"الوثيقة تظهر مجدداً قسوة وتعسف نظام ألمانيا الشرقية"
١٤ أغسطس ٢٠٠٧بعد كشف النقاب عن وثيقة المخابرات الألمانية الشرقية السابقة "شتازي" والمتضمنة على أوامر بإطلاق النار على كل الفارين من الجمهورية الشيوعية السابقة إلى الغرب بمن فيهم الأطفال والنساء تجدد النقاش حول ضرورة إجراء المزيد من التحقيقات الجنائية ضد بعض مسؤولي جمهورية ألمانيا الديمقراطية السابقة. وبهذا الخصوص أعرب مكتب الادعاء العام في برلين عن رغبته في اتخاذ خطوات ضد أعضاء سابقين في حزب الوحدة الاشتراكي الألماني، الذي حكم ألمانيا الشرقية حتى الوحدة الألمانية.
وفي هذا السياق اتفقت النخب السياسية الألمانية على إدانة مضمون وثيقة الشتازي الجديدة، كما دعا الكثير من الساسة الألمان على أجراء تحقيقات قضائية وجنائية للوقوف على حيثيات القضية. وفي سياق ردود الفعل الصادرة عن الساسة الألمان قال زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي كورت بيك: "يجب أن تجرى المزيد من التحقيقات بهذا الخصوص" وأضاف السياسي الألماني أن مجمل النظام السياسي الألماني الشرقي السابق كان "ملطخاً بعمليات القتل".
أما عمدة برلين كلاوس فوفيرايت (من الحزب الاشتراكي الديمقراطي) فقد قال على هامش إحياء الذكرى السادسة والأربعين لإقامة الجدار إن الوثيقة تظهر مجدداً "قسوة وتعسف وإهانة الإنسان من قبل نظام ألمانيا الديمقراطية". وأضاف فوفيرايت خلال الاحتفال الذي أقيم في شارع برناور: "أنه لمن المهم جداً، أننا ما نزال نتذكر حتى الآن وأننا نستخلص العبر من حقبة ذلك النظام الظالم".
من يتحمل المسؤولية؟
وفي هذا السياق أنكر رئيس ألمانيا الديمقراطية السابق أغون كرينتس، في مقابلة مع صحيفة بيلد تسايتونغ الألمانية وجود مثل هذا الأمر، وعلق على ذلك بالقول: "لم تكن هناك أوامر تنص على إطلاق النار". أما غونتر شابوفيسكي، عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الاشتراكي الألماني السابق فقد علق على ذلك بالقول: "سواء وجد أمر لإطلاق النار بصيغة مكتوبة أم لا، فأن الأمر برمته يظهر تعجرف النظام السابق". وأضاف شابوفيسكي في مقابلة مع صحيفة تاغسشبيغل الألمانية قائلاً: "كلنا، حتى أنا، نتحمل ذنب ذلك لأننا لم نقم بأي شيء حيال ذلك".
الوثيقة تشكل دليلاً على انتهاك حقوق الإنسان
لم يقتصر النقاش حول الوثيقة المكتشفة حديثاً على الأوساط السياسة بل تخطاه ليصل إلى المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان. فالناشط في مجال حقوق الإنسان غونتر نوكه يرى في مقابلة مع دويتشه فيله أنه من الطبيعي أن تكون هناك أوامر بإطلاق النار. ويضيف نوكه أنه من غير المستبعد أن ينكر بعض الذين قاموا بخروقات كبيرة لحقوق الإنسان هذا الأمر لأطول مدة ممكنة من الوقت. ويرى نوكه أن مثل هذه الخروقات لابد أن توضع على طاولة المحكمة الدولية في لاهاي للبت فيها، بعد أن تم إثبات أن إطلاق النار على الأطفال والنساء كان بمحض أوامر وليس من قبيل المصادفة.
وعن الجدل الدائر حول اتخاذ إجراءات قضائية بحق المتورطين بهذه القضية يقول نوكه: "أن القضية تتعلق مجدداً بسلم الأوامر داخل وزارة أمن الدولة السابقة، لأن هذه الوحدة المسؤولة عن تنفيذ تلك الأوامر ترتبط بتلك الوزارة"، ويضيف نوكه قائلاً: "إنه لمن المهم أن نتوصل إلى معرفة الشخص الذي أصدر الأوامر".
وفي هذا السياق لمح نوكه إلى دور محتمل لوزير أمن الدولة السابق أيريش ميلكه بالقول: "من المؤكد أن ميلكه على معرفة بالأمر". وفي سياق النقاش الذي دعا إليه بعض الساسة الألمان بعد قرابة 18 عاماً على سقوط جدار برلين، يقول نوكه: "أعتقد أن النقاش يأتي متأخراً بعض الشيء، غير أن ما زال هناك الوقت للخوض فيها، فالمسألة متعلقة بترسخ صورة ألمانيا الشرقية السابقة في الوعي الجماعي لدى جميع الألمان".