Iran Unruhen
١٦ فبراير ٢٠١١أحمدي نجاد يخاف معارضيه، ولذلك جرى منع مظاهرة التضامن مع الحركة الديمقراطية في مصر، وقامت قوى الأمن بمحاصرة زعيمي المعارضة موسوي وكروبي في طهران. ولجأ النظام إلى التشويش على برامج الأقمار الصناعية وشلّ عمل شبكات الهواتف المحمولة. بكلمة واحدة جرى عمل كل ما يمكن أن يمنع قيام مظاهرات. لكن عبثاً، ورغم التهديدات والتواجد الكثيف للقوى الأمنية نزل الآلاف من معارضي النظام إلى شوارع طهران. ووصلت من المدن الكبرى الأخرى أخبار عن حصول احتجاجات فيها أيضا.
والرسالة واضحة: فالموجة الجديدة من المظاهرات في إيران أوضحت بجلاء أن "الحركة الخضراء" حيّة على الرغم من العنف الوحشي والملاحقة السياسية، والهدوء الذي عمّ الشوارع في الأشهر الماضية كان هدوءا خادعا وهشا. والاستياء السائد في إيران هو بحجم الاستياء في تونس ومصر. وحتى العنف والقمع في الشرق الأدنى والأوسط لا يشكلان الوسيلة المناسبة لحل المشاكل الاجتماعية. ويبيّن التطور الحاصل في إيران أيضا أن المستبدين لا يستفيدون من الدروس والعبر.
ولم يفهم الرئيس الإيراني أحمدي نجاد الإشارات الواردة من القاهرة، والتي تتضمن صرخة من أجل الحرية والديمقراطية، مثله مثل شاه فارس قبل 32 سنة. وأحدثت الحركة الديمقراطية التونسية هزّة سياسية في مجمل المنطقة لا تزال تداعياتها تتردد في العالم العربي، ووصلت كذلك إلى إيران الآن. صحيح أن ثمّة فوارق بين تونس وطهران والقاهرة، ولكن هناك قواسم مشتركة أيضا.
والاستياء يطبع حياة الناس في هذه المنطقة، وليس للاستياء طبيعة مالية فقط، وإنما هو ظاهرة معقدة، إذ أنه تعبير عن مجتمعات تسود فيها الوصاية من جانب مستبدين فاسدين وغير مؤهلين لتلمس التحولات وطرح الحلول للظروف المتغيّرة.
ونما في المجتمعات الحديثة جيل جديد هو جيل الانترنت، جيل منفتح على العالم ويتواصل الكترونيا مع نظراء له في كل العالم. ويُجري هؤلاء الشباب مقاربات بينهم وبين شباب الدول الصناعية الغربية، ما يوقظ لديهم العديد من الآمال. وشباب مصر وتونس وإيران يطالبون بحياة كريمة وآفاق مستقبلية، وهي مطالب لا يمكن لأحد أن ينكرها.
ومن الناحية التكتيكية ارتكبت "الحركة الخضراء" في إيران أخطاء لأنها انتظرت مناسبات سياسية ودينية للخروج إلى الشوارع للتظاهر. وحصلت القوى الأمنية على ما يكفي من الوقت لتحضّر نفسها لصد الموجة الاحتجاجية التالية. أما المتظاهرون في مصر وتحت شعار "أيام الاستياء والغضب" فقاموا بأنفسهم في تحديد التوقيت المناسب.
ومن السذاجة الاعتقاد بأن المصريين والتونسيين من خلال طرد مبارك وبن على قد استكملوا متطلبات الثورة وحققوا العملية الديمقراطية، لكنهم خطوا خطوة كبيرة في هذا الاتجاه، وبإمكان حركة المعارضة في إيران التعلم منهم، بل يتوجب عليها، إذ عن طريق ذلك فقط يبقى في إيران ضوء في نهاية النفق.
جمشيد فاروقي
مراجعة: عبده جميل المخلافي