية، لاسيما في ظل الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة دونالد ترامب، والتي يبدو أنها تحاول النأي بنفسها عن كافة الصراعات واعتماد توجه وصفه الرئيس الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، في خطابه الافتتاحي لمؤتمر ميونيخ، بـ"الأناني" والهدام للنظام العالمي.
لذلك لم يتوان هايكو ماس عن استخدام لغة لم يسمعها العالم من الألمان لفترة طويلة، وذلك أجل توضيح التوجه المستقبلي فيما يخص الصراعات الدولية، إذ قال إن بلاده مستعدة أيضاً "للمساهمة بشكل أقوى، وحتى عسكرياً" في إنهاء الصراعات المختلفة، ولكنه أضاف أن هذا التواجد العسكري يجب "أن يكون ضمن منطق سياسي واضح".
"مصالح ألمانيا يجب الدفاع عنها في العراق أوفي ليبيا.. أو في منطقة الساحل، ولكن أيضاً على طاولات المفاوضات في نيويورك أو بروكسل". هذه الجملة قد تحدد سياسة ألمانيا الخارجية والعسكرية ربما لسنوات مقبلة، ليس فقط في ليبيا، بل في مختلف الصراعات والأزمات حول العالم.
ياسر أبو معيلق/ ميونيخ