المواصلات في القدس.. وسائل خوف متنقلة
٣٠ نوفمبر ٢٠١٤تزداد مشاعر الخوف والقلق لدى الكثير من سكان مدينة القدس في الفترة الأخيرة، خاصة في المناطق التي يعمل فيها عمال وموظفون عرب داخل المناطق ذات الأغلبية الإسرائيلية، ويذهب بعض الإسرائيليين إلى حد المطالبة بطرد العمال العرب من مناطقهم وأحيائهم.
وتبدو هذه المشاعر في أوجها لدى سائقي المواصلات العامة وسيارات الأجرة، العرب الذين يشكلون أكثر من 50% من السائقين داخل المدينة. وتعتبرهذه الفئة(السائقين)على الخط الأول للاصطدام مع الإسرائيليين بسبب دخولهم جميع المناطق بسياراتهم وحافلاتهم، إضافة إلى عمل بعضضهم في مناطق المستوطنات. ويشعر هؤلاء السائقين بالخوف خاصة عند عملهم في ورديات بساعات متأخرة من الليل.
أجواء خوف
تنامت مشاعر الخوف لدى السائقين العرب بعد مقتل زميلهم يوسف رموني قبل أكثر من أسبوعين أثناء عمله، وبحسب رواية الشرطة الإسرائيلية فان يوسف الرموني أقدم على الانتحار، إلا أن الجهات الفلسطينية والمقربين من الرموني يؤكدون أنه قتل على يد إسرائيليين متطرفين.
ولا يخفي عادل الديسي، أحد سائقي الحافلات في القدس، مشاعر الخوف التي تنتابه وزملاءه أثناء العمل، ويصف الوضع بأنه مثير للقلق ومتوتر بعد مقتل الرموني ويوضح: "أصبحنا نشعر بأننا ممكن أن نخرج من البيت للعمل ولا نرجع، فبات أفراد العائلة والأصدقاء يتصلون دائما للاطمئنان خوفا من الأجواء المتوترة، ويطلب بعض الأقارب والأصدقاء من السائقين بترك العمل والاستقالة لان حياتهم أهم من العمل".
ازداد الوضع سوءا بعد عملية الكنيس بحسب الديسي ويقول: "أصبح بعض اليهود يدخلون إلى مواقف الباصات ويسألون عن وجود سائقين عرب، ووجهوا الكثير من التهديدات، أضف إلى الكتابات على صفحات التواصل الاجتماعية الإسرائيلية التي توجه تهديدات ومطالبات بإقالة العرب وهذا يزيد من خوفنا كسائقين".
وفي أوقات الاستراحات والانتظار يقوم السائقون بإبقاء محركات حافلاتهم، من أجل الهروب سريعا في حال شعورهم بالخطر. ويوضح الديسي: "هم لا يقومون بالهجوم عليك بشكل فردي بل يهجمون بشكل جماعي، أضف إلى العنف اللفظي والشتائم التي يتعرض إليها السائقون بشكل يومي".
من جهة أخرى ينتاب الإسرائليين بدورهم الخوف ويعتقدون بوجوب إيجاد حل لهذا المشكل، ويقول يتسحاق ( اسم مستعار) في مقابلته مع DW عربية: "لم تكن العمليات الأخيرة منظمة ومرتبة مسبقا، فجأة قام المنفذون بهذه العمليات وقتلوا إسرائيليين، نحن لا نعلم بما يدور في خاطر السائق وكيف يفكر، وربما هو يريد أن ينزلق بي وبالركاب داخل الحافلة أو يصطدم بأي شيء".
ويرد الديسي من جهته: "لا أعتقد أن سائق الحافلة العربي أن يقوم بعملية ولا أرى أن خوف بعض اليهود في محله، لأننا كسائقين نريد أن نكسب عيشنا وليس القيام بعمليات ضد أي إنسان".
وعقبت الناطقة بلسان الشرطة الإسرائيلية لوبا السمري: "تقوم الشرطة داخل القدس بعمل مهني وحازم في مواجهة كافة محاولات أعمال الإخلال بالنظام في المدينة، ويتم تبادل الحوار مع جهات مختلفة من وجهائها(الأعيان) وشخصياتها البارزة، وعقد لقاءات يتم من خلالها طرح ومناقشة عدد من الأمور ذات الصلة. والتعاون قائم حول سبل تعزيز العمل المشترك من أجل الحفاظ على سلامة المواطنين وضمان أمنهم وأمانهم".
وتضيف السمري: "نحث على إبداء المسؤولية وضبط النفس وتهدئة الأوضاع لما فيه من صالح يعود على كافة المواطنين والأطراف، مؤكدين على أن الهدف المشترك هو إعادة الهدوء في شتى أنحاء المدينة، مع ضمان عودة كافة المواطنين إلى مجريات حياتهم الاعتيادية الطبيعية وذلك في شرق وغرب المدينة على حد سواء".
وبحسب السمري فان سياسة الشرطة لا تفرق بين شريحة اجتماعية وأخرى ووظيفتها تطبيق وإنفاذ القانون، وسوف تبقى تعمل على ضمان ذلك بصوره متكافئة ومهنية ونزيهة، كما تقول الناطقة باسم الشرطة الإسرائيلية.
العمل في خط المواجهة
وكمحاولة لتسليط الأضواء على أوضاعهم وظروف الخوف التي تحيط بعملهم، قام أكثر من 120 سائق فلسطيني في القدس بالإضراب لمدة ثلاثة أيام مما أدى إلى اضطراب في نظام المواصلات. يقول الديسي: " أضربنا وفاء لزميلنا في العمل بعد استشهاده، أضف إلى الخوف من الخروج للعمل كي لا نتعرض لما تعرض له زميلنا، وطالبنا وزارة المواصلات بحماية السائقين، مثل توفير حراس أو وضع كاميرات أو أي إجراء آخر".
لكن وزارة المواصلات الإسرائيلية رفضت مطالب السائقين بحسب الديسي الذي يضيف: "خطواتنا لم تأت بأي ثمار ولم يتغير شيء. سمعنا فقط وعودا لكن لا يوجد أي تغيير على أرض الواقع. بل على العكس رأت السلطات بعد الإضراب أن هناك اضطرابا في حركة المواصلات وتحاول الآن توفير بديل عن السائقين العرب". وقد توجهت DW عربية إلى وزارة المواصلات الإسرائيلية بالسؤال حول توفير الحماية للسائقين، إلا أن الوزارة رفضت التعليق.
من جهة أخرى يطالب يتسحاق بإقالة الفلسطينيين من أعمالهم لان تواجدهم يخيفه ويوضح: "العرب يستطيعون التجول داخل المناطق اليهودية بحرية ودون أي قيود، وفي المقابل نحن لا نستطيع الذهاب إلى مناطقهم لأننا نخاف، وما يدعونه من خوف هذا شأنهم وليس شأننا، وإذا كان العامل أو السائق يخاف فببساطة فليترك العمل".
ويقول يتسحاق إنه لا يتفق مع أولئك اليهود الذين يقومون بشتم وضرب العرب، لكنه يرى في إقالتهم شعورا بالأمن حتى لو كلفه المزيد من الانتظار في محطة الحافلات، ويقول: "أهم شيء أن أصل البيت وأنا على قيد الحياة، لا أريد معاقبة الجميع لكن باختصار أنا أشعر بالخوف، ومن لا يريد الالتزام بالقانون فعليه الذهاب إلى مناطق السلطة الفلسطينية".