الملف النووي الإيراني يتجه إلى مزيد من التعقيد
قال الرئيس الامريكي جورج بوش في التلفزيون الاسرائيلي انه قد يبحث استخدام القوة كملاذ أخير للضغط على ايران للتخلي عن برنامجها النووي. وقال بوش الذي كان يتحدث في مزرعته في كروفورد بولاية تكساس في مقابلة اذيعت اليوم السبت "كل الخيارات مطروحة على المائدة". وعندما سئل ان كان ذلك يتضمن استخدام القوة رد بقوله "كما قلت جميع الخيارات مطروحة على المائدة. واستخدام القوة هو الخيار الاخير لاي رئيس وكما تعلمون استخدمنا القوة في الماضي القريب لتأمين بلادنا". غير أن بوش أضاف "في جميع الاحوال نريد ان تنجح الدبلوماسية ولذلك فاننا نقوم بجهود محمومة في المسار الدبلوماسي وسنرى ان كنا سننجح أم لا".
وكانت ايران قد استأنفت العمل في وحدة تحويل اليورانيوم يوم الاثنين بعد ان رفضت عرضا للاتحاد الاوروبي بمنحها حوافز سياسية واقتصادية مقابل التخلي عن برنامجها النووي. وتقول ايران انها تهدف الى انتاج كهرباء وتنفي اتهامات غربية بأنها تسعى الى صنع قنبلة نووية. ودفع رفض طهران العروض التي قدمها الاتحاد الاوروبي مؤخرا الاتحاد الى احالة الملف الى الوكالة الذرية للطاقة الذرية وهي الهيئة المسؤولة عن المراقبة النووية في الامم المتحدة التي طالبت ايران يوم الخميس باستئناف تجميد أنشطتها النووية.
خيارات أوروبية محدودة
يسعى الاتحاد الاوروبي الى الزام ايران بوقف أنشطتها النووية بتقديم حوافز اقتصادية وعروضا بالحصول على كهرباء. لكن ثبت عدم نجاح اسلوب العصا والجزرة لان واشنطن فقط هي القادرة على تقديم الاتفاقات والتكنولوجيا التي تحتاجها ايران في حين أنها تشكل أيضا تهديدا عسكريا. لذلك لم يتبق للمفاوضين الاوروبيين سوى بدائل محدودة لاقناع ايران بوقف العمل في الانشطة النووية الحساسة وربما يتعين عليهم التوصل الى تفاهم مع طهران بشأن مواصلة برنامجها النووي بينما توشك المحادثات المستمرة منذ عامين على الانهيار. ويقول دبلوماسيون في الاتحاد الاوروبي في احاديث غير رسمية ان استئناف ايران للانشطة النووية الحساسة في الأسبوع الماضي لن يؤدي الا الى انهاء محادثاتها مع الثلاثي الأوروبي الذي يضم بريطانيا وفرنسا وألمانيا التي كانت تسعى لمنع ايران من إنتاج قنبلة نووية.
ويقول بعض المحللين ان تغير المناخ في طهران منذ انتخابات الرئاسة في يونيو/حزيران الماضي يجعل تقييم نوايا ايران أكثر صعوبة مع احتمال احالة الملف الى مجلس الامن وهي خطوة قد تؤدي الى فرض عقوبات. واتخذت ايران التي لجأت الى أساليب حافة الهاوية خلال محادثاتها مع الاتحاد الاوروبي موقفا أكثر تشددا منذ انتخاب الرئيس المحافظ محمود أحمدي نجاد الذي يخشى الاوروبيون من أنه قد يبدأ فترة من المشاعر المعادية للغرب الاكثر تشددا. غير أن الدبلوماسيين ليسوا متأكدين مما اذا كان استئناف ايران العمل في انتاج الوقود النووي حيلة تفاوضية أم نهج جديد. ولا يشك سوى قليل من المحللين في تصميم ايران على تطوير برنامج نووي سواء كان مدنيا خالصا أم لاغراض أخرى.
تمسك ايراني
قابلت ايران قرار منظمة الطاقة الدولية الأخير بالرفض الشديد، وقال اكبر هاشمي رفسنجاني احد ابرز قادة الجمهورية الاسلامية، امس الجمعة ان قرار بلاده معاودة نشاطاتها النووية الحساسة "لا رجوع عنه"، محذرا من "الشروط الجديدة" الاقليمية التي فرضها الغرب الذي يعارض مشاريع ايران. وقال الرئيس الايراني السابق في خطبة الجمعة متوجها الى الغربيين "ليكن واضحا في اذهانكم انه لا يمكنكم التعامل مع ايران كما مع العراق وليبيا". وجدد مطالبته بحق ايران في استئناف عملية التخصيب بما يتلاءم ومعاهدة الحظر النووي، مكررا ان الانشطة التي بدات الاثنين الفائت تشكل الجزء الاقل حساسية في دورة انتاج الوقود النووي وكل الامور ستخضع لمراقبة مشددة من جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وقال رفسنجاني "لا احد يستطيع ان يجارينا في الشفافية" ولكن "الاكيد اننا لن نكون اهلا للثقة" مهما فعلت ايران.
الخطوة التالية
عمليا ستكون الخطوة التالية في الثالث من سبتمبر/ايلول عندما يقدم محمد البرادعي المدير العام للوكالة تقريرا حول انشطة ايران. واذا استمرت ايران في تحدي المطالب الدولية فسيعقد اجتماع اخر للوكالة حيث ستعمل أوروبا وواشنطن على احالة ايران الى مجلس الامن وهو ما لم ترد اشارة بشأنه في قرار الوكالة الدولية يوم الخميس. وتتواصل الدبلوماسية الأوروبية بشكل محموم لتدعيم الموقف الأوروبي وسط مخاوف من عدم التزام إيران. وقال دبلوماسي بالاتحاد الأوروبي "نعمل الآن لضمان أن تظل إيران في الحظيرة ونحشد الدعم لإحالة الملف لمجلس الامن". ومع هذا فان الدبلوماسيين الغربيين ليسوا واثقين من تأييد الصين وروسيا لاي عقوبات تفرضها الامم المتحدة على طهران وفي هذه الحالة فان الاتحاد الاوروبي قد يفرض العقوبات الخاصة به.
ويتوقع عدد من المحللين عودة للمفاوضات على المدى البعيد على الأقل لان المخاطر شديدة. وقال مارك ليونارد من مركز الإصلاح الأوروبي بلندن "الدبلوماسية ستعود في لحظة ما لان أحدا لا يريد أن يكون لايران برنامج نووي غير مقيد". ويقول محللون ان ايران تريد فيما يتعلق بكبريائها الوطني تجنب احالة الملف لمجلس الامن. ولاجل هذا تعاونت مع الوكالة الدولية خلافا لكوريا الشمالية. حتى واشنطن التي تتبنى سياسة أكثر تشددا تبدي استعدادها لإعطاء المحادثات وقتا أطول. ويعتقد قلة من المحللين أن تكون الولايات المتحدة المتورطة في العراق على وشك شن هجمات على منشات إيرانية أو حتى توافق على هجمات إسرائيلية.
دويتشه فيله+وكالات