برليناله 2007 .. "الشاهدة" و"إيرينا بالم" يسرقان الأضواء ودي نيرو يدخل عالم الإخراج
١٥ فبراير ٢٠٠٧عندما بدأ الصحافيون أمس الأربعاء باستدراج باول شرادر، رئيس لجنة التحكيم في الدورة السابعة والخمسين لمهرجان برلين السينمائي "برليناله"، ومحاولة ترغيبه في تسريب بعض المعلومات عن رأيه أو رأي بقية أعضاء اللجنة في الأفلام المعروضة، عندها رفع السينمائي العريق إصبعه وخاطب السائلين بالقول:" أترون إصبعي هذا؟ لو قلت لكم أي شيء عن الأفلام المعروضة، لقطعوه." وهذا ما حصل معنا أمس، عندما وجّهنا بعض الأسئلة المماثلة لعضو لجنة التحكيم، الممثلة هيام عباس. صحيح أن السيدة عباس لم ترفض الطلب بهذه الكلمات بالذات، ولكنها رفضت وبحق البوح برأيها في هذا الفيلم أو ذاك، فمن المعروف أن أعضاء لجنة التحكيم يُمنعون من الإدلاء برأيهم في الأفلام، سواء المعروضة في المسابقة الرسمية أو في المهرجانات المرافقة مثل "منبر" أو "بانوراما" أو كامبوس المواهب الشابة". وفي هذه الحالات، يكتفي النقاد السينمائيون وممثلو الصحافة المتخصصة بمشاهدة هذه الأفلام وتبادل أطراف الحديث عنها بين بعضهم بعضا وبالتالي ترجيح حظوظ فيلم على حساب آخر أو الإشادة بأداء أحد الممثلين على حساب زميله هذا أو ذاك. ولهذا فإننا نكتفي قبل ثلاثة أيام من إعلان لجنة التحكيم عن الفائزين بالتوقف على بعض الأفلام التي لفتت انتباهنا وحصلت على استحسان نخبة من المختصين السينمائيين ونبدأ بالفيلم الثاني للممثل المعروف روبرت دي نيرو، الذي دخل عالم الإخراج بعد مشوار تمثيلي طويل.
دي نيرو يدخل عالم الإخراج
ويلقي دي نيرو من خلال فيلم "الراعي الصالح أو الراعي الجيد" (The Good Shepherd) نظرة عميقة على تاريخ تأسيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي إيه" ويغوص فيه مع الممثل مات ديمون (إدوارد ويلسون) في عالم من الأسرار والمكائد. في البداية، يبدو إدوارد ويلسون وبحكم حبه لوطنه الولايات المتحدة وتقديسه لمبادئه وقيمه الرجل المثالي من أجل شق مشوار مهني ناجح في وكالة الاستخبارات حديثة التأسيس. لكن النجاح الذي كلل به مشوار ويلسون وعمله كان له ثمن باهظ وهو التضحية بحياته الخاصة والابتعاد عن زوجته مارغاريت (أنجيلينا جولي) وعن أسرته. "الراعي الصالح" فيلم دخل من خلاله الممثل دي نيرو عالم الإخراج من الباب العريض واستطاع عرضه في أحد أهم المهرجانات السينمائية العالمية. إنه فيلم رصد تاريخ وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بين عامي 1925 و1961. فيلم مشوق، إنساني، يلقي نظرة متفحصة وعميقة على تاريخ تأسيس أضخم أجهزة الاستخبارات في العالم.
الاسم وحده لا يكفي
وعن حظوظ الفيلم في الحصول على بعض جوائز المهرجان والظاهرة الجديدة التي بدأنا نرصدها في قطاع السينما وهي اتجاه ممثلين مشهورين مثل كلينت إيستوود وروبرت دي نيرو وميل جيبسون إلى عالم الإخراج، قالت لنا عضو لجنة التحكيم، الممثلة هيام عباس، إن الدخول إلى عالم الإخراج "لا يعني الحصول على جوائز قيمة، بل هي ضرورة معينة تكون موجودة في نفوس كثير من الممثلين." وأضافت الممثلة الفلسطينية في حديث خصت به موقعنا أن شهرة دي نيرو أو إيستوود "لا تعفيهما من خضوع فلميهما لنفس المعايير التي تخضع لها الأفلام الأخرى" وأن أهم شيء هو أن تكون هذه الأفلام "جيدة من الناحية الفنية وأن يكون الأداء التمثيلي فيها جيد وأن تكون هذه الأفلام متكاملة،" مؤكدة أن اسم دي نيرو أو إيستوود لوحده "لا يكفي من أجل الحصول على إحدى الجوائز القيمة."
"الشاهدة" و"إيرينا بالم" يسرقان الأضواء
ومن السينما الأمريكية إلى نظيرتها الأوروبية، فقد لفت انتباهنا بعد استراحة الشوط الأول من الدورة الـ 57 للمهرجان الدولي فيلمان، الأول فرنسي وهو "الشاهدة" (Les temoins) من إخراج أندري تيشينيه والثاني بلجيكي من إخراج سام إدوارد غاربارسكي ويحمل اسم "إيرينا بالم". وفي حين يسرد الفرنسي تيشينيه في فيلمه "الشاهدة" دراما عائلية ويتحدث فيه عن مرض نقص المناعة المكتسبة "إيدز" والتعامل مع المرض، تظهر الممثلة ماريانه فايتفول في أجمل أدوارها في فيلم غاربارسكي "إيرينا بالم" ويتحدث الأخير من الأرملة إيرينا بالم (50 عاما)، التي تحاول وبجميع الطرق كسب المال من أجل مساعدة قريبها الشاب الذي يعاني من المرض. ومن أجل ذلك، تكون بالم مستعدة حتى للعمل في إحدى محلات الدعارة. وبينما يستمد الفيلم الفرنسي قوته من الموضوع الحساس الذي يعالجه، تضفي فايتفول من خلال أدائها التمثيلي الرائع رونقا خاصا على الفيلم البلجيكي.
إسرائيل في المسابقة الرسمية
في وقت غابت فيه الأفلام العربية عن واحد من أهم المهرجانات السينمائية الدولية، يطل علينا في هذه الدورة مخرج إسرائيلي حاملا معه فيلم يحمل اسم "تحت إطلاق النار" (Beaufort) ويتحدث المخرج يوسف كيدار في فيلمه الثالث الذي يشارك في الـ برليناله عن نشر آخر وحدة عسكرية إسرائيلية في جنوب الدولة العبرية، وذلك قبل الانسحاب من الجنوب اللبناني. ويلقي المخرج من خلال الفيلم نظرة على مخاوف وقلق الجنود الإسرائيليين من الحرب. يوسف كيدار قدم فيلما مقبولا، ولكنه لم يقل فيه الحقيقة أو كل الحقيقة، ففيلم يظهر فيه جنود يتعرضون إلى إطلاق النار ولا يطلقون هم أنفسهم النار هو فيلم منقوص ولا تظهر فيه الحقيقة المطلقة.
وعن أسباب غياب الأفلام العربية عن المهرجان، قالت عضو لجنة التحكيم هيام عباس في المقابلة ذاتها إنه "لا يوجد لديها جواب على هذا السؤال." وتابعت الممثلة بالقول إنها "لا تريد التفكير بصوت عال عن أسباب غياب العرب عن المهرجان،" ولكنها تعتبر ذلك في الوقت ذاته أمرا مؤسفا. وأكدت عباس وجود أفلام عربية قادرة على تمثيل السينما العربية في المهرجانات الدولية، مضيفة أن مهرجان كان الفرنسي منفتح أكثر على السينما العربية. وتساءلت الممثلة عن الأسباب، قائلة إنه ربما يجب علينا توجيه هذا السؤال لأنفسنا والبحث عنها قبل إلقاء اللوم على إدارات المهرجانات التي ربما ترفض بعض الأفلام وتقبل غيرها.