الهندسة الذكية.. في خدمة حماية المدن الكبرى من الإرهاب
٢٣ أغسطس ٢٠١٧أجرت DW حوارا مع أستاذ الهندسة الإنشائية في جامعة الجيش الألماني في ميونيخ نوربرت غيبيكن والذي تحدث عن إمكانية الحد من الهجمات الإرهابية عن طريق إعادة هيكلة المدن. وبناء حواجز لا ترى، من أجل فرض الأمن داخل مراكز المدن الكبرى وعلى الطرقات.
DW: سيد غيبيكن، هل يمكن تأمين مراكز المدن مثل برشلونة، برلين أو نيس ضد هجمات إرهابية بالسيارات؟
نوربرت غيبيكين: في هذه الحالة إن أردنا تحري الصدق، فمن الواجب أن أقول أنه يمكن أحيانا بعد إتباع هذه الإجراءات تخفيف الضرر الواقع من جراء الهجوم، ولكن لا يمكن أن نمنع هذا الهجوم. بعد أحداث 11 سبتمبر وجدت هذه التغييرات، بأن ينطلق انتحاريون من مناطق الحروب إلى أرجاء العالم. لذلك ظهر هذا التساؤل وهو كيف يمكن أن نحمي المجتمع من انتحاريين يرتدون حزاما ناسفا، إلا أن منع هؤلاء غير ممكن عمليا.
كيف يمكن الحد من التأثير إذاً؟
هناك بالفعل إمكانيات مختلفة، مثل بناء إعاقات أو حواجز من أجل منع هجمات السيارات أو الشاحنات. إلا أن هذا لا يعني أنه يجب دائما بناء معيقات او حواجز، بل يمكن أيضا عن طريق تنظيم ذكي للهندسة المعمارية للحدائق والطرق في المدن، بأن نقيم عوائق للحد من الهجمات بدون أن تبدوا بأنها عوائق.
إذا هي نسخة أجمل ؟
بالضبط. ولكن ليس فقط جميلة. نحن نحاول فرض الأمن بمساعدة الأشياء القائمة مثل المقاعد والأكشاك والمصابيح، إجراءات لها عادة تأثير إيجابي على البيئة الحضرية، وعادة ما يشعر الناس بمزيد من الراحة في مثل هذه البيئة الحضرية الخضراء.
ولكن هل يمكن لبعض الأشجار ومقاعد أن توقف شخص ما يريد أن يهاجم حشدا عن طريق شاحنة؟
نحن لدينا فئات مختلفة من العوائق، من الخفيفة وحتى التي تستطيع منع الهجوم عن طريق شاحنة. والسؤال الوحيد هو: هل يحتاج المرء إليه في كل مكان؟ نحن نستطيع أيضا عن طريق هذه العوائق أن نمنع المركبات من تجاوز سرعات محددة. ويمكن ذلك عن طريق إقامة عوائق على الشوارع المفتوحة ما يساهم في تخفيف السرعة. لكن شوارع في برشلونة ونيس تساعد على زيادة السرعة بدلا من تخفيفها.
ولكن إذا أردنا إعادة هيكلة كل الشوارع الفخمة وتغيير مدننا وفقا لهذه المعايير، ألا يعتبر ذلك اعتراف بالخوف من الإرهابيين؟
يمكن الموافقة على هذا الأمر بالتأكيد، ولكن علينا كذلك أن نسأل أنفسنا عن مدى الأمن الذي يمكن أن يتحمله المجتمع. وهل تحد هذه الإجراءات الأمنية التي نريد من حريتنا؟ هذه هي الأمور التي نناقشها باستمرار في مجتمعنا بعد هذه الهجمات. وأعتقد أننا لا نملك حلا واضحا لهذه المسألة حتى الآن.
كيف تختلف درجة التأمين من مدينة لأخرى؟
ثمة مدن في أوروبا تعرضت لهجمات واتخذت إجراءات كرد فعل، وهو ما يراه المرء في لندن على سبيل المثال أو باريس حيث يزيد تواجد الشرطة كما يتم اتخاذ إجراءات معينة. لكن هنا يجب القول أن رد الفعل يكون زائدا عن الحد في بعض الأحيان، ففي برلين على سبيل المثال وبعد الاعتداء الذي وقع هناك، تم عمل حواجز بشكل مفاجئ على جميع أسواق عيد الميلاد حتى في القرى الصغيرة. كان الهدف هو تعزيز الشعور بالأمن أكثر منه خلق الأمن بشكل فعلي.
وماذا عن تأمين الاحتفالات الشعبية الكبيرة؟ هل هذا أسهل؟
تم تفتيش حقائب اليد ومنع الدخول بحقائب الظهر خلال احتفال "أكتوبر فيست" العام الماضي، وهو ما يوضح إمكانية زيادة الإجراءات الأمنية بشكل كبير فيما يتعلق بأحداث معينة. ثمة إجراءات أخرى كوقف تحليق الطائرات وتفتيش الحقائب وهكذا. لكننا لا نرغب في تخويف الناس، فخطورة أن يفقد المرء حياته نتيجة لعمل إرهابي في ألمانيا، هي أقل من تلك الخطورة الناتجة عن الموت بسبب البرق. هذا بالطبع لا يعزي من يصيبه هذا الأمر، لكنني عندما أتحرك في برلين أو ميونيخ، فأنا لا أشعر بأن الخوف يدفع الناس لتجنب أماكن بعينها. المجتمع يتعامل بوعي كبير في الواقع وأعتقد أن هذا هو أكثر الأمور العقلانية التي يمكن للمرء القيام بها.
نوربرت غيبيكن هو أستاذ الهندسة الإنشائية في جامعة الجيش الألماني في ميونيخ. وهو أيضا المتحدث باسم مركز البحوث RISK المتخصص بمخاطر البنية التحتية والأمن والنزاع. وتشمل مجالات خبرته الحماية الهيكلية للسكان من الإرهاب والكوارث الطبيعية.
كارلا بلايكر/ علاء جمعة