بعد التألق في قطر..عين أسود الأطلس على اللقب الأفريقي
١٢ يناير ٢٠٢٤
يعتبر المنتخب المغربي من أبرز المنتخبات التي ستتجه إليها الأنظار في بطولة كأس أمم أفريقيا 2024 التي تحتضنها كوت ديفوار بين 13 يناير/كانون الأول و11 فبراير/ شباط 2024. وسيدخل أسود الأطلس البطولة كأبرز المرشحين للقب بسبب الإنجاز غير المسبوق الذي حققه رفاق أشرف حكيميفي مونديال قطر 2022 باعتبارهم أول منتخب عربي وإفريقي يبلغ المربع الذهبي في كأس العالم. كما أن المنتخب المغربي يحتل الرتبة الأولى إفريقيا و13 عالميا في آخر ترتيب للفيفا لشهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بالإضافة إلى النجوم التي يزخر بها المغرب على غرار أشرف حكيمي ياسين بونو وحكيم زياش و أشرف حكيمي وسفيان أمرابط وغيرهم...
لكن هل فعلا المنتخب المغربي قادر على كسب رهان البطولة الإفريقية وإحراز اللقب الذي ظلت الجماهير المغربية تنتظره منذ 1976 تاريخ أول كأس إفريقيا يفوز بها المغرب؟
لقب واحد من 18 مشاركة
على الورق فإن المغرب مرشح فوق العادة للمنافسة على اللقب. فنفس التشكيلة الأساسية التي تألقت في كأس العالم بقطر هي تقريبا من ستكون حاضرة في بطولة كأس أمم أفريقيا في كوت ديفوار. وبالتالي ستستفيد من التجانس والتلاحم وروح الفوز الذي صار يميزها.
كما أن المدرب وليد الركراكي الذي عرف كيف يشحن لاعبيه في مونديال قطر ويدفعهم لتقديم أقصى ما لديهم، قادر أيضا على مواصلة تحفيزهم لتتويج تألقهم بلقب إفريقي سيسعد كثيرا الجماهير المغربية.
لكن نظرة سريعة إلى تاريخ المنتخب المغربي تحيل إلى الصعوبات الكبيرة التي يواجهها أسود الأطلس في البطولات الأفريقية، إذ لا يملك المغرب سوى لقب أفريقي واحد في تاريخه الكروي، تم تحقيقه ذلك في بطولة أمم أفريقيا 1976 في اثيوبيا مع جيل أحمد فرس وعسيلة. كما أن آخر تأهل للمغرب للمباراة النهائية من بطولة كأس أمم افريقيا كان عام 2004 في تونس، حينها كان المدرب الحالي وليد الركراكي لاعبا بالمنتخب المغربي. كما أن المغرب لم يبلغ المربع الذهبي سوى 4 مرات في مشاركاته 18 في بطولات أمم أفريقيا.
وحتى عندما كان المنتخب المغربي يملك مجموعة قوية على غرار الجيل الذي تألق في مونديال المكسيك 1986 والجيل الذي تألق في مونديال فرنسا 1998 إلا أن أنه كان يعجز دائما على الذهاب بعيدا في البطولات الإفريقية.
فأين يمكن السبب في إخفاق المنتخب المغربي أفريقيا مقابل تألقه عالميا؟
الأولوية كانت لكأس العالم
يرى المحلل الرياضي المغربي ورئيس تحرير صحيفة المنتخب المغربية، بدر الدين الإدريسي أن المنتخب المغربي حتى وقت قريب لم يكن يحسن التأقلم مع الأجواء الإفريقية والظروف الصعبة التي كانت تجري فيها المنافسات سواء على مستوى المناخ أو الإقامة أوجودة أرضية الملاعب. "كانت هذه معيقات كبيرة جدا تحول دون إبراز المنتخب المغربي لإمكانياته الحقيقية"، يؤكد الإدريسي في حواره مع DW عربية.
علاوة على ذلك كان التركيز في المغرب في السنوات الماضية منصب بشكل كبير على التأهل لكأس العالم وهو الإنجاز الذي كان يضاهي في المغرب إحراز كأس افريقيا للأمم، كما يقول الإدريسي، والذي يضيف بهذا الخصوص "في السنوات الأخيرة أدرك المغرب هذا الأمر وأصبح الفوز بكأس افريقيا أيضا ضمن أهداف الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم (الاتحاد المغربي) التي تمهد الطريق للمنتخب المغربي لتحقيق نتائج أفضل في البطولة الإفريقية".
قوة أسود الأطلس في روح المجموعة
ما يشفع للمنتخب المغربي الحالي ويقوي من حظوظه في المنافسة على اللقب هو أن مجموعة من لاعبيه ستلعب كأس أمم أفريقيا للمرة الرابعة أو الثالثة في تاريخها، بعد كأس أفريقيا 2017 في الغابون و كأس أفريقيا 2019 في مصر، وكأس افريقيا 2022 في الكاميرون، على غرار رومان سايس ويوسف النصيري وياسين بونو...مما يعني أن العناصر المغربية راكمت مجموعة من التجارب في الأدغال الإفريقية ستجعلها مهيئة نفسيا للظروف التي تنتظرها في الملاعب الأفريقية والتي تختلف عما ألفته في الملاعب الأوربية.
أيضا عامل آخر يجعل الجيل الحالي للمنتخب المغربي ربما أفضل جيل مر في تاريخ كرة القدم المغربية، حسب المحلل الرياضي بدر الدين الإدريسي، وذلك بسبب روح المجموعة التي يتمتع بها الفريق والتي تتفوق على الفرديات. وهو أمر يوليه المدير الفني وليد الركراكي أهمية كبيرة منذ توليه الإدارة الفنية للمنتخب المغربي. وبهذا الخصوص يوضح الإدريسي "روح المجموعة يجب ان تحضر مجددا مثلما حضرت في مونديال قطر وهذا أكثر شيء يركز عليه وليد الركراكي وأبرز شيء يميز في اعتقادي هذا الفريق، الذي نجح في أن يفعل ما لم تفعله الأجيال التي تعاقبت على كرة القدم المغربية وهو الوصول إلى الدور نصف النهائي من كأس العالم ".
انجاز المغرب في قطر عامل محفز أم عبئ إضافي؟
وعلى عكس ما يخشاه البعض من أن يتحول الإنجاز التاريخي للمنتخب المغربي في مونديال قطر إلى ضغط يؤثر سلبيا على اللاعبين في بطولة أمم افريقيا، إلا أن المحلل الرياضي الإدريسي يرى عكس ذلك "لا أظن اليوم في أعراف كرة القدم والطريقة التي يتم فيها تحضير اللاعبين المحترفين أن نتحدث عن إمكانية وجود ضغط قوي ومؤثر على اللاعبين بسبب الإنجاز الذي حققوه في بطولة كأس العالم الأخيرة. بل إنني أعتقد أن هناك ضغط إيجابي ينبغي استثماره بمعنى تحويل هذا الضغط الى طاقة إيجابية وتحفيز للاعبين ليحققوا ما هم أهل له". ويضيف الإدريسي "أتصور أن اللاعبين واعون بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم ومتحفزون لتحقيق رهان التتويج باللقب الإفريقيوهم يحتاجون في ذلك إلى استحضار كل الأشياء التي ألهمتهم في مونديال قطر ليقدموا لنا بطولة أفريقية تاريخية".
يذكر أن الهدف المعلن من المسؤولين عن كرة القدم في المغرب هو بلوغ المربع الذهبي في بطولة أمم افريقيا في كوت ديفوار والتتويج باللقب في الدورة التي تليها والتي سيحتضنها المغرب عام 2025. لكن رغم هذه التصريحات الرسمية التي ربما تهدف إلى التخفيف من الضغط، إلا أن الكثير من اللاعبين من خلال تصريحاتهم الأخيرة عبروا عن عزمهم على الذهاب إلى أبعد نقطة ولما لا العودة باللقب من كوت ديفوار.
ويتواجد المنتخب المغربي في المجموعة السادسة إلى جانب تنزانيا وجمهورية الكونغو وزامبيا وسيلعب المغرب أول مباراته بالبطولة يوم 17 يناير/كانون الثاتي أمام تنزانيا.
فهل سيواصل أسود الأطلس زئيرهم في الكوت ديفوار مثلما فعلوا في قطر ويهدون المغرب لقبا افريقيا طال انتظاره منذ 48 عاما؟
هشام الدريوش