انتخابات محلية - صفعة لحزب ميركل أم مكسب لسياستها؟
١٣ مارس ٢٠١٦توضح الخسائر التي لحقت بالحزب الديمقراطي المسيحي الذي ترأسه المستشارة ميركل مدى تأثير أزمة اللاجئين على الارضية الحزبيية في ألمانيا، حيث تغيرت الخريطة الحزبية من خلال نتائج هذه الانتخابات تماماً، وتمكن الحزب اليميني الشعبوي "البديل من أجل ألمانيا"من تحقيق اختراق في الولايات الثلاثة التي أجريت فيها اليوم الأحد 13 مارس/آذار 2016. الانتخابات المحلية. ويبدو من النتائج الأولية أن زمن الائتلافات الحكومية المتعارف عليها سابقا لم تعد قائمة بعد اختراق الحزب اليميني الشعبوي لبرلمانات الولايات في بادن فوتمبيرغ وراينلاند بفالز وخصوصا في ساكسونيا آنهالت بأكثر من 20 بالمائة، حيث من الواضح أن يصبح تشكيل حكومة هناك أمرا معقدا. فالأحزاب التقليدية ترفض أي تعاون مع هذا الحزب اليميني بوصفه "عارا على المانيا"، كما صرح بذلك وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله.
رفض لسياسة ميركل في موضوع اللجوء؟
الإنتخابات المحلية التي شهدتها الولايات الثلاث اليوم ونتائجها وصفت بإنها بمثابة اقتراع على مدى الترحيب أو الرفض لسياسة المستشارة الألمانية ميركل تجاه اللاجئين. فمنذ بداية أزمة اللاجئين والاعلان عن ثقافة الترحيب التي أطلقتها المستشارة الألمانية لم تجرى أية انتخابات برلمانية أو محلية لجس نبض الناخبين في هذا الموضوع بشكل ملموس. وتمثل نتيجة انتخابات اليوم انتكاسة للمستشارة ميركل في الوقت الذي تحاول فيه استغلال وضعها كأقوى زعيمة أوروبية للتوقيع على اتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا لوقف تدفق المهاجرين باتجاه الشمال. وكانت ميركل قد أثارت قلق العديد من زعماء الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي بإقرارها في اللحظات الأخيرة مسودة اتفاق مع تركيا في محاولة لوقف تدفق المهاجرين وطالبتهم بمساندته. والآن وبعد نتيجة انتخابات الولايات الثلاث يتعين عليها أن تسعى بشكل أكبر للحصول على دعمهم مرة أخرى الأسبوع الجاري بهدف إتمام إجراءات الاتفاق لاحقا.
شارك في انتخابات الولايات الثلاثة اليوم الأحد نحو 12.7 مليون ناخب، وهو ما يمثل أكثر من خمس عدد الناخبين في مجموع ألمانيا. وخلال الحملة الانتخابية، كانت قضية اللاجئين من أهم القضايا إلى جانب القضايا الإقليمية، وقد أوضح مرشحو الحزب المسيحي الديمقراطي في كل الولايات الثلاث رفضهم لسياسة ميركل تجاه اللاجئين، وطالبوا خلال الحملة الانتخابية بضرورة اتخاذ تدابير تساهم في الحد من تدفق اللاجئين، على عكس مرشحة الحزب الاشتراكي الديمقراطي مثل دراير أو مرشح حزب الخضر ،كرتيشمان، اللذين كان لهما موقف داعم لسياسة المستشارة ميركل في موضوع اللاجئين خلال الحملة الانتخابية.
خسارة لحزب ميركل ومكسب لسياستها؟
لكن ما هي الدروس المستفادة من هذه النتائج؟ المستشارة الألماينة لا تود تغيير سياستها تجاه اللاجئين، كما أكدت ذلك حتى الآن. وقد يبدو أن حزب ميركل لم يفشل لهذا السبب، لكن الانتخابات في يوم واحد وفي ثلاث ولايات يعكس رأيا عاما تجاه هذه السياسة. كما يعكس هذا الرأي بوضوح ما يحدث في الشارع الألماني. الفائز في بادن فورتمبورغ وراينلاند بفالز هما أولا مرشح الخضر، فينفريد كريتشمان وثانيا مرشحة الحزب الاشتراكي الديمقراطي مالو دراير. كلاهما يساندان سياسة ميركل تجاه اللاجئين، وبالمقابل خسر مرشحا حزب ميركل الرافضان لسياستها في الولايتين. بينما اتجه الرافضون لسياسة ميركل لتقوية حزب يميني شعبوي يرفض بوضوح سياسة اللجوء التي تدافع عنها المستشارة بكل قوة. ارتفاع أسهم هذا الحزب اليميني الشعبوي هو بمثابة حدث غير مسبوق منذ عام 1945 في بلد بحث دائما عن نهج مثالية أخلاقية في السياسات بعد الرعب النازي.
الخبير السياسي كارل رودولف أوضح في القناة الألمانية الثانية وجود سلوكً متناقض لدى الناخب: فمن كان يود دعم ميركل، قام بانتخاب مرشحين من غير حزبها. بينما يرى البرلماني ميشائيل غروسه برومر أن نتائج الانتخابات جاءت ب " الكثير من الظلال" مشيراً في ذلك إلى الاختراق الكبير الذي حققه حزب البديل اليميني الشعبوي. وعلى ميركل الآن التعامل مع هذا الحزب اليميني، وهي تجربة ليست جديدة، فرؤساء حكومات بلدان أخرى، مثل السويد، التي فتحت أبوابها للاجئين قبل ألمانيا وجب عليهم منذ فترة طويلة التعامل مع أحزاب يمينية متطرفة.
من ناحية أخرى، يرى محللون أنه يجب عدم إغفال مؤشر واضح، وهو أن الفجوة بين الولايات في شرق ألمانيا وغربها مازالت واسعة، حتى بعد 25 سنة من الوحدة الألمانية. ولا يظهر هذا فقط في النسبة الكبيرة التي حققها حزب البديل في ولاية ساكسونيا أنهالت، والتي جعلته ثاني أقوى حزب بالولاية، بل أيضاً من خلال التصريحات المنتشرة في الولايات الشرقية بشأن أزمة اللاجئين.
المستشارة ميركل واثقة بأن نفوذ حزب "البديل من أجل ألمانيا" سيتقلص بعد حل أزمة اللاجئين. بينما ترى زعيمة حزب "البديل من أجل ألمانيا" فراوكه بيتري أن حزبها يشكل الآن "معارضة غير موجودة في البوندستاغ"، كما جاء في تعليقها على النتائج الأولية للانتخابات. ويرى عدد من المحللين السياسيين أن ميركل ستبقى الأقوى سياسيا على الرغم من الأصوات المعارضة لها بسبب غياب منافس يستطيع هزمها.