بصمات "داعش" الدامية في شمال سيناء
١ فبراير ٢٠١٥أعلنت جماعة إسلامية مسؤوليتها عن الهجمات الإرهابية التي ضربت شمال سيناء يوم الخميس الماضي، لكن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يتحمل هو أيضا جزءاً من المسؤولية عن هذه الهجمات، حسبما يرى خبير الشؤون المصرية في مؤسسة العلوم والسياسة في برلين، شتيفان رول.
في لقاء مع DW تحدث رول عن "حرب بين الأجهزة الأمنية المصرية والمجموعات الجهادية، التي تحصل على دعم جزئي من سكان المناطق في سيناء". وكانت جماعة "أنصار بين المقدس" قد أعلنت على صفحتها في تويتر مسؤوليتها عن الهجمات الإرهابية. وأعلنت الجماعة التي ظهرت عام 2011 ، مبايعتها لقائد تنظيم "الدولة الإسلامية" أبو بكر البغدادي، وأطلقت على نفسها تسمية ولاية سيناء.
ووقع الهجوم الأكبر في قلب مدينة العريش، عاصمة محافظة شمال سيناء وأسفر عن سقوط عشرات القتلى من جنود وشرطة ومدنيين. وأعلنت الجماعة عن "هجوم واسع متزامن لجنود الخلافة بولاية سيناء في مدن العريش والشيخ زويد ورفح". كما ذكرت أنها هاجمت ستة حواجز أمنية في مدينتي الشيخ زويد ورفح الحدودية مع قطاع غزة.
منطقة مُهمة لكنها مُهملة
شبه جزيرة سيناء منطقة مهمة بالنسبة لمصر جيوسياسيا واقتصاديا، فهي تقع على طرف قناة السويس التي تمثل مصدرا كبيرا للعملة الصعبة في الاقتصاد لمصري، كما أنها تمثل مصدرا للسياحة وخاصة في مناطق جنوبها بمنتجعات شرم الشيخ. ويسكن سيناء تاريخياً البدو، الذين يعتمدون بجانب الرعي على التهريب، ويشكون من إهمال الدولة المصرية لهم طيلة عقود. وتربطهم لهذا السبب علاقة متوترة مع القاهرة.
لعقود طويلة، وحتى بعد رجوع سيناء للسيطرة المصرية، كانت المنطقة آمنة بفعل التعاون الأمني بين مصر وإسرائيل. لكن المنطقة شهدت مباشرة بعد سقوط مبارك فراغا أمنيا. ولم يتمكن الرئيس السابق المعزول محمد مرسي من معالجة المشكلة، بل إن الأجهزة الأمنية اتهمته بأنه يتعاطف مع حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، ما سمح للجماعات الإسلامية المتطرفة بملء الفراغ الأمني، الذي ظهر بعد سقوط مبارك. ومنذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي للسلطة في مصر، ساءت الأحوال الأمنية أكثر في شمال سيناء. والسبب يعود، حسب شتيفان رول إلى "أن السيسي ينتهج سياسة صارمة عنيفة ضد أي معارضة إسلامية، ما يمنح الجماعات الإرهابية في سيناء قوة متزايدة". ويقدر الخبير عدد المقاتلين في هذه الجماعات حاليا بحوالي 2000 مقاتل.
سياسة خاطئة
السيسي يدفع بسياسته المعادية حتى للإسلاميين المعتدلين بهؤلاء إلى التعاطف والتعاون مع الإرهاب، حسبما يرى شتيفان رول، منتقدا هذه السياسة. لكنه يرى من جهة أخرى أن السيسي يتعمد سياسة الاستقطاب هذه كي يبين للخارج "أنه يجد نفسه في حالة حرب مع الجماعات الإسلامية المتشددة". وليحصل بذلك على مساعدات عسكرية من دول عدة خاصة من الولايات المتحدة الأميركية. والجواب على الهجمات الإرهابية الأخيرة جاء سريعا بدعم لمصر من قبل واشنطن وكذلك من قبل عواصم غربية بينها برلين في حرب مصر ضد الإرهاب.
وحل مشكلة الأمن في سيناء، يتطلب وجود حل سياسي قبل كل شيء حسب الخبير الألماني، وإلا سينتشر الإرهاب والعنف في مناطق أخرى من البلد. والإشارات على ذلك تظهر بين الحين والآخر على شكل انفجارات تطال أحيانا مناطق من القاهرة نفسها.
لكن توقع أن يسمح السيسي باندماج الإسلاميين المعتدلين في العملية السياسية أمر يستبعده الخبير في مؤسسة العلوم والسياسة في برلين. والمتوقع أن يستمر الرئيس المصري في سياسته تجاه الإسلاميين وسياسة القوة ضد الإرهاب، وسيؤدي ذلك إلى ضعف قطاع السياحة في مصر وزيادة الفقر أيضا. وإذا ما وجدت المؤسسة العسكرية في مصر يوماً ما أن مصالحها في خطر، فإن الخبير لا يستبعد أن يغير الجيش السيسي، مثلما جاء به إلى السلطة، بعد أن سمح بسقوط مبارك ورحيل مرسي. وقد يكرر التاريخ نفسه مع السيسي أيضا.