بطاريات السيارات الكهربائية.. هل يستطيع الغرب اللحاق بالصين؟
١٨ أبريل ٢٠٢٣الثلاثاء (18 أبريل/ نيسان) موعد ينتظره عشاق السيارات حول العالم مع افتتاح معرض شنغهاي للسيارات أبوابه بعد إلغائه العام الماضي جراء فرض الصين قيود صارمة للحيلولة دون تفشي جائحة كورونا.
ويستقطب المعرض في دورته الحالية عددا كبيرا من كبريات شركات تصنيع السيارات في الصين والعالم بأسره بهدف جذب الزوار من خلال الكشف عن أحدث طرازاتها وتقنياتها، وخاصة السيارات الكهربائية.
وسوف تستغل الشركات الصينية مثل "بي. واي. دي." و "نيو" و "جيلي" المعرض لعرض أحدث إنتاجها من السيارات الكهربائية بهدف تعزيز مكانتها في أكبر سوق للسيارات والمركبات الكهربائية في العالم. فالسيارات الكهربائية باتت تسرق الأضواء من السيارات التقليدية مع خطط كبرى الشركات إلى الانتقال إلى قطاع السيارات الكهربائية ومساعي الحكومات في شتى بقاع العالم إلى تحقيق الحياد الكربوني.
وفي هذا الصدد، تقترح إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن سن قواعد أكثر صرامة بشأن انبعاثات السيارات في إجراء يهدف إلى جعل 67% من السيارات المباعة في البلاد تعمل بالطاقة الكهربائية بحلول عام 2032 ما سيمثل زيادة بمقدار عشرة أضعاف عن المبيعات الحالية.
ويهدف الاتحاد الأوروبي إلى تسريع وتيرة التحول إلى المركبات الكهربائية من خلال حظر بيع السيارات الجديدة التي تعمل بالبنزين والديزل داخل بلدان التكتل بداية من عام 2035.
وستمهد الخطط الأمريكية والأوروبية الطريق أمام زيادة الطلب على بطاريات السيارات الكهربائية بشكل كبير.
الصين تستحوذ على نصيب الأسد
وكشف تقرير لوكالة رويترز للأنباء عن أن كبار مصنعي السيارات في العالم يخططون لضخ استثمارات بقرابة 1.2 تريليون دولار (1.08 تريليون يورو) في قطاع تصنيع السيارات الكهربائية وبطاريات السيارات الكهربائية حتى عام 2030. كما ذكرت وكالة الطاقة الدولية أن الحصة السوقية للسيارات الكهربائية من إجمالي مبيعات السيارات في جميع أنحاء العالم ستقفز من حوالي 10٪ في عام 2021 إلى أكثر من 60٪ بحلول عام 2030.
ويمثل هذا زيادة في الطلب على بطاريات السيارات الكهربائية التي تعد المكون الضروري والأغلى ثمنا والتي يمثل حوالي 30-40٪ من تكلفة السيارة الكهربائية.
وفي ضوء ذلك، دخلت الدول والشركات سباقا لتأمين وجود بطاريات السيارات الكهربائية فيما تشير الأرقام إلى أن هناك دولة واحدة تحتل صدارة تكنولوجيا بطاريات السيارات الكهربائية ألا وهي الصين.
ووفقا لمؤسسة "بلومبرغ نيو إنرجي فاينانس" لأبحاث الطاقة فإن الصين تهيمن على سلاسل توريد بطاريات السيارات الكهربائية وتستحوذ على قرابة 75 بالمائة من قطاع تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية.
ويعزو الخبراء ذلك إلى حقيقة مفادها أن الحكومة الصينية أعطت الأولوية لتكنولوجيا السيارات الكهربائية منذ سنوات مع إنفاق مليارات الدولارات على شكل إعانات حكومية وإعفاءات ضريبية لدعم الشركات الصينية المنخرطة في هذا القطاع.
ولم تكتف الحكومة الصينية بذلك فحسب، بل قامت بتعزيز إنشاء البنية التحتية للمركبات الكهربائية وتشجيع الصينيين على شراء سيارات كهربائية بدلا من السيارات التي تعمل بالوقود الأحفوري.
وفي ذلك، يقول غريغور سيباستيان، المتخصص في صناعة السيارات في معهد مركاتور للدراسات الصينية ومقره برلين، إن الصين أكدت منذ وقت مبكر أن السيارات الكهربائية "ستكون أولوية وطنية ذات بعد استراتيجي مما حفز الشركات الصينية على الاستثمار في إنتاج البطاريات، بما في ذلك التعدين وتكرير المواد الخام."
ويضيف "أصبحت الصين أكبر سوق للسيارات في العالم وهو ما مثل حافزا كبيرا للشركات الصينية للدخول في هذا القطاع، فيما سمحت قاعدة التصنيع الكبيرة للسيارات في الصين والمنظومة اللوجستية بزيادة إنتاج السيارات الكهربائية بشكل كبير".
لا تحول للاقتصاد الأخضر من دون الصين
وعلى وقع هذا التطور الكبير للصين، باتت تعتمد كبرى الشركات الغربية لتصنيع السيارات مثل تسلا وجنرال موتورز على شركات صينية مثل شركة "كونتمبوراري أمبيركس تكنولوجي" أو "كاتل" التي تعد أكبر منتج لبطاريات السيارات الكهربائية في العالم.
وفي ضوء ذلك، أعلنت شركة "فورد موتورز" مؤخرا عن بناء مصنع لبطاريات السيارات الكهربائية في ولاية ميشيغان الأمريكية بالشراكة مع مجموعة "كاتل" الصينية. وتُظهر هذه الاتفاقيات أن شركات تصنيع السيارات في الدول الغربية والتي ترغب في الانتقال إلى مجال السيارات الكهربائية، لن يكون بمقدورها ذلك من دون اللجوء إلى بطاريات السيارات الكهربائية التي تصنع بالصين.
بيد أن الأمر لم يسلم من انتقادات إذ حث السيناتور الأمريكي الجمهوري ماركو روبيو إدارة بايدن على مراجعة خطط شركات فورد مع مجموعة "كاتل" الصينية.
وفي تعليقه، قال تو لي، مدير شركة "ساينو أوتو إنسايتس" المتخصصة في قطاع النقل، إن "بطاريات السيارات الكهربائية باتت بالفعل نقطة توتر جيوسياسي بين الصين والغرب".
وأضاف أن الولايات المتحدة تسعى إلى إخراج خلايا البطاريات الصينية من سلاسل التوريد الخاصة بتصنيع الشركات الكهربائية الأمريكية، فيما قامت إيرلندا بتخصيص 370 مليار دولار لدعم التحول في قطاع الطاقة بما يشمل منح إعفاءات ضريبية للسيارات الكهربائية والبطاريات المصنوعة في الولايات المتحدة.
ورغم ذلك، مازال تو لي متشككا في جهود الولايات المتحدة لمنافسة الصين في قطاع تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية، قائلا "إنه بغض النظر عن محاولات الحكومة الأمريكية لإخراج الصين من سلاسل التوريد الأمريكية، فإن شركات تصنيع السيارات داخل الولايات المتحدة ستظل بحاجة إلى إمدادات من مصانع خلايا البطاريات الصينية في حالة رغبتها في الاستمرار في تحقيق خططها حتى عام 2030 ".
ماذا عن أوروبا؟
أوروبيا، جرى إطلاق "مشروع التحالف الأوروبي للبطاريات" بهدف بدء إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية داخل القارة مع هدف تلبية 90 بالمائة من احتياجات الموردين الأوروبيين من البطاريات بحلول عام 2030.
ويقول غريغور سيباستيان إن "دولا أوروبية مثل ألمانيا تمتلك تقنيات مهمة في تكنولوجيا تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية مثل إعادة التدوير وفضلا عن تجاربها في تصنيع بطاريات أيون الصوديوم".
لكنه يستدرك أن "الدول الأوروبية تعتمد بالكامل تقريبا على شركات شرق آسيا في قطاع تكرير المواد الخام".
يشار إلى أن عملاق صناعة السيارات الأوروبية "فولكسفاغن" يعتزم الاستثمار في مناجم كندية بغرض تأمين حاجتها للمواد الخام المطلوبة لتصنيع بطاريات السيارات الكهربائية.
وقالت أكبر شركة لتصنيع السيارات في أوروبا إنها تعمل على توسيع نطاق أعمالها الخاصة بالبطاريات في الوقت الراهن وذلك عبر سلاسل توريد موثوقة ومستدامة ولفتت إلى أن هذا الأمر ينطبق أيضا على السوق الواعد في أمريكا الشمالية.
وكانت بعض دول الاتحاد الأوروبي مثل المجر تعمل في السابق على جذب شركات أجنبية بما في ذلك الشركات الصينية لإنشاء مصانع بطاريات على أراضيها.
ويعلق سيباستيان قائلا إن الشركات الأوروبية يمكنها "اللحاق بالركب لكن معركة تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية ستكون شاقة خاصة وأن هذا القطاع في حالة تطور بشكل مستمر".
---
سرينيفاس مازومدارو /م. ع