تغيرات المشهد العربي: تأشيرة لدخول السوريين إلى لبنان
٩ يناير ٢٠١٥في الخامس من كانون الثاني/ يناير 2015 دخلت حيزَ التنفيذ معايير جديدة تُنظّم دخول السوريين الى لبنان والإقامة فيه. بات لزاما على الوافدين من سوريا إلى الأراضي اللبنانية إستحصال تأشيرة.
وزير الشؤون الاجتماعية اللبنانية رشيد درباس صوابية أكد لـ DW جدية الخطوات المتخذة، كاشفا أنّ "الإجراءات الأخيرة بمثابة استكمالٍ للتدابير التي سبق للحكومة أن اتخذتها للحد من عبء النزوح السوري، ومن شأن ذلك أن يسمح للسلطات اللبنانية التمييز بين اللاجئ وغيره ".
"هي خطوة طبيعية بين دوليتين" كما يقول الوزير درباس، لكن هل إنتهى زمن "الشقيقة الكبرى" و"الأخ الأصغر" (في إشارة إلى العلاقات التاريخية بين البلدين) نسأله ؟ فيجيب: "من البداية تعاملنا على هذا النحو لكن عدد النازحين من المسجلين لدى المفوضية العليا للاجئين فاق المليون نازح، فهل نُبقى حدودنا مفتوحة ولبنان يعاني في الأساس؟ وهل نحول بلادنا لبؤرة للفقر والفساد؟ ".(...)
بين النازحين ثمة من يتفهم الموقف اللبناني. حسام الدين اللحام (نازح) يقول إن "لبنان يُعاني من هذا التضخم بإعداد النازحين، لكننا هنا نازحون غصبا عنّا، ومن يذهب إلى سوريا يبتغي تسيير بعض الأمور كإحضار أوراق رسمية وأيضا تلقي العلاجات الصحية لأمراض مزمنة كالسرطان مثلا حيث الخدمات مجانية، خلافا لما هو في لبنان... بالتالي لم يعد من اليسير الذهاب إلى سوريا والعودة منها. في بلادنا نخشى الاختطاف والقتل وفي بلد النزوح نخشى أمورا كتجديد الإقامة مثلا... التاشيرة يتركنا لمصيرنا المجهول ".
الذهاب إلى سوريا بات تشوبه أخطار جمة تقول ريم عجاج (نازحة) لـ DW ، وتتابع: "فرض تأشيرة لدخول السوريين إلى لبنان والمعايير الموضوعة فيها ظلم كبير لشعب يعاني من حرب في بلده، وكأن القرار سيناريو لخطوات مقبلة وطلب غير مباشر للسوري لمغادرة لبنان، فهذه المعايير جعلتنا نشعر أننا في سجن. لذا وعند سماعي بهذا القرار قررت مغادرة لبنان اما الى تركيا او سوريا نفسها لأني أتخوف من خطوات مقبلة ".
لكن الوزير درباس رأى الموضوع من جانب آخر فكشف قائلا إن "الكل كان فرحا بوجود خاصرة رخوة إسمها لبنان، المجتمع الدولي كما دول الجارة لسوريا، لذا تدفقت الأعداد الكبيرة، الآن نحن نسير على الطريق الصحيح لحماية لبنان وقد بلّغنا بقرارنا مسبقا دول العالم والمنظمات الدولية في مؤتمر برلين ".
"معايير خاصة، و إلا فلابد من كفيل"
المديرية العامة للأمن العام اللبناني فصّلت على موقعها الإلكتروني المعايير المعتمدة. وتشمل أنواعا مختلفة من السمات والإقامة، هي السمة السياحية، والإقامة المؤقتة، وسمات أخرى للراغبين في الدراسة بلبنان، أو للسفر عبر مطاره أو أحد موانئه البحرية، أو للقادمين للعلاج أو لمراجعة سفارة أجنبية. ونصت المعايير الجديدة على حصر دخول السوريين بهذه الأسباب إلا "في حال وجود مواطن لبناني يضمن ويكفل دخوله، إقامته، سكنه ونشاطه، وذلك بموجب تعهد بالمسؤولية".
ما كان قد كان ""
يتشارك لبنان وسوريا بحدود تمتد 330 كيلومترا، ويرى بعض المراقبين أن الخطوة اللبنانية دليل على تراخي القبضة السورية عن لبنان لأول مرة منذ دخول القوات السورية لبنان العام 1978. ولأول مرة، يمكن لزائر الحدود المشتركة بين البلدين أن يلحظ تغييرا لافتا في الصورة؛ فطوابير السوريين الطويلة ظهرت جلية، ويُدقق عناصر الأمن العام اللبناني كل حالة على حدة دارسين مطابقتها للمعايير الجديد'
عبد الله حسين، وهو نازح سوري تحدث ل DW متسائلا: "كيف يمكن للحكومة اللبنانية تجاهل وحدة المصير بين الشعبين من خلال المصاهرة والمصالح المشتركة المتبادلة ؟"
فيما طالب محمد نور حاج يوسف (وهو نازح سوري آخر) الدولة اللبنانية ب "التفكير جيدا ومن جديد بالقرارات المتخذة الظالمة بحق اللاجئين"، وتحدثت النازحة السورية "لمياء السباعي" أيضا عن أن "الشعب السوري يعاني الآن من إغلاق حدود شقيقه القريب (لبنان)، فالأم اللاجئة إلى لبنان هي وعائلتها وذهبت لبعض الوقت إلى بلدها سوريا لقضاء حاجياتها حُكم عليها البقاء هناك" .
أما السوري محمد العوض فذهب الى أن النازحين الجُدد هم الأكثر حاجة للدخول بسبب المخاطر على حياتهم. "إنا شخصيا لا أرى جدوى ايجابية كبيرة للقرار وهو سيأتي بنتائج سلبية على لبنان والنازحين على حد سواء ."
بشار العامل السوري المقيم في لبنان منذ 4 سنوات، شكا قائلا إنه سيُحرم لقاء عائلته في سوريا كل 4 أشهر، كما اعتاد في السابق، وأشار إلى أن "العمال السوريين بأجور يومية غير المرتبطين بوظيفة ثابتة في لبنان، قد يكونوا أبرز الفئات المتضررة من قرار الحكومة اللبنانية ."
بين ما تجده الحكومة "ضروريا" لضبط حدودها وتخفيف الأعباء عن أبنائها وبين حاجة النازحين للإيواء، تستمر الأزمة السورية، ويتواصل تدفق النازحين رغم انخفاض وتيرته. اللبنانيون يتطلعون إلى استمرار الإجراءات بنفس جديتها، فيما يبحث النازح السوري الهارب من الحرب عن فسحة سلام وبعض الأمان.