برج مكتف ذاتيا بالطاقة في منطقة الخليج كحل لمواجهة التغيرات المناخية
٢٦ نوفمبر ٢٠٠٧تشكل التدفئة وتسخين المياه نسبة 30 بالمائة من معدل استهلاك الطاقة في ألمانيا، الأمر الذي يجعل الاهتمام بالعزل الجيد للمنازل أمراً ضرورياً، كما يؤكد أندرياس غريس من وكالة الطاقة في ولاية شمال الراين ويستفاليا، قائلاً: "حين يفكر المرء في إجراءات حماية البيئة، يلعب بناء منازل ذات فعالية عالية في توفير الطاقة دوراً كبيراً". وأفضل شكل لتلك المنازل هو ما يسمى حالياً في ألمانيا "المنازل سلبية الطاقة"، فمن خلال إجراءات العزل الجيدة وتصميم النوافذ ووحدات التهوية، يمكن خفض الاستهلاك إلى 20 بالمائة، عما هو في المنازل الاعتيادية، ومن ناحية أخرى هناك إمكانيات مختلفة لتزويد هذه المباني بالطاقة على حد قول غريس.
لكن اعتماد هذه المنازل كلياً على وسائل ذاتية في توفير الطاقة مازال من الأمور التي مازالت من الآمال المستقبلية، والتي يصفها غريس بأنها باهظة التكاليف. إضافة إلى ذلك، فإن هذه المنازل تحتاج إلى خزان هائل للطاقة، لذلك فالحديث عن مثل هذه التقنية اليوم، يعد من الأمور التي ما زالت بعيدة عن الواقع. والحديث عن برج الطاقة، الذي تم تصميمه في أحد المكاتب الهندسية الألمانية ليناسب مناخ دول منطقة الخليج، ما يزال هو الآخر بعيد عن مرحلة التنفيذ.
برج مكتف ذاتياً بالطاقة
من المقرر أن يبلغ ارتفاع البرج 322 متراً وأن يحتوي على مكاتب وشقق وأسواق عدة، إضافة إلى فندق. وقد قام بتصميم البناء مكتب غرير للخدمات الهندسية في مدينة دورتموند الألمانية، ويقول منسق المشروع توماس لوكينغ: "من المفترض أن يقل استهلاك الطاقة في هذا المبنى الكبير بنسبة 60 بالمائة عن معدل الاستهلاك في المباني الاعتيادية الأخرى، أما نسبة الأربعين بالمائة المتبقية فيتم توليدها من خلال وسائل الطاقات المتجددة".
وبهذا ستكون لبرج الطاقة إمكانية الاعتماد الذاتي في مسألة التزود بالطاقة. ومن أجل تحقيق هذا الهدف سيتم إقامة حقل لألواح توليد الطاقة الشمسية على مساحة 4000 متر مربع، وسيتم تصميم هذه الألواح بشكل يمكنها من الدوران حول البناية، حتى تمنع ارتفاع درجة الحرارة داخل المبنى أولاً، وكذلك من أجل توليد التيار الكهربائي. ويضيف لوكينغ قائلاً: "وفي أسفل المبنى توجد أسواق من طابقين أو ثلاثة طوابق، وسيتم كذلك تغطية سقوفها بالخلايا الشمسية تماماً. وبهذا سيكون إجمالي المساحة 8000 متر مربع".
وسائل عدة للاقتصاد في الطاقة
ولتوليد المزيد من الطاقة لتغطية حاجة البرج منها، ستبنى على سطح بحيرة قريبة من البرج، "جزيرة شمسية" مكونة من مرايا منحنية، تستخدم في عملية تسخين المياه داخل أنبوب. وستستخدم الطاقة الناتجة عن ذلك تبريد المبنى. ويضيف لوكينغ بالقول: "أما الجزء المتبقي من الطاقة، فسيتم توليده من خلال توربين موضوع بشكل عمودي على قمة المبنى، يعمل على توليد الطاقة من قوة الرياح".
أما من ناحية الاقتصاد في الطاقة، فإن وحدة التهوية في المبنى لا تعمل بصورة ميكانيكية كما هو الحال في أغلب المباني اليوم، بل من خلال استغلال الرياح. ونظام التبريد يعمل هو الآخر بالاعتماد على الطاقة المتولدة في الخلايا الشمسية المنتشرة حول البرج. وسيتم كذلك استغلال ضوء النهار بشكل مثالي في إضاءة المبنى، من خلال تزويد واجهة المبنى بالزجاج وكذلك من خلال مرايا الدوارة على قمة البرج، التي ستجمع ضوء الشمس وتعكسه من الأعلى إلى الأسفل عبر وسط البناية. ويعلق لوكينغ على ذلك بالقول: "إن أنظمة التهوية والتبريد والإضاءة تعد في مقدمات العناصر المسؤولة عن ارتفاع استهلاك الطاقة في المباني".
وضح حجر الأساس في البحرين
إن برج الطاقة موجود على الورق فحسب، غير أن أمير البحرين قد أبدى رغبة بلده في إقامة المشروع. ويمكن إرجاع ذلك إلى مسألة الاحتباس الحراري وما يتعلق بها من التوصيات بخصوص الاقتصاد في استهلاك الطاقة، بالرغم من أن ارتفاع سعر الطاقة في المناطق المنتجة للبترول ليس كبيراً مقارنة بالغرب.
وعلى الرغم من أن تصميمات المبنى أتت متوافقة مع المناخ في المنطقة العربية، إلا أنه بالإمكان تغييرها لتناسب ظروفاً مناخية أخرى، كما يقول لوكينغ. فمسألة تزويد الواجهة بزجاج عازل يمنع تسرب الهواء البارد إلى الخارج أو يعمل على منع احتباس الحرارة داخل المبنى لا تشكل مشكلة كبيرة أمام المصممين.
كما يجد لوكينغ أن قضية تحديد السعر لا تتعدى كونها مسألة نسبية، ويضيف بالقول: "لا أشك أن الاستثمار في مجال الطاقات المتجددة يعد من الأمور الهامة. فوفق الكثير من التنبؤات سيساهم ذلك في تقليل الكثير من النفقات، إضافة إلى تقليل الخسائر الناجمة عن ذلك، والتي يمكن أن تشكل مستقبلاً كارثة بيئية كبيرة".
لونا بوليفار/إعداد: عماد م. غانم