برلين تطمح للتربع على عرش الموضة عبر "أزياء رفيقة بالبيئة"
٧ يوليو ٢٠١٢لا يتوقف صوت آلة الحياكة في الأتيليه الواقع بحي كرويتسبرغ في برلين، إذ تبدو علامات الترقب والعمل الجاد في المكان. فالقمصان الحريرية والتنورات بألوان الصدأ المنقوشة بالورود معلقة في كل مكان. تتجول سونيا هودتسوده وسارة بورين وهما تحملان إبر الخياطة وأجزاء القماش، فهذا هو وقت وضع اللمسات الأخيرة على مجموعة الربيع والصيف قبل عرضها أثناء أسبوع الموضة في برلين.
وأطلقت المصممتان سوياً العلامة التجارية الخاصة بهما، وهي "بلايم"، سنة 2010، بعد أن عملتا لسنوات طويلة في دور أزياء عالمية مثل "هوغو بوس" و "مارك جاكوبس". وتقول هودتسوده: "وضعنا كافة مدخراتنا في هذا المكان. أول التصميمات بدأت في غرفتي".
وصارت العلامة التجارية الخاصة بالمصممتين الآن من أكثر العلامات شهرة في برلين، إذ إن الإقبال كبير على شراء الفساتين التي تبرز الملامح الأنثوية، لاسيما في باريس أو روما. ولذلك فإن الكثيرين يفاجؤون بمعرفة أن هذه التصميمات الأنثوية موجودة في برلين. حول ذلك تقول بورين: "الكثير من عملائنا يفاجؤون عندما يعرفون أننا ننحدر من برلين، فهم يربطون برلين دائماً بالملابس الرياضية والفضفاضة".
مكان لتعليم المصممين بدلاً من تسويق التصاميم
ولا عجب في ذلك، فلسنوات طويلة كان أسبوع الموضة في برلين يعتمد بشكل أساسي على عرض القمصان العملية وسراويل الجينز التي تصلح للاستخدام اليومي. لكن مع مرور الوقت بدأت تظهر فعاليات أخرى خلال الأسبوع تقدم الأزياء الراقية التي تصلح لمناسبات خاصة.
وربما لا يحرص القائمون على كبرى شركات الموضة العالمية، مثل "غوتشي" أو "أرماني"، على حضور أسبوع الموضة في برلين، لأن العاصمة الألمانية بالنسبة لهم هي في المقام الأول مساحة للتجربة أكثر منها مكاناً للعلامات التجارية التي نجحت بالفعل في حفر اسمها في هذا المجال.
وتحكي هودتسوده عن تجربتها مع الموضة قائلة: "نصبح أكثر إبداعاً عندما لا نضطر للتفكير طوال الوقت في طريقة دفع الإيجار. رخص أسعار المنتجات الغذائية كان دافعنا للبقاء في برلين، بالإضافة إلى الدعم المالي الجيد من المدينة". وتقدم كبرى دور الأزياء بالتعاون مع السلطات في برلين جوائز عديدة للمصممين الشباب خلال أسبوع الموضة. وكانت إحدى هذه الجوائز من نصيب هودتسوده وزميلتها بورن العام الماضي.
وتحاول برلين من خلال هذه الخطوات تحفيز المصممين الشباب على البقاء في العاصمة الألمانية، ويساعدها في ذلك أن بعض العلامات التجارية مثل "لالا برلين"، التي حققت نجاحاً وانتشاراً على المستوى العالمي، الأمر الذي يعتبر دعاية جيدة لبرلين.
ولا يمكن إغفال تأثير الموضة على الاقتصاد أيضاً، فخلال أسبوع الموضة تزداد أرباح الفنادق والمطاعم وسائقي سيارات الأجرة. كما يساهم أسبوع الموضة في إدخال ما يقرب من 1.6 مليار يورو على خزينة العاصمة الألمانية.
موضة رفيقة بالبيئة
هذا وتجتذب برلين أيضاً مصممين من دول أخرى، مثل البلغاري فلاديمير كاراليف، الذي جاء ٍإلى برلين سنة 2001 بهدف دراسة الموضة، وذلك كون مدارس الموضة التسع الموجودة في العاصمة تتمتع بسمعة طيبة، خاصة فيما يتعلق بالعمل اليدوي. لكن تجربة كاراليف مختلفة، فهو يعيش ويصمم في برلين، إلا أنه يكسب من مدن أخرى، فهو يبيع تصميماته في نيويورك وطوكيو وينتجها في وطنه بلغاريا.
الاهتمام بالحفاظ على البيئة قضية حاضرة حتى عندما يتعلق الأمر بالموضة، وهو ما يعبر عنه المصمم دانيال كروه، الذي اتخذ لنفسه طريقاً مميزاً في عالم الموضة، فهو يعتمد على ما يمكن وصفه بأنه "إعادة تدوير" للأزياء. إنه يستخدم معاطف الرسامين القديمة وسراويل العمال وينتج منها بذات رجالية مميزة يصفها بأنها رفيقة بالبيئة. وخصص أسبوع الموضة في برلين قسماً خاصاً لعرض هذه النوعية من الأزياء.
ويقول كروه إن هذا النوع من الإنتاج هو الأكثر نمواً في صناعة الموضة، ويوضح: "يهتم الكثير من الناس بتناول المنتجات الغذائية الرفيقة بالبيئة. كما أن الاهتمام بالحفاظ على البيئة صار ملحوظاً، وبالتالي فهم يقبلون على الموضة الرفيقة بالبيئة، التي يتم تصنيعها بطريقة صحيحة من الناحية الأخلاقية". ويعني هذا أن الأزياء المصنوعة من الفرو مثلاً لم يعد لها مكان، فالكثير من المصممين الشباب يرغبون في تقديم منتجات صديقة للبيئة وأنيقة في نفس الوقت.
ويرى كروه أنه من الصعب أن تدخل برلين في منافسة مع باريس من ناحية التصميم، ولا مع نيويورك من ناحية التسويق، وبالتالي فإن فرصتها الكبيرة في المنافسة هي من خلال الأزياء الصديقة للبيئة.
آيجول تسيميسيوغلو/ ابتسام فوزي
مراجعة: ياسر أبو معيلق