بريطانيا تطوي صفحة بريكست وتبدأ مرحلة جديدة في تاريخها!
١ يناير ٢٠٢١طوت بريطانيا صفحة نحو نصف قرن من التكامل الأوروبي ودخلت اليوم الجمعة مع حلول عام 2021 مرحلة جديدة بعد انجاز خروجها الكامل من الاتحاد الأوروبي بدون أن تظهر عراقيل بشكل فوري في انتظار ما ستحمله الأسابيع المقبلة.
ووعد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، المهندس الرئيسي لبريكست، في مقابلة مع "ديلي تلغراف"، "بعام حافل بالتغير والأمل" بعد أربع سنوات ونصف سنة على استفتاء عام 2016 الذي أحدث انقسامات في بريطانيا، مشيدا باتفاق التبادل الحر الذي أبرمه عشية عيد الميلاد مع بروكسل.
وقال جونسون إن "فرصاً لتحويل" البلاد سيوفرها بريكست الذي أصبح رسمياً نهاية كانون الأول/ ديسمبر الماضي وبات نهائياً عند الساعة 23,00 بالتوقيت المحلي وتوقيت غرينيتش الخميس مع توقف البلاد عن تطبيق قواعد الاتحاد الأوروبي بانسحابها من السوق الأوروبية الموحدة والاتحاد الجمركي.
صباح اليوم الجمعة (الأول من كانون الثاني/ يناير 2021) ومع إبحار أولى العبارات باتجاه فرنسا بقي الهدوء مسيطراً على مرفأ دوفر الإنكليزي من دون أن يشهد اختناقات كان يخشى حصولها بعد خروج المملكة المتحدة من السوق الموحدة والاتحاد الجمركي واعتماد معاملات جديدة على جانبي بحر المانش.
وسلكت حوالي 200 شاحنة النفق تحت المانش ليلاً "من دون أي مشكلة" رغم إعادة فرض المعاملات الجمركية على ما أكدت شركة "غتلينك" المشغلة للنفق.
وقام سائق الشاحنة الروماني الكسندرو ماريسي (29 عاماً) بالرحلة من فرنسا ووصل إلى دوفر فجراً مع شاحنة محملة بـ 23 طناً من الطماطم المغربية. وأوضح لوكالة فرانس برس أن "الوضع طبيعي بالكامل. في أي حال كم شخص تعرفونه يعمل في عيد رأس السنة؟ لا نعرف كيف ستتم الأمور في المستقبل" مشيراً إلى أنه ليس على بينة بالمعاملات الجديدة التي اعتمدتها السلطات البريطانية للعبور إلى جنوب إنجلترا.
انتهاء حرية حركة السلع والأشخاص
ومع أن الاتفاق التجاري الذي أُبرم مع بروكسل لا ينص على نظام حصص أو رسوم جمركية ويتجنب العواقب المدمرة التي كانت ستحصل في حال عدم التوصل إليه، إلا أن التغير فعلي. فحرية التنقل التي تشمل حركة السلع والأشخاص بدون عراقيل عند الحدود توقفت باستثناء التنقل بين إسبانيا ومنطقة جبل طارق البريطانية، وكذلك بين ايرلندا الشمالية وجمهورية ايرلندا.
وبات من الآن فصاعداً يتعين ملء بيانات جمركية والخضوع لعمليات تفتيش صحية للتصدير عبر المانش، والحصول على بطاقة إقامة من أجل الاستقرار على الضفة المقابلة وشهادة صحية للكلاب والقطط التي تنقل مع أصحابها إلى دول الاتحاد الأوروبي.
ورغم هذه القيود الجديدة، وعد جونسون مواطنيه بمرحلة جديدة زاخرة بالوعود وبمكانة أقوى في العالم لبريطانيا بصفتها رائدة في التبادل الحر. وكتب في تغريدة أنه مع ترؤس بريطانيا مجموعة السبع وتنظيم مؤتمر الأطراف السادس والعشرين حول المناخ سيكون عام 2021 "سنة مهمة جداً" لإشعاع المملكة المتحدة.
وأبرمت لندن اتفاقات تجارية مع حوالي ستين دولة بينها اليابان، لكن التسوية التي كانت ترغب بها مع الولايات المتحدة قد تتعثر مع مغادرة دونالد ترامب السلطة ووصول جو بايدن إلى البيت الأبيض. غير أن البلاد تواجه تحديات كبرى وخصوصا الانتشار المتسارع لوباء كورونا الذي تسبب بوفاة أكثر من 73 ألف و500 شخص، وهي حصيلة بين الأسوأ في أوروبا، إضافة الى أسوأ أزمة اقتصادية منذ ثلاثة عقود.
انقسام وحلم بالاستقلال!
وينبغي على جونسون أيضاً طي صفحة فصل عاصف قاده إلى أعلى منصب سياسي في البلاد لكنه أدى إلى انقسامات في صفوف البريطانيين. وتصدعت وحدة البلاد، إذ أن إيرلندا الشمالية واسكتلندا صوتتا ضد الخروج من الاتحاد الأوروبي، وتحلمان بالاستقلال.
وإذا كان الهدوء عم البلاد اليوم الجمعة فإن العراقيل المحيطة بالموانئ متوقعة مع استئناف النشاط الكامل الأسبوع المقبل، وخصوصاً إذا كانت الإجراءات الجديدة ستبطئ حركة المرور وتؤدي إلى تشكل طوابير شاحنات.
وقد يشهد ميناء هوليهيد الرئيسي في ويلز بالقرب من إيرلندا "عمليات تأخير في الأسابيع المقبلة"، كما حذر مركز الإعلام لحركة النقل البري في ويلز على تويتر. ورفض دخول ست شحنات اليوم لأنها لا تستوفي الشروط.
وقال وزير الخارجية الإيرلندي سيمون كوفني في حديث مع هيئة بي بي سي "سيتعرض التبادل التجاري البالغة قيمته 80 مليار يورو من الآن وصاعدا لعراقيل عبر بحر إيرلندا بين بريطانيا وإيرلندا بسبب الضوابط والتصاريح والبيروقراطية والكلفة والتأخر". وفي إيرلندا أعربت جمعية لشركات النقل عن قلقها من تسجيل "فوضى" في الأسابيع المقبلة في المرافئ.
وخلافاً للاتحاد الأوروبي قررت الحكومة البريطانية اعتماد عمليات تدقيق جمركي تدريجية لن تشمل كل السلع إلا اعتبارا من تموز/ يوليو القادم.
ويوفّر الاتّفاق لبريطانيا إمكان الوصول إلى السوق الأوروبية الشاسعة التي تضم 450 مليون مستهلك، من دون رسوم جمركية أو نظام حصص. لكن الاتحاد الأوروبي يحتفظ بحق فرض عقوبات والمطالبة بتعويضات لتجنب أي منافسة غير عادلة في حال عدم احترام قواعده في مجال المساعدات الحكومية والبيئة وحق العمل والضرائب.
ع.ج/ ع.غ (أ ف ب)