انتشار ظاهرة التسول في ليبيا بعد الثورة
٢٢ مارس ٢٠١٢كان نظام القذافي يواجه بعنف أية محاولة للتسول في ليبيا بدعوى أن الشعب ينعم بثروات بلاده ويعيش حياة الرخاء. فالقذافي ظهر مرة في الإعلام وهو يحاور مجموعة من النساء بالقرب من مسجد مولاي محمد بالعاصمة الليبية طرابلس حيث سألهن: "إنكن تحصلن على معاش من الضمان الاجتماعي فلما التسول" ؟
في هذه الأيام أضحى الأمر غريبا جدا حيث كبر عدد المتسولين. فقد يدخل أحد المواطنين إلى المقهى ويتنقل من زبون إلى آخر، مما يدفع بأصحاب المقاهي إلى طرد المتسول. وهناك من يعرقل حركة السير عند ممارسة التسول بجوار الإشارات الضوئية وعلى مقاطع الطرق، وأحيانا تجدهم في الشوارع وأمام المساجد والمحلات الكبرى في صورة يرثى لها بهدف لاستعطاف الناس وتحريك عواطفهم. وهناك من يعتقد أن هؤلاء يمتهنون التسول وأنهم عصابات تستلهم وجدان الناس وهم ليسوا مواطنين ليبيين.
"إساءة إلى ليبيا بعد الثورة"
بعد أن تم القبض على مجموعة من المتسولات من قبل كتيبة باب طرابلس قال أحد الثوار بالكتيبة عبيد قمام:" أنهن لسن ليبيات ويسئن للبلد، ونحن نحاول بقدر الإمكان محاربة هده الظاهرة من خلال القبض عليهن والتحقيق معهن في مراكز الشرطة. وبعد ذلك تتم إحالتهن إلي الجهات المختصة ويجب أن يكون هناك تعاون بين الجميع من اجل القضاء علي كل الظواهر السلبية في ليبيا".
وأضاف المستشار القانوني بالكتيبة سمير عمر والذي يقوم بالتحقيق مع المتسولات إنه"سوف يأخذ منهن تعهدا بعدم تكرار ذلك، وإذا تكرر الفعل فسوف يتم تحويلهن إلي الداخلية ومن تم إلي مباحث الجوازات لترحيلهن" مضيفا أو التعامل معهن يتم بطريقة إنسانية "بسبب صغر سنهن وحتى لا يقعن قي أيدي العصابات"
أسباب ممارسة التسول كثيرة
تقول (هالة حسن) والتي عمرها 16 سنة وهي من جنسية مصرية أقامت في ليبيا قبل الأحداث أيضا: "امتهنت التسول في الفترة الأخيرة فقط، وقد تعرضت للتحرش من قبل بعض الشباب بسبب صغر سني" وقالت إنها تحصل على أكثر من 30 دينار في اليوم الواحد، أما (صابرين عبد الله ) والتي تبلغ من العمر 21 سنة، وهي مطلقة منذ ثلاثة أشهر وتحمل طفلتها فإنها دخلت ليبيا قبل ثلاث سنوات، وامتهنت التسول بسبب ظروفها، بعد انفصالها عن زوجها، حيث لا يوجد من يعول أطفالها.
وفي أحد الشوارع تقدم إلي شيخ طاعن في السن، يبدو مواطنا ليبيا، وطلب مني بعضا من النقود، بينما قال لي صديقي أنه وجد بالأمس فور خروجه من المسجد امرأة ليبية تطلب صدقة للصرف على أسرتها بعد أن فاقت التكاليف ما تحصل عليه من الضمان الاجتماعي في ظل الارتفاع المتزايد في الأسعار ، كما تحدث إلينا أحد الشباب المتزوجين وقال بأنه يعاني من مشاكل مالية. فقد كان يعمل لدى شركة أجنبية غادرت البلاد فور اندلاع الثورة ولم يعد لديه دخل قار.
من يمارس التسول في ليبيا؟
وتقول الأخصائية الاجتماعية سهير الباروني في مقابلة مع DWأن أغلب المتسولين في ليبيا من غير المواطنين الليبيين وأن هؤلاء يرفضون ما يقدم لهم من صدقات على شكل طعام بل يريدون النقود فقط، وهذا ما يؤكد عدم حاجتهم الملحة. أما بالنسبة فالفقراء من بين المواطنين الليبيين "فكثيراً ما نجد لديهم عزة النفس ولا يسيئون لأنفسهم ولا يهينون كرامة أسرهم كما إن عدد قليل منهم يتسول بدافع الفقر".
ويعتقد السيد نوري حنيش في حديث مع DW أن تفشي هده الظاهرة "انطلق من الأجانب الذين دخلوا البلاد بطرق غير معروفة"، ويضيف أن الملفت للنظر "أنهن فتيات صغيرات السن" واعتبر أن قيام المواطنين بتقديم دعم للجمعيات الخيرية والتبرع لها أفضل من إعطاء صدقات لهولاء المتسولين، لأن دعم هده الجمعيات يعود بالفائدة علي المواطن الليبي وعلى الأشخاص الذين هم حقا في حاجة إليها. ويؤكد المتحدث „على ضرورة متابعة هولاء المتسولين من طرف الجهات المسئولة و مراقبة منافذ الدخول من أجل سلامة وأمن ليبيا"، كما طالب المواطن أحمد أبوبكر المجلس الانتقالي والحكومة بالرفع من مستوى العناية بالمواطن وتأمين حياة كريمة له، وقال إن أموال الصدقات يجب أن توجه إلي وزارة الأوقاف قبل توجيهها الى المحتاجين، " فدخل ليبيا كبير ويكفي لسد حاجات كل الناس".
عصام الزبير - طرابلس
مراجعة: عبدالحي العلمي