بعد مساعدات بالمليارات.. من يتحمل تكاليف كورونا في ألمانيا؟
١٥ فبراير ٢٠٢١هناك سؤال يُطرح باستمرار على وزير المالية الألماني منذ تفشي الجائحة، مفاده: إلى متى يمكن لألمانيا ان تتحمل أعباء الحجر الصحي؟ "يمكن لنا تحمل ما هو ضروري"، يجيب الوزير باستمرار. لكن هل الأمر هكذا فعلا؟ في الإغلاق الثاني لمواجهة تفشي جائمة كورونا، باتت المطاعم وصالات الرياضة والمسارح والمتاحف مغلقة للشهر الرابع على التوالي. وفي منتصف ديسمبر/ كانون الأول وجب أيضا على قطاع واسع من محلات تجارة التجزئة إغلاق أبوابها. والدولة تمنح مساعدات ما يعرف بالعمل القصير لكي لا يتم تسريح العاملين. والشركات تحصل على مساعدات تخطي المرحلة حتى لا تضطر لإشهار إفلاسها.
كل يوم يكلف مليارات إضافية
تم تخصيص 50 مليار يورو كمساعدات اقتصادية للفترة ما بين بين نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 ويونيو/ حزيران 2021. يُضاف إليها التكاليف الباقية للجائحة ابتداء من الصحة إلى دعم العائلات. وفي عام 2020 أخذت الدولة على عاتقها مديونية بمقدار 130 مليار يورو، وفي هذه السنة من المتوقع أن تقترض 180 مليار يورو. فهل سيكفي هذا إذا جاءت موجة عدوى ثالثة قد تتسبب في إطالة أمد الإغلاق؟ وفي مؤتمر في برلين كرر وزير المالية أولاف شولتس بأن المانيا بإمكانها تحمل ما هو ضروري، لكنه أضاف "يجب ألا نتوانى عن فعل شيء نعتبره صحيحا لمكافحة الأزمة وتأمين مستقبل بلادنا"؟
وبالفعل اشتعل خلاف داخل الائتلاف الحكومي حول تكاليف الجائحة. وفي مارس/ آذار ينبغي على وزير المالية عرض مكونات الميزانية لعام 2022 والتخطيط المالي للسنوات اللاحقة. ومن خلال تراجع النمو تلاشت القوة الاقتصادية وفُقدت عائدات بشكل مستدام. وهذا، كما يشكو شولتس لم يستوعبه للأسف الكثيرون.
شبح الانتخابات البرلمانية
توقعات العائدات من الفترة قبل الأزمة غير واقعية، وعوض ذلك ينبغي سد ثغرات في الميزانية. لكن كيف يتم ذلك حيث سيعاد العمل بمبدأ عدم جواز لجوء الحكومة إلى ديون جديدة ابتداء من عام 2022 ولا يمكن للوزير أخذ قروض إضافية لسد ثغرات الميزانية؟ هذا ولاتزال هناك مخصصات احتياطية، وفي السنة الماضية تم تسجيل ديون أقل مما كان مبرمجا في الأصل. وبما أن القروض يوافق عليها البرلمان فيمكن تحويلها إلى السنوات المقبلة. وقد يحصل نفاد الأموال بسبب إغلاق طويل في 2021.
وفي وزارة المالية ولجنة شؤون الميزانية للبرلمان ولكن أيضا في مكاتب الأحزاب يتم حاليا دراسة كل الإمكانيات لمعرفة كيفية تمويل ميزانية 2022. ولا يريد أحد الآن الحديث عن تقليص، حيث ستجرى الانتخابات البرلمانية في سبتمبر/ أيلول المقبل. ويقترح وزير الاقتصاد، بيتر ألتماير، بيع حصة الدولة في مؤسستي البريد والاتصالات "دويتشه تيليكوم"، حيث سجلت الأسهم ارتفاعا قويا.
تعديل الدستور وإلغاء بند الحد من الديون؟
النتيجة ستكون فقط نقطة في بحر. لكن الأكثر فعالية هو زيادة الضرائب أو فرض ضريبة على الثروة تتراوح ما بين 10 إلى 20 في المائة. وتقدم وزير المستشارية، هيلغه براون، مؤخرا باقتراح يتمثل في تعديل القانون الأساسي وإلغاء بند الحد من الديون لبضع سنوات، لكنه اقتراحه واجه رفضا مطلقا داخل حزبه الاتحاد المسيحي الديمقراطي.
الحزب الاشتراكي يريد مطالبة الأغنياء بالدفع
ومع مزيد من الديون سيواجه وزير المالية، أولاف شولتس، مشاكل أقل وحتى هو له دوافع سياسية. فهو مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي للمستشارية في الانتخابات البرلمانية المقبلة هذا العام. والاشتراكيون يراهنون على إعادة التوزيع ويطالبون في برنامجهم الانتخابي بفرض ضريبة الثروة. وإلى جانب ضريبة الثروة يتم في الأوساط الحزبية اليسارية مناقشة إمكانية أخذ رسوم على الثروة أيضا. وفي عام 2012 اقترح حزب الخضر في البرلمان الألماني لكن بدون نجاح رسوما على الثروة بنسبة 1,5 في المائة طوال عشر سنوات للتقليص من الديون التي تراكمت بسبب الأزمة المالية العالمية.
أما خبير الشؤون الاقتصادية كليمينس فوست، رئيس معهد ايفو في ميونيخ فيعتبر فرض ضريبة ثروة من 10 إلى 20 في المائة على الثروات الصافية مبالغة، وقال "كان لدينا بعد الحرب دمار هائل للبيوت والبنية التحتية وهجرة ملايين الناس الذين لم يكن لديهم شيء"، وأضاف مؤخرا في محاضرة عبر الانترنيت، أزمة كورونا "سيئة، ولكن لا يمكن مقارنتها بتلك الفترة (ما بعد الحرب العالمية الثانية)".
وبغض النظر عن بعض الاستثناءات ليس هناك بلد يفرض ضريبة على الثروة. وذلك قد يتسبب في هروب رأس المال. والعديد من خبراء الاقتصاد يرون أنه ينبغي على الدولة أخذ ديون إضافية في عام 2022 لكسب الوقت وعودة عجلة النمو للدوران من جديد. ويضغط وزير المالية حاليا لاتخاذ قرارات سياسية سريعة لمواجهة التحديات والعواقب المالية للجائحة.
زبينه كينكارتس/ م.أ.م