الوضع القانوني لقطاع غزة بعد الانسحاب الإسرائيلي
تدرس إسرائيل، وفقا لتصريح وزير خارجيتها سيلفان شالوم لصحيفة كويتية، موضوع "التوجه إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار بأن غزة لم تعد أرضاً محتلة". إسرائيل ستبقى محتفظة بالسيطرة العسكرية والاقتصادية على القطاع براً وبحراً وجواً، ولكنها تسعى من وراء هذا الاعتراف إلى إخلاء مسؤوليتها القانونية المترتبة على الاحتلال وفقا للقوانين والاتفاقيات الدولية.
يتمثل الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة في إخلاء المستوطنات، وإعادة انتشار الجيش الإسرائيلي من داخل القطاع إلى أطرافه، والتمركز عند المعابر المؤدية إليه. وسيخضع القطاع للإدارة الذاتية للسلطة الفلسطينية التي لن يكون لها السيادة الكاملة عليه كما إنها لن تستطيع وفقا لخطة فك الارتباط استخدام الأجواء والموانئ للملاحة. أضف إلى ذلك أنه وفقا لاتفاق مصري إسرائيلي ستقوم مصر بنشر حوالي 750 جنديا على حدودها مع غزة. مما يعني أن غزة ستتحول إلى سجن كبير حسب ما يصفه المحللون السياسيون.
مبررات الاعتراض الفلسطيني
على العكس من ذلك يصر الجانب الفلسطيني على أن قطاع غزة يعتبر وفق معايير القانون الدولي أراض محتلة، ويقع بالتالي تحت مسؤولية الاحتلال من الناحية القانونية حتى اكتمال السيادة الفلسطينة. إذ أن إسرائيل ستظل تتحكم بالقطاع عبر المعابر البرية والبحرية والجوية. وينظر الفلسطينيون إلى الانسحاب عموماً على انه " لا يعني نهاية الاحتلال" حسب تصريح وزير الخارجية الفلسطيني ناصر القدوة. ويشير الوزير الفلسطيني بأنه لا يمكن الحديث هنا عن سيادة فلسطينية كاملة لأن السيادة الحقيقية، حسب تعبيره، تتطلب السيطرة على الأجواء والحدود الخارجية مع العالم. ويطالب القدوة المجتمع الدولي "بالحفاظ على المركز القانوني للأراضي الفلسطينية" بعد الانسحاب الإسرائيلي منها.
الوضع القانوني
لم يحدث أن كان هناك سابقة قانونية مشابهة تماما لوضع غزة. ولعل ذلك يرجع بالدرجة الأولى إلى عدم توفر الإمكانيات الفنية للسيطرة على منطقة خارجية استخدام القوة عسكرية. ولمعرفة رأي القانون الدولي فيما يتعلق بالوضع القانوني لقطاع غزة أثر الانسحاب الإسرائيلي، أجرى موقع دويتشه فيلّه باللغة العربية حواراً مع البروفسور جورج نولته، أستاذ القانون الدولي بجامعة ميونخ. يرى البروفسور نولته أن قطاع غزة ليس جزءاً من دولة إسرائيل، "وهو لم يكن يوماً كذلك، فضلاً عن أن إسرائيل لم تعتبره منطقة تابعة لها." غير أن قطاع غزة محتل من قبل إسرائيل منذ 1967. ومن المعروف عن مصطلح "الاحتلال" أنه يعني سيطرة دولة ما عسكرياً على منطقة ما هي ليست جزاء من أراضيها.
وأضاف "يكون الاحتلال احتلالا حتى لو لم يكن الجنود منتشرون على كل أجزاء المنطقة." على حد قول نولته. والأمر برمته لن يتغير من خلال إخلاء المستوطنات والانسحاب من نقاط السيطرة داخل قطاع غزة. فقطاع غزة سيظل محتلاً حتى بعد انسحاب الوحدات العسكرية الإسرائيلية. لكن سيكون تقييم الوضع سيختلف كثيراً في حالة منح سكان قطاع غزة منفذاً حراً عبر الحدود مع مصر، حسب رأي أستاذ القانون الدولي.
الاحتلال معناه تحمل المسؤولية
أما عن ما ينص عليه القانون الدولي في حالة تخلي اسرائيل عن مسؤوليتها تجاه القطاع فيقول نولته: "في حالة إذ ما ظلت إسرائيل مسيطرة على جميع المعابر المؤدية إلى قطاع غزة، فأنها تتحمل في هذه الحالة المسؤولية باعتبارها قوة احتلال". و لكن وفقاً لتصريحات البروفسور الألماني لموقعنا فإنه إذا حدث مستقبلا ومنحت إسرائيل سكان قطاع غزة الحرية وضمنت لهم الاستقلال، "حينها فقط ستكون في حلٍ من المسؤولية".
د. عبده جميل المخلافي