الناشطة البحرينية آلاء الشهبي: "تعرضت أنا وزملائي للتجسس"
٩ ديسمبر ٢٠١٣عربية DW: شاركت مؤخرا في ندوة نظمتها أكاديمية DW حول الحماية الرقمية للصحفيين. هل يمكن الحديث عن وجود حماية للصحفيين في العالم العربي أو البحرين على وجه الخصوص؟
آلاء الشهابي: لا توجد هناك حماية كافية للصحفيين والمدونيين في البحرين. فنحن في منظمة (البحرين ووتش) رصدنا ثلاثة أنواع من الاختراق أو المخاطر التي يتعرض لها الصحفي. وتتجلى أولا في محاولة قوات الأمن اختراق الأجهزة التي يعمل بها الصحفي عن طريق زرع أدوات التجسس في أجهزة الحاسوب عن طريق الإنترنت. وهذا النوع من الاختراق يطال أي وسيلة اتصال بما فيها الهواتف والرسائل القصيرة. وكانت لدي تجربة خاصة في هذا الإطار، حيث حاول جهاز الأمن في البحرين أن يرسل لي برنامج تجسس لمراقبتي، غير أننا نجحنا في اكتشافه. وهناك ناشط آخر أيضا وهو عبد النبي خنجر الذي اقتيد إلى غرفة التحقيق وفوجئ هناك بأن أجهزة الأمن لديها كل مراسلته الهاتفية.
التحدي الآخر الذي يواجهه الصحفيون في البحرين يتمثل في محاولة كشف هوية الشخص الذي يستخدم الإنترنت. ويتم ذلك من خلال إرسال وصلة حين يتم ضغطها تكشف عن هوية الشخص من خلال العنوان الرقمي للحاسوب الذي يستخدمه ذلك الشخص. ويتم ذلك بمجرد الضغط على هذه الوصلة.
ما الذي تقومون به لمواجهة مخاطر التجسس؟
أول شيء قمنا به هو الفحص التقني والمراقبة التقنية لللإجراءت التي تقوم بها أجهزة الأمن. فنحن لدينا خبراء تقنيين من أحسن الخبراء الموجودين في العالم، من بينهم واحد من خبراء شركة غوغل. والآن أصبح لدينا في منظمة البحرين ووتش طاقم كبير من الخبراء يقومون بمراقبة الوضع في البحرين ويرصدون أنواع البرامج والتقنيات التي تستعملها الأجهزة الأمنية. فكما أصبح معروفا، هناك العديد من الشركات في العالم تقوم ببيع برامج التجسس للأنظمة وتحقق أرباحا من خلال ذلك.
هل هناك جهة في البحرين يلجأ إليها الصحفيون في حال تعرضهم لانتهاكات أجهزة الأمن؟
هناك مجموعات تسمي نفسها المادة 19، وهي مجموعة من صحفيين مستقلين يطالبون بحقوقهم. وهناك أيضا زميلة أخرى تشرف على مشروع يحمي الصحفيين. غير أن الوضع الأمني في البلاد ومنع حرية التجمع والتعبير يجعل تأسيس منظمات مستقلة في البحرين أمرا صعبا. فالسلطة هناك تحاول أن تسيطر بشكل كلي على المجتمع المدني. غير أن ذلك لا يمنع من وجود مجموعات تعمل في الخفاء بعيدا عن أعين السلطة، تحاول أن تحمي الصحفيين وتمنحهم الدعم للقيام بعملهم.
شهدت البحرين في الفترة الأخيرة حراكا سياسيا أدى إلى إطلاق الحوار الوطني بين المعارضة والحكومة، كيف ساهم الصحفيون والمدونون في هذا الحراك؟
الصحفيون والمدونون هم من يرصد الأحداث في البحرين بشكل يومي. فالإعلام العالمي الخارجي لا يسمح بتغطية الأحداث في البحرين. كما أن الأنظار غير موجهة بتاتا إلى البحرين. حيث لا نسمع عن هذا البلد في وسائل الإعلام الدولية سوى مرة أو مرتين في السنة. لذلك فإن الصحفيين المحليين يقومون بمهمة صعبة تتمثل في تغطية الأحداث وخصوصا الانتهاكات والمظاهرات التي تحصل بشكل يومي. كما أن المصورين يقومون بتوثيق المظاهرات التي تجري في القرى لنشرها على الأقل في إحدى الصحف المحلية والصحف البحرينية الموجودة في الخارج. أو يقومون بتدوينها بشكل فردي. لقد ساهم الصحفيون منذ انطلاق ثورة 14 فبراير في توثيق ونقل ما يحصل داخل البلاد للعالم في ظل غياب التغطية الدولية للأحداث في البحرين. وقد قامت منظمة البحرين ووتش برصد قائمة تضم أكثر من 230 صحفيا أو ناشطا منعوا من دخول البحرين. وأنا أتوقع أن هذا العدد أكبر بكثير وقد يفوق 500 شخص ممن منعوا من الحصول على تأشيرة أو تم إيقافهم في المطارات. ومن بين الأشخاص الذين منعوا من دخول البحرين، الصحفي ميك كريستوف من نيويورك تايمز. والهدف من كل ذلك هو منع العالم من متابعة ما يحدث في البحرين وتزييف الصورة الحقيقية للأحداث الجارية هناك.
كيف انعكس هذا الحوار على وضع المدونين في البحرين. هل تحسن وضعهم مقارنة مع فترة ما قبل الحوار الوطني؟
لم يتحسن الوضع بل ازداد سوءا. أنا أعرف أربعة أو خمسة مدونين تم اعتقالهم وتعذيبهم داخل السجون، مثل المصور حسين حبيل الذي مازال في السجن وقدم للمحكمة باتهامات مثل التحريض على كراهية النظام وبث إشاعات كاذبة، وهي تهم توجه لكل من يقوم بالعمل الصحفي المستقل. عندما لا توجد حرية تعبير فإن الصحافة تعتبر في بعض الأحيان جريمة. فاستخدام الهاتف والكاميرا لتوثيق الأحداث يعرض صاحبه للاعتقال. والتهم جاهزة، مثل نشر إشاعات كاذبة والتحريض على كراهية النظام.
هل يعني هذا انعداما كليا للصحافة المستقلة في البحرين. خاصة وأنه من المعروف وجود بعض المنابر الصحفية المستقلة مثل صحيفة الوسط مثلا؟
فعلا، صحيفة الوسط هي صحيفة مستقلة لكنها خاضعة لشروط الصحافة البحرينية، وتفرض عليها شروط معينة في تغطية الأحداث. لكن حتى هذه الصحيفة تم إغلاقها بعد أحداث 14 فبراير وقدم رئيس تحريرها للمحاكمة. وبالرغم من أن تقرير اللجنة المستقلة التابعة للمنظمة البحرينية لحقوق الإنسان، أو ما يطلق عليه تقرير "بسيوني"، تحدث عن عدم وجود حرية الصحافة وانعدام التصريح للمعارضة بتأسيس قناة أو صحيفة خاصة بها. فإنه لا يزال يمنع في البحرين تأسيس قناة خاصة أو صحف معارضة.
كيف هو واقع المرأة الصحفية في البحرين وما هي أهم المشاكل التي تتعرض لها؟
هناك حضور قوي للمرأة الصحفية في البحرين. هناك صحفيات مقتدرات ومعروفات ولديهن اسم دولي مثل نزيهة سعيد وريم خليفة، وهناك كاتبات يكتبن في الصحف الوطنية مثل صحيفة الوسط أو في صحف أجنبية، مثل ندى الوادي. غير أن الكثير من الصحفيات البحرينيات يتعرضن للمضايقات مثلما حصل مع نزيهة سعيد التي تم اعتقالها في بداية الأحداث في 2011. واقتيدت إلى مركز الشرطة واحتجزت لمدة ثماني ساعات، وتم تعذيبها بشكل مباشر. وكانت تعمل لصالح قناة فرانس 24. وقد شاهد العالم أعراض التعذيب التي ظهرت على جميع أنحاء جسدها عندما أطلق سراحها. وقد تم توثيق حالة نزيهة في باريس وتم رفع قضية جنائية على المتهمين في الشرطة الذين قاموا بتعذيبها بأوامر عليا. وإلى غاية اليوم لم تأخذ نزيهة حقها في هذه المسألة، بل بالعكس يتم ممارسة المزيد من المضايقات على صحفيات مثل نزيهة، حيث يتم سحب رخصهن ومنعهن من تغطية الأحداث. فعلى سبيل المثال يجري حاليا حوار المنامة، فكم من صحفي مستقل تم السماح له بحضور هذا الحوار؟ فالدولة هي من تختار من يُسمح لهم بالمشاركة في مثل هذه الفعاليات وذلك وفق معاييرها الخاصة. فالسلطة في البحرين تحاول السيطرة على الصحافة من خلال قوانين وضعتها بنفسها تقيد حرية الصحفيين وتعرضهم للعقوبة إذا لم يغطوا الأحداث بالصورة التي تريدها هي.
آلاء الشهبي هي ناشطة ومدونة بحرينية مقيمة في لندن والمنامة
أجرى الحوار: هشام الدريوش
المحرر: عبد الرحمن عثمان