تآكل من الداخل ـ بداية النهاية لحزب العدالة وزعيمه أردوغان؟
١٤ ديسمبر ٢٠١٩فرض رجب طيب أردوغان بصمته الشخصية على المشهد السياسي التركي طيلة 18 عامًا. ومع ذلك، فقد أظهر نظامه مؤخرًا علامات التآكل، سواء من خلال الأزمة الاقتصادية أوتنامي قوة المعارضة أوالتراجع الواضح لحزبه (العدالة والتنمية) في الانتخابات المحلية التي جرت نهاية مارس/ آذار الماضي، فيما يمكن اعتباره بداية لانهيار القاعدة الانتخابية للحزب الحاكم.
وفي هذا السياق، يراهن رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو على سقوط أردوغان وحزبه. فقد قدم أوغلو في سبتمبر/ أيلول استقالته من "العدالة والتنمية" ما شكل في حينه زلزالا سياسيا وإعلاميا. وبعد أن انتشرت شائعات على مدى أشهر بشأن سعي داود أوغلو لتأسيس حزب جديد منافس لـ"العدالة والتنمية" الإسلامي المحافظ، تأكد ذلك الآن رسميا، إذ تم تقديم الطلب إلى وزارة الداخلية لتأسيس "حزب المستقبل". وفي أول خطاب له كرئيس للحزب الجديد قال داود أوغلو "نحن في لحظة تاريخية، وعلى الرغم من كل الضغوط وجو الخوف، فقد اجتمعنا لرسم مستقبل مزدهر لبلدنا".
تصفية حساب قديم!
أردوغان وداود اوغلو رفقاء درب طويل، فمنذ الصعود السريع لحزب العدالة والتنمية عام 2002، ظل داود أوغلو واقفا بوفاء إلى جانب أردوغان، كمستشار ووزير خارجية ورئيس وزراء وحتى كزعيم لحزب العدالة والتنمية. و في عام 2016، أظهر طموحا لا يوافق عرابه السياسي، فسارع أردوغان إلى إبعاده من كلا المنصبين. وبالتالي فإن أوغلو قد يتمكن عبر تأسيس "حزب المستقبل" برد الصاع بصاعين، بجذب أصوات كثيرة من الخزان الانتخابي في المعسكر المحافظ، القاعدة الانتخابية لـ"العدالة والتنمية.
ومن بين الرفاق السابقين، ذوي النفوذ القوي في قاعدة سلطة الحزب الحاكم، هناك أيضا وزير الاقتصاد السابق والعضو المؤسس لحزب لـ العدالة والتنمية" علي باباجان، وهو يسعى بدوره لتأسيس حزب جديد، وفقًا لتقارير وسائل إعلام تركية، ويبدو أنه يلقى في ذلك دعما من قبل الرئيس السابق عبد الله غول.
"قوة العدالة والتنمية مهددة بالذوبان"
في حوار مع DW أكد وزير الخارجية التركي الأسبق يسار ياكيس بأن تأسيس الحزبين سيضران بحزب أردوغان: "سيستقطب كل من داود أوغلو وباباجان الكثير من أصوات العدالة والتنمية، ويتمتع باباجان بسمعة طيبة في المجتمع المالي الدولي. كما أن خبرته الاقتصادية ستساعده على الفوز بأصوات من أحزاب المعارضة ". وأضاف ياكيس، وهو أحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية، بأن داود أوغلو، بدوره، خيار جيد للناخبين المحافظين.
"تفكك حزب العدالة والتنمية بدأ الآن، حكم عمره 18عاما سينتهي. داود أوغلو كما باباجان سيجلبان الأصوات من العدالة والتنمية. هدفهم الرئيسي هو إسقاط أردوغان"، على حد تعبير باسكين وهران، أستاذ العلوم السياسية في جامعة أنقرة.
هناك شكوك كبيرة تراود الرأي العام التركي، عما إذا كانت الأحزاب الجديدة لكبار شخصيات العدالة والتنمية السابقين، تمثل بديلاً للحزب الحاكم. داود أوغلو ُمتهم بالتزام الصمت لفترة طويلة، بل وهناك من يعتبره من المسؤولين عن تآكل الديمقراطية التركية. نقد مماثل يواجه باباجان، غير أن هناك اعتقاد بأن الأخير قادر على بناء حزب ليبرالي محافظ يواصل النهج الإصلاحي القوي للسنوات الأولى لحزب العدالة والتنمية. وبهذا الصدد يوضح ياكيس "يمكن القول إن باباجان لديه فرص أكبر ضد حزب العدالة والتنمية من داود أوغلو. الناخبون يتذكرون أن داود أوغلو كان رئيسًا للوزراء، هذا عائق كبير".
احتمالات نشر الأسرار القذرة
سبق للرئيس التركي أن أهان داود أوغلو في أكثر من مناسبة، بل واعتبره خائناً. واعتاد أردوغان على القول "سنحاسبهم عندما يحين الوقت". حساسية أردوغان الحادة هذه، لا تعود فقط لاحتمال خسارة أصوات انتخابية، ذلك أن رفاق الدرب السابقين يعرفون نظامه من الداخل جيدًا. فالمنتقدون كما شخصيات المعارضة تتهم الحزب الحاكم بالمحسوبية والفساد وإنشاء مؤسسات عائلية مشبوهة لاختلاس أموال دافعي الضرائب. وهم يفترضون أن الحزب أمّن سلطته باستخدام أساليب غير مشروعة ومكائد غير قانونية. وهي اتهامات إذا تأكدت، فقد يوظفها أوغلو وباباجان ضد الحزب الحاكم.
غير أن أردوغان ألمح إلى أن لديه بدوره معلومات سرية قد تورط منافسيه الذين يقفون ضده. واتهم كلا من باباجان وداود أوغلو بالاحتيال على "بنك هالك" عندما قررت الدولة منح قرض بقيمة 65 مليون يورو لجامعة إسطنبول ـ شهير، وهو قرض لم يتم تسديده. كما يتهم باباجان بمنح أرض للجامعة بواسطة مرسوم مشكوك فيه. غير أن داود أوغلو نفى تلك الاتهامات وطالب أردوغان وعائلته بالكشف عن ممتلكاتهم، في إشارة إلى شائعات حول فساد الرئيس التركي.
دانييل بيلوت / ح.ز/ع.ج.م