تايتانيك - مائة عام على غرق السفينة الأسطورة
٣٠ مارس ٢٠١٢أدت المنافسة الشرسة، التي كانت تشهدها صناعة الملاحة والاعتقاد بأن التكنولوجيا تستطيع قهر كل الصعاب، إلى وقوع واحدة من أكبر الكوارث خلال المائة عام الماضية على الإطلاق وهي كارثة غرق السفينة "تايتانيك". في أولى رحلاتها على الإطلاق من ساوثهامبتون بانجلترا إلى نيويورك ارتطمت السفينة بجبل جليدي في وقت متأخر من ليل الرابع عشر من نيسان/أبريل عام 1912، وغرقت في غضون ساعتين فقط.
وكانت تايتانيك عند تدشينها عام 1911 أكبر سفينة في العالم بطول 269 مترا وعرض 28 مترا وارتفاع 53 مترا ومحركات بقوة 51 ألف حصان. وتكلف بناء تيتانيك عشرة ملايين دولار أو ما يعادل اليوم 213 مليون دولار، ولم تنفق الشركة المالكة لها- وايت ستار لاين-البريطانية، سنتا واحدا منها على نظم الإنذار، فقد كان مصمموها يعتقدون أنها سفينة لا تغرق. وبدلا من ذلك اهتمت الشركة المالكة بشكل خاص بتوفير أعلى مستويات الرفاهية والفخامة للدرجة الأولى، فأصحاب الملايين فقط هم من كان بإمكانهم حجز جناح بتكلفة 4400 دولار أي ما يعادل 93 ألف دولار بحسابات اليوم.
ومنذ غرق تايتانيك ما تزال الإحصاءات الخاصة بعدد من كانوا على متنها متباينة، فمجلس العموم البريطاني أعلن عام 1912، أنه تم إنقاذ 711 شخصا فيما غرق 1513 آخرين. والمفارقة تكمن في أن تيتانيك كانت مزودة بعشرين قارب نجاة تكفي لـ1200 شخص، لكن العدد لم يحسب وفق أعداد الركاب بل وفق وزن القارب نفسه.
ولم يكن مع البحارة، الذين كانوا في مناوبة المراقبة، مناظير خاصة بالرؤية عن بعد ومن ثم تبينوا الجبل الجليدي في وقت متأخر للغاية. ورغم تحذيرات سفن أخرى من وجود جليد في المنطقة، فإن ربان السفينة لم يأمر بتكثيف عمليات المراقبة. وخلال عمليات الإجلاء فسر الكثير من الضباط الأوامر المستديمة، التي تنص على إجلاء "النساء والأطفال أولا"، على أنها تعني "النساء والأطفال فقط" لذا تم إنزال الكثير من قوارب النجاة إلى الماء وهي نصف فارغة.
وفي ظل عدم وجود نظام إنذار، تعذر إبلاغ الركاب بالأسطح السفلية بالكارثة التي تحيق بالسفينة، ما أدى إلى ارتفاع معدلات الوفيات بين ركاب الدرجة الثالثة على وجه الخصوص. وقد حدثت الكارثة عندما اصطدمت السفينة بالجبل الجليدي ليلة الرابع عشر من نيسان/أبريل، وغرقت في الساعات الأولى من الخامس عشر من نيسان/أبريل. المفارقة أن الجوقة الموسيقية ظلت تعزف حسب الأوامر الصادرة لها حتى آخر دقيقة، ومات كل أعضائها غرقا.
وكانت السفينة "إس إس كاليفورنيان" هي أقرب سفينة من الموقع، لكن قبطانها لم يتلق نداء استغاثة لأن ضابط اللاسلكي لم يكن مكلفا بالخدمة ونائما. وبالتالي فقد كانت سفينة "آر إم إس كارباثيا" أول سفينة تقترب من قوارب النجاة بعد أن كان الركاب، الذين قفزوا في الماء هربا من مصيرهم المحتوم، تجمدوا حتى الموت.
يذكر أنه قد تم رصد بقايا تايتانيك للمرة الأولى في الأول من أيلول / سبتمبر عام 1985 على عمق 3800 متر، وعلى بعد نحو 22 كيلو مترا من الموقع الذي حدده ضباط السفينة في نداءات الاستغاثة. وكانت ميلفينا دين، إحدى رضيعين كانا على متن السفينة المنكوبة، هي آخر الناجين من تيتانيك، وتوفيت في الحادي والثلاثين من آيار/مايو عام 2009.
(ش.ع / د.ب.أ)
مراجعة:هبة الله إسماعيل