الهند ـ تدشين معبد مثير للجدل على أنقاض مسجد دمره هندوس
٢٢ يناير ٢٠٢٤حقق رئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي وعدا سعى حزبه إلى تحقيقه منذ عقود طويلة من خلال افتتاح معبد هندوسي مثير للجدل في شمال الهند اليوم الاثنين (22 يناير/ كانون الثاني 2024)، مما يمثل علامة فارقة جديدة في مشروع الزعيم الشعبي لإعادة صياغة الهند كأمة هندوسية أكثر جرأة.
وخطف مودي الأضواء في حفل افتتاح معبد رام في أيوديا، حيث جمع بين الدين والسياسة والعرض المبهر بأسلوب تميز به رئيس الوزراء، واصفا هذا اليوم بأنه "فجر حقبة جديدة".
وذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء أن هذا الحدث يساعد مودي في إطلاق حملته لقيادة الهند لولاية ثالثة في الانتخابات المتوقعة في غضون أشهر.
ومع انطلاق الحفل دخل رئيس الوزراء إلى الحرم الداخليالحرم الداخلي للمعبد وأدى سلسلة من الطقوس أمام تمثال تم سبكه حديثا للإله الهندوسي رام، وهو تمثال يبلغ طوله حوالي 4 أقدام (1.2 متر) مطلي بالذهب ومغطى بالزهور، ويحيط به كهنة يرتدون الأردية برتقالية اللون التقليدية.
وفي وقت لاحق، أمام المعبد، ألقى مودي كلمة أمام حشد مكون من أكثر من سبعة آلاف ضيف، من بينهم رجال أعمال كبار مثل موكيش أمباني وأيقونة بوليوود أميتاب باتشان وغيرهم من النخب. وقال مودي إن "تاريخ 22 كانون الثاني/ يناير 2024 ليس مجرد تاريخ في التقويم بل يؤذن بقدوم حقبة جديدة"، مضيفا: "بكسره أكبال العبودية على البلد أن ينهض ويأخذ العبر من الماضي"، وتابع: "هكذا فقط تخلق الدول تاريخا".
وذكرت وكالة بلومبرغ أنه قد تم بناء المعبد على موقع مسجد يعود تاريخه إلى القرن السادس عشر هدمته حشود هندوسية في عام 1992، وكان المعبد منذ فترة طويلة بمثابة رمزا لنضال القوميين الهندوس، الذين يعتقدون أن المسجد بني على موقع معبد هندوسي أقدم. وتسبب تدمير المسجد بأعمال شغب دينية، أودت بـ 2000 شخص غالبيتهم مسلمون، وهزّ أسس النظام السياسي العلماني الرسمي للهند المعلن رسميا.
ويعتقد متعصبون أن الموقع هو مسقط رأس الإله الهندوسي رام. وبعد معركة قانونية استمرت عقودا بين الجماعات الهندوسية والمسلمة، منحت المحكمة العليا في عام 2019 صندوق ائتماني هندوسي الملكية الكاملة للأرض.
وخارج المعبد كان عشرات آلاف الأشخاص ينشدون ويرقصون ملوحين بأعلام ويطلقون الأبواق ويضربون الطبول في شوارع بلدة أيوديا الواقعة إلى الشمال، فيما كانت مروحيات عسكرية ترش الأزهار. وشوهد عدد قليل من مسلمي أيوديا بين جموع المحتفلين في الشارع، فيما غاب قادة المعارضة. لكن بالنسبة لحزب بهاراتيا جاناتا، الذي يتزعمه مودي، فإن تدشين معبد رام ماندير يمثل لحظة تاريخية في المساعي المتواصلة منذ عقود لجعل القومية الهندوسية راية للقوة السياسية المسيطرة على البلد. وقبل مراسم التدشين "الميمون" قال مودي إن "الإله جعل مني أداة لتمثيل شعب الهند برمته".
وسعى مودي وحزبه إلى الترويج للهندوسية وإعلاء مقامها منذ وصوله إلى الحكم قبل 10 سنوات. وتنتقد شخصيات الحزب بانتظام الفترات السابقة من الحكم الإسلامي على أجزاء من الهند، ويعتبرونها فترة "عبودية"، وكانت أيوديا عنصرا أساسيا في خطابهم.
ورام من أهمّ الآلهة لدى الهندوس وهو ولد بحسب معتقداتهم في أيوديا قبل حوالى 7 آلاف عام في موقع شهد لاحقا تشييد المسجد البابري (مسجد بابري) بمبادرة من إمبراطور مسلم في القرن السادس عشر.
واضطلع حزب بهاراتيا جاناتا الذي لم يكن وقتذاك في سدّة الحكم بدور حاسم في الحملة التي أفضت إلى تدمير المسجد. وكان تدمير المسجد نذيرا بصعود الحزب ومودي كقوة انتخابية لا يمكن إيقافها، ما أدى إلى إزاحة حزب المؤتمر العلماني الذي حكم الهند دون انقطاع تقريبا منذ الاستقلال عن بريطانيا.
ومن شأن تدشين مودي للمعبد إلى جانب كهنة هندوس أن يعزّز صورته باعتباره حامي العقيدة الهندوسية، قبل الانتخابات التشريعية المزمع انطلاقها في نيسان/أبريل. ويعدّ حزب بهاراتيا جاناتا الأوفر حظّا بأشواط لتحقيق فوز ثالث متتالٍ، خصوصا بفضل سياسة رئيس الوزراء المحابية للهندوس.
وقرّرت أحزاب المعارضة مقاطعة مراسم التدشين، باعتبارها حدثا يكتسي ملامح حملة انتخابية.
وينظر الهنود المسلمون البالغ عددهم 200 مليون، والذين ما زالت أعمال العنف الدامية ماثلة في أذهانهم، بعين الريبة إلى التطوّرات الأخيرة في أيوديا.
ص.ش/ع.ج.م (د ب أ، أ ف ب)