"الجدل حول النقاب يعثر المسيرة الاندماجية"
٢٠ أغسطس ٢٠١٦DW: الأستاذ بريز، كتابات كثيرة نشرت في الآونة الأخيرة عن موضوع الاندماج. ما هي العناصر التي ركزت عليها في كتابك الجديد المعنون: " الهجرة والوصول الاجتماعي"
لودغر بريز: في النقاشات بشأن اللجوء والهجرة خلال السنوات العشر الأخيرة كانت هناك بعض العناصر المهمة التي لم تؤخذ بعين الاعتبار: الأمر يتعلق بأناس جاءوا إلينا ولهم تجاربهم الشخصية وخلفيتهم الثقافية، وقد انتظرنا أن ينصهروا في المجتمع بأسرع وقت ممكن. كان هذا الوضع موجودا عبر تاريخ هجرة المشردين والنازحين الألمان ( الذين طردوا من شرق أوروبا) بعد الحرب العالمية الثانية، مرورا بفترة استقطاب العمال الأجانب وعودة مواطنين ألمان (من الشرق الأوروبي).
ماذا يعني ذلك عند التعامل مع أكثر من مليون شخص لجأوا إلينا؟
عند الحوار معهم ينبغي أن نعطيهم إمكانية الوصول على الصعيد الشخصي والاجتماعي و الثقافي وليس فقط على الصعيد المادي. ويمكن للكثيرين من بين الذين عاشوا هنا على مدى أجيال طويلة المساهمة في ذلك من خلال تقديم تجاربهم في العملية الناجحة للاندماج. وبذلك يمكنهم المشاركة بشكل أفضل في المسيرة الاجتماعية، كما هو الحال بالنسبة للمنحدرين من أصل تركي وللمسلمين وأيضا بالنسبة للجيل الثاني من العائدين الألمان من شرق أوروبا.
كيف يمكن أن يصبح ذلك أمرا ملموسا؟
العديد من اللاجئين مصابون بالصدمة ويصعب الحديث معهم. وإذا ما تم تنظيم لقاءات على صعيد الأحياء في المدن والجماعات فقد يكون الحديث مع اللاجئين أكثر سهولة. وفي طريق تحقيق ذلك يجب العمل على الجمع بين الناس الذين عاشوا المعاناة والذين نجحوا في العملية الاندماجية.
ماذا لو فشل ذلك؟ فأنت تتحدث في كتابك أيضا عن أعمال العنف الشرسة والعمليات الإرهابية.
تنظيم الاندماج هو طريق مستدام، يجب أن يتم شيئا فشيئا. كما يجب على ثقافة الترحيب أن تمهد الطريق لإنجاح هدف الوصول. وبعد ذلك يأتي الاندماج من خلال فرص المشاركة في سوق العمل وتعلم اللغة الألمانية.
الألمان قلقون من استمرار الهجمات ذات الخلفية الاسلاموية. هل هناك احتمال حدوث ذلك؟
اللاجئون الذين جاءوا في السنوات الأخيرة إلى هنا لهم تجارب تحمل طابع الصدمة. وقد يرتفع مستوى احتمال حدوث ذلك من طرف عدد قليل منهم فيلجأون إلى أعمال العنف والإرهاب. لكن ارتفاع مستوى هذا الاحتمال يمكن تطبيقه أيضا على غير اللاجئين الذين يعانون من مشاكل نفسانية معينة، كما شاهدنا ذلك من خلال الأعمال الإرهابية والقتل العشوائي في مختلف دول العالم. وفقط من أجل الإعادة: لا يتم الاندماج إلا من خلال الوصول الاجتماعي الشخصي والاعتراف بالشخص. وإذا ما نظرنا إلى أحداث الهجمات التي حدثت خلال الأربعة أسابيع الماضية في ألمانيا فسنجد بشكل واضح أن سبب فشل اندماجهم الشخصي يعود بالأساس إلى ذلك.
على خلفية ذلك كيف يمكن تقييم النقاش الحالي في ألمانيا بشأن احتمال منع ارتداء النقاب وإلغاء ازدواج الجنسية؟
السياسيون واقعون تحت ضغط القيام بتحرك ما، وكثيرا ما يتخذون قرارات لا تؤدي إلى الهدف الأساسي. وهذا ما يظهره النقاش حول منع النقاب ومسألة ازدواج الجنسية. موضوع الجنسية المزدوجة ينال اهتمام العديد من الناس المنتمين لثقافات مختلفة. فالذين قاموا بهجمات في باريس وبروكسيل لم تكن لهم جنسية مزدوجة ولكن لم يكونوا مندمجين أو حاصلين على اعتراف مجتمعي بهم. ولذلك فإن إلغاء الجنسية المزدوجة لن يحل المشاكل القائمة. في الخريف الماضي نوقش موضوع ثقافة الترحيب بشكل ساذج. ولكن يجب أن لا نسقط حاليا في المطالبة بمواقف عكسية لا تؤدي إلى الحل الكامل لمشاكلنا.
كيف يُنتظر أن يؤثر هذا النقاش على اللاجئين الذين يودون الوصول إلى الاندماج الاجتماعي؟
على مدى 30 عاما قلنا للعمال الأجانب أنهم عمال ضيوف وأننا لسنا في حاجة إلى إجراءات اندماجية. ونحن الآن نقوم بشكل آخر بإرسال نفس الإشارات الخاطئة من خلال رفض ازدواجية الجنسية. فيما يتعلق بالنقاب فإن حرية ممارسة العقيدة تأخذ مكانة عالية عندنا. وعندما يرتبط الحديث بالرموز الدينية في العموم أو في المحاكم والمدارس فيجب أن يأخذ النقاش طابعا دقيقا. ومن الخطأ القول إن منع ارتداء النقاب قد يؤدى إلى هدف ما. فمثل هذه النقاشات توقف العملية الاندماجية وتصرف الانتباه نهاية الأمر عن المشاكل الحقيقية التي تتجلى في تحقيق الوصول الاجتماعي و الاندماج، حيث يجب على المجتمع أن يساهم كاملا في ذلك.
لودغر بريز: باحث في الدراسات الاجتماعية وأستاذ بجامعة الرور في بوخوم وهو نائب رئيس مجلس الخبراء للمؤسسات الخيرية الألمانية للاندماج والهجرة. في هذا الأسبوع صدر له كتاب بعنوان: " الاندماج و الوصول الاجتماعي"