انتخابات أوروبا وفرص تعزيز مكانة حزب "البديل" بين الشباب
١٠ مارس ٢٠٢٤يُمكن للأشخاص البالغين سن السادسة عشرة القيام بالعديد من الأمور التي تسمح للبالغين مثل شرب الكحول وقيادة الدراجة النارية وشراء هاتف محمول بشكل مستقل. إلا أن التصويت لم يكن مسموحا لهم باستثناء بعض الانتخابات المحلية. غير أن الأمر سيكون مختلفا هذه السنة.
في الانتخابات القادمة للبرلمان الأوروبي بداية يونيو/ حزيران القادم، سيُسمح للشبان البالغين من السن 16 و17 عامًا بالتصويت للمرة الأولى. وقد قررت ألمانيا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022 وبعد مناقشات مطولة خفض الحد الأدنى لسن التصويت في انتخابات البرلمان الأوروبي. وتسمح بلجيكا والنمسا واليونان ومالطا أيضا بالتصويت للشباب في سن مبكرة.
لذا، يسعى مقدمو البرامج التعليمية والمؤسسات إلى الترويج لورش العمل والفعاليات من أجل التوعية وتهيئة الشباب لانتخابات البرلمان الأوروبي، حسب موقع مؤسسة فريدريش إيبرت القريبة من الحزب الديمقراطي الاشتراكي. هناك هدف واضح وهو أن الكثير من الشبان قد يشعرون بالحيرة حول من يجب أن يختاروا وما هي تأثيرات الصوت الانتخابي على حياتهم
حزب البديل ومنصة تيك توك
ومع ذلك، فإن مصدر معلومات مختلف يحتل أهمية خاصة للشباب وهي منصة تيك توك. عبر هذه المنصة يقوم حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف بحملة انتخابية تستهدف الشبان على هذه المنصة.
المرشح الرئيسي لانتخابات البرلمان الأوروبي من حزب البديل، ماكسيميليان كراه، لا يظهر كسياسي فقط، بل أيضًا كخبير في مجال المواعدة للشبان. "الرجال الحقيقيون هم اليمينيون، الرجال الحقيقيون لديهم أهداف، الرجال الحقيقيون هم الوطنيون، ستنجح الأمور أيضًا مع الصديقة"، يقول في فيديو حصل فيما بعد على ملايين المشاهدات. في فيديوهات أخرى، يحذر من أن "والدتك ستكون فقيرة في شيخوختها أو يقول عبر فيديو آخر "الحكومة الاتحادية تكرهك".
رسائل بسيطة وعاطفية
يظهر تحليل أجراه مستشار السياسة يوهانس هيليجه، لقناة ZDF أن مقاطع تيك توك لفرع البرلمان الألماني لحزب البديل من أجل ألمانيا حققت حوالي عشرة أضعاف المشاهدات من تلك الخاصة بالأحزاب الأخرى بالإضافة إلى ذلك ، هناك حسابات لنواب حزب البديل من أجل ألمانيا وللسياسيين المحليين والمؤثرين اليمينيين الذين ينشرون محتويات مشابهة.
"إنه لغز بالنسبة لي لماذا لا تفعل الأحزاب الأخرى سوى القليل بالمقارنة"، قال الباحث الشاب كلاوس هورليمان لـ DW مضيفا " لاسيما وأن الجيل الشاب نشأ رقميًا، ويتفاعل فقط عبر هذا القناة ويستقبل المعلومات السياسية في جوهرها فقط من خلال القنوات الرقمية".
حقيقة أن حزب البديل من أجل ألمانيا ناجح جدا على تيك توك يرجع أيضا إلى الطريقة التي تعمل بها الخوارزميات - فكلما كان المحتوى أكثر وضوحا وجرأة، زاد الاهتمام به. ومن غير المؤكد ما إذا كانت الأطراف الأخرى ستتمكن من اللحاق بالركب.
العديد من المنصات "تكافئ المؤثرين الأوائل بالوصول" ، كما تنشر مدونة رصد وسائل التواصل الاجتماعي/ socialmediawatchblog. هذا يعني أن السباقين سيتم اقتراحهم بشكل أكبر وأكثر من الحسابات التي انضمت في وقت لاحق، وهو ما يمكن أن يكون مضللا.
وبعبارة أخرى، فإنه هذه الرسائل القصيرة والعاطفية التي يبثها حزب البديل تتناسب تماما مع المنطق الوظيفي لوسائل الإعلام الاجتماعية"، كما تقول المدونة.
من الجائحة إلى أزمة المناخ
بالنسبة إلى هورليمان، فإن الأداء الناجح لحزب البديل من أجل ألمانيا بين الشباب ليس مفاجأة كبيرة. وفي تقديره، فإن الناخبين الشباب الذين يدلون بأصواتهم لأول مرة لديهم قاسم مشترك يتمثل في شعورهم بعدم الأمان. لا يزال وباء كورونا الذي رافقه إغلاق المدارس وحظر الاتصال حاضرا بقوة في حياتهم، ويضيف هورليمان: "كان ذلك بمثابة قطع عميق في حياتهم، إذ اختبروا مباشرة بعد سن المراهقة 12 أو 13 عاما أنه لا يمكن للمرء التحكم في حياته الخاصة".
كما تُسبب أزمة المناخ والتضخم وندرة السكن والفقر في الشيخوخة قلقًا للعديد من الشبان. "هذا ما يناسب حزبًا مثل حزب البديل من أجل ألمانيا"، يقول هورليمان. "لأنهم هم الحزب الذي يمكنه أن يشير إلى أن الحكومات لم تنجح في تفادي هذه الأزمات". وقد ظهرت نتائج هذه الوعود في خريف عام 2022 في انتخابات ولاية هيسن الألمانية. حيث حقق حزب البديل من أجل ألمانيا المركز الثاني بين الناخبين الشباب (من 18 إلى 24 عامًا).
جيل منقسم
هذه نتيجة ربما كان يقودها الشباب في المقام الأول. "إذا نظرت إلى حزب البديل من أجل ألمانيا، فإن القضية واضحة تماما. هذا حزب يهيمن عليه الرجال، ومن المرجح أن ينتخبه ويدعمه الرجال. وهذا هو الحال أيضا مع الشباب الأصغر سنا" ، كما يقول باحث الشباب هورليمان.
إن انجذاب الأحزاب اليمينية إلى الشباب ليس ظاهرة ألمانية. وتظهر الأبحاث أن الرجال والنساء في جميع أنحاء العالم أصبحوا أكثر بعدا عن بعضهم البعض سياسيا. وهذا يعني أن الشباب لا يتحركون سياسيا أو يصبحون أكثر تحفظا، في حين أن الشابات يصبحن أكثر تقدمية، وفقا لتحليل أجرته صحيفة فاينانشال تايمز
بالنسبة للانتخابات الأوروبية في بداية يونيو/ حزيران يعتقد هورليمان أن حزب البديل من أجل ألمانيا لديه فرص جيدة، فالشباب ينتخبون لصالح القضايا الاجتماعية التي تشغل الناس، وهنا أيضا، يتمتع حزب مثل حزب البديل من أجل ألمانيا بفرصة جيدة، لاسيما وأنه لا يتم النظر بشكل مكثف من قبل الشباب فيما إذا كانت هذه القضايا في الوقت الحاضر لديها ارتباط أوروبي أم لا".
أعده للعربية: علاء جمعة