بكتيريا مضيئة للكشف عن الزرنيخ في مياه الشرب
٢٧ مارس ٢٠١١تتحدث منظمة الصحة العالمية عن أكبر حالات التسمم الجماعي على الإطلاق، أي الخطر المحدق المتمثل بالتسمم البطئ عبر مياه الشرب. فبعد استقلال بنغلاديش عام 1971 عملت الأمم المتحدة على حفر آبار المياه الجوفية. واليوم يشرب سكان هذا البلد مياه جوفية عذبة خالية من البكتيريا بدلا من المياه السطحية الملوثة، بيد أن أحدا لم يفكر في إجراء اختبارات على هذه المياه للتأكد من خلوها من مواد ضارة مثل الزرنيخ.
ولم يكن أحد معرفة آنذاك حجم المشكلة التي يمثلها وجود الزرنيخ في المياه، إلا أن المجتمع الدولي أدرك من خلال ما حدث في بنغلاديش مخاطر المياه المحتوية على نسبة عالية من الزرنيخ المضر بصحة الإنسان. ومنذ ذلك الحين يجري البحث للتعرف على المناطق التي قد تتعرض لمشكلة مشابهة في أنحاء العالم المختلفة.
سموم غير مرئية
تقع بنغلاديش على خليج البنغال، وهناك تحتوي التربة على كميات كبيرة من الزرنيخ الطبيعي شبه المعدني. ويتسبب نشاط الكائنات الدقيقة في تسرب الزرنيخ السام إلى المياه الجوفية. وهذه المادة السامة غير مرئية وعديم الرائحة وليس لها طعم مميز. وهنا تكمن خطورتها، إذ تتسرب عبر مياه الشرب إلى جسم الإنسان وتتراكم داخله.
إن مدى تفشي المرض وحدته ترتبط بعوامل عديدة، منها تركيز المادة السامة وطول الفترة الزمنية التي شرب خلالها الإنسان المياه الملوثة. وهناك أيضا عوامل أخرى عامة ترتبط بالصحة والتغذية والعمر والجنس. وعادة ما يستغرق ظهور الأعراض المرضية الأولية بين 10 إلى 20 عاما، وتظهر بقع على الجلد واليدين والقدمين ثم تتطور الحالة إلى ظهور التقرحات في أجزاء الجسم المختلفة كما تصاب الأعضاء والأوعية بالتهابات. إن وجود كميات كبيرة من تلك المادة السامة بشكل دائم في الجسم نتيجة شرب المياه الملوثة يؤدي للإصابة بالسرطان.
الترياق: البكتيريا المضيئة
يصعب إقناع الناس في المناطق المتضررة بأن مياه الآبار التي تبدو نظيفة هي في واقع الحال ملوثة وخطيرة. ومن هنا تأتي أهمية الخطوة المتمثلة في إجراء الاختبارات المعملية لمياه الشرب الجوفية. إلا أن الاختبارات الكيميائية المعروفة مكلفة ومعقدة وهي تخلف نفايات سامة بعد الانتهاء منها. لذا قام الخبراء الألمان في مركز أبحاث البيئة في مدينة لايبزيغ بتغيير الصيغة الوراثية للبكتيريا البرازية بحيث تتوهج لدى تعرضها إلى تماس مع مادة الزرنيخ. وقد غير العلماء الصيغة الوراثية لهذه الأحياء الدقيقة والتي تتمتع أصلا بحساسية عالية تجاه الزرنيخ، ذلك من خلال ربطها مع جينات بروتين مشع. وهكذا يصبح من الممكن للعين المجردة التقاط الضوء الذي تطلقه البكتيريا المعدلة عندما تتعرض للتماس مع مادة الزرنيخ السامة. وبحسب شدة الضوء يتسنى للعلماء تحديد مدى تركيز الزرنيخ في المياه.
ساندرا بيترسمان/ نهلة طاهر
مراجعة: طارق أنكاي