اليمن: "حلم" الدولة المدنية في غياب أحزاب ديمقراطية؟
١٩ أبريل ٢٠١٢تعد الأحزاب السياسية والمنطات المدنية بمثابة الرافعة الأساسية لقيام الدولة المدنية الحديثة، التي لطالما كانت حلما يداعب مشاعر الديمقراطيين والحداثيين في اليمن منذ عقود، تعرض في سبيله الكثير منهم للظلم والاضطهاد، قبل أن يصبح الحلم هدفا رئيسا للثورة الشبابية السلمية التي اندلعت مطلع العام الماضي بداية من خلال طلاب جامعة صنعاء وعدد محدود من المؤمنين بحلم الدولة المدنية، الذي وصفه أحد المراقبين للمشهد السياسي اليمني ذات يوم بـ " عشم إبليس بالجنة "، في إشارة إلى استحالة تحقق هذا الحلم في أرض الواقع. ولكن وبمرور الزمن وإيمان الثوار بحتمية انتصار حلمهم الذي كان يبدو في نظر البعض مستحيلا، صار الحلم هدفا فشعارا ترفعه كل الأكف وتردده كل الألسن، وتتبناه كل القوى والفعاليات السياسية على اختلاف توجهاتها.
في حديث مع DWعربية، قال الصحفي اليمني عبد السميع محمد رئيس تحرير موقع الاشتراكي نت، التابع للحزب الاشتراكي اليمني أن " مطلب الدولة المدنية برز مع اندلاع الثورة الشبابية السلمية وتطور في ميادين وساحات الثورة". ولكن عبد السميع يعتقد أن المطلب " ظل شعارا غير محدد الملامح". وفيما يرى عبد السميع، أن "القوى المسيطرة على المشهد السياسي اليمني الحالي غير مؤهلة لإرساء دعائم الدولة المدنية"، يؤمن هاني الجنيد سكرتير المنظمة الطلابية للحزب الاشتراكي بجامعة صنعاء - وهو من القيادات الطلابية التي شاركت في قيادة المظاهرات وتنظيم الاعتصامات منذ اللحظات الأولى لانطلاق الثورة الشبابية السلمية- بانتصار"مشروع الدولة المدنية الذي سيكون في يوم من الأيام حقيقة" .
تسلط وإقصاء حزبي
ويعتقد الصحفي الاشتراكي، عبد السميع، أن القيادات الحزبية بما فيها قيادات الأحزاب التي تتبنى قيم الحداثة " تميل إلى التسلط والإقصاء للأخر داخل تجمعاتها وأحزابها ولا تفسح المجال للدماء الجديدة من كوادرها الشبابية، وتعمل خارج التقاليد المؤسسية". ولكن محمد الأشول رئيس الدائرة السياسية في التجمع اليمني للإصلاح بأمانة العاصمة – صنعاء – يرى أن تطبيق الديمقراطية وانتهاج العمل المؤسسي في الحياة الداخلية للأحزاب " يتفاوت من حزب إلى أخر" وإن كان يعتقد أن تحديات كبيرة تحول دون التطبيق الكامل للديمقراطية وممارسة التقاليد المؤسسية على أصولها. وللقضاء على التسلط والإقصاء الحزبي يدعو الصحفي الاشتراكي إلى " إحداث تحول ملموس في بنى التنظيمات السياسية وإعادة بناء الهيئات الحزبية على أسس مدنية ومؤسسية".
الموقف من الدولة المدنية
وفيما يتخوف هاني الجنيد من تحايل بعض القوى الحزبية على مفهوم الدولة المدنية وتقديمها باعتبارها "دولة إسلامية" ويبرر هاني مخاوفه بـ "امتلاك القوى التقليدية للمال والإعلام والفتوى"، يقول محمد الأشول لـ DW عربية " إن الدولة المدنية التي يعنيها حزب الإصلاح هي دولة النظام والقانون، الدولة التي يتساوى فيها جميع المواطنين أمام القانون".
وفيما يتعلق بنظرة حزب الإصلاح للجمع بين المدنية والقبلية، يعتقد القيادي الإصلاحي أن "القبيلة مكون اجتماعي يمني ولا تعارض بينها وبين الدولة المدنية"، مشيرا إلى أن الكثير من المشايخ وزعماء القبائل وأفرادها خرجوا كما خرج بقية أفرد المجتمع اليمني إلى الساحات والميادين العامة للمطالبة بالدولة المدنية التي تطبق النظام والقانون على جميع المواطنين، دون استثناء، حسب تعبير
التأصيل القانوني للدولة المدنية
ومن جانبه يرى نبيل عبد الحفيظ وهو ناشط في المرصد اليمني لحقوق الإنسان، "أن الأحزاب السياسية قادرة على المساهمة في بناء الدولة المدنية رغم المآخذ على تلك الأحزاب". ويعتقد نبيل أن الأحزاب السياسية وخاصة المشاركة في حكومة الوفاق الوطني، تمثل " أحد الضمانات الأساسية لبناء الدولة المدنية الحديثة". ويؤكد الناشط الحقوقي على أهمية " التحرر من التعاطي الإيديولوجي" مع القضايا العامة ذات الصلة بحقوق المجتمع وأفراده.
ويدعو عبد الحفيظ الأحزاب السياسية وخاصة المشاركة في الحكم إلى " التأصيل النظري لمفهوم الدولة المدنية، بإعادة موائمة المنظومة القانونية الوطنية مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان"، مشيرا إلى أن الدولة المدنية هي "نصوص دستورية وقانونية قبل أن تصير سلوك وممارسات يومية".
ولكن الناشطة في المنظمة المدنية "يمن بلا قات" صباح العشيري لا تثق بإخلاص القيادات الحزبية والسياسية المتصارعة والمتشاركة في الحكم للدولة المدنية، معتقدة أن هم الجميع منحصر في "السعي إلى تحقيق مصالح شخصية أو الحفاظ على مكاسب غير مشروعة".
سعيد الصوفي – صنعاء
مراجعة: عبده جميل المخلافي