تباين ردود الفعل الدولية على تأكيد حكم الإعدام بحق صدام حسين
٢٧ ديسمبر ٢٠٠٦بدأت ردود الأفعال المحلية والدولية تتوالي ما بين مؤيد ومعارض ومتفهم لمصادقة المحكمة العراقية العليا على حكم الإعدام الصادر بحق الرئيس العراقي السابق صدام حسين وسط. ففي لندن جددت الحكومة البريطانية معارضتها لحكم الإعدام بحق صدام حسين. وقال المتحدث باسم الخارجية البريطانية ان رئيس الوزراء توني بلير أوضح بأن الإعدام من صميم القضاء العراقي المستقل، وان هذا الموقف لم يتغير. كما جدد معارضته لعقوبة الإعدام، لكن القرار يعود إلى السلطات العراقية على حد تعبيره. وكانت دائرة التمييز في المحكمة العراقية العليا قد صادقت أمس على حكم الإعدام الصادر بحق الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين فيما يسمى بقضية الدجيل. وقال رئيس المحكمة عارف عبد الرزاق في مؤتمر صحفي عقده ببغداد إن تصديق الحكم يعطي للحكومة حق تنفيذه خلال 30 يوما اعتباراً من اليوم الأربعاء (27 كانون الأول/ ديسمبر 2006).
البيت الأبيض: الحكم على صدام حسين حدث "تاريخي"
ومن جانبه، اعتبر البيت الأبيض اليوم أن تأكيد حكم الإعدام الصادر على الرئيس العراقي السابق صدام حسين يشكل حدثا "تاريخيا" بالنسبة للعراقيين معتبرا ان "الطاغية" السابق نال محاكمة عادلة. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض سكوت ستنزيل إن "هذا اليوم سيشكل حدثا تاريخيا في الجهود التي يبذلها العراقيون لكي تحل دولة القانون مكان قانون الطاغية". وأضاف أن "صدام حصل على محاكمة سليمة وعادلة ونال حقوقا قانونية انكرها على العراقيين". وقال المتحدث في الطائرة التي تقل الرئيس جورج بوش الى تكساس (جنوب الولايات المتحدة الامريكية) ان "العراقيين يستحقون التهنئة على استمرار استخدام المؤسسات الديموقراطية لإقرار العدالة. انه بالتالي يوم مهم بالنسبة للعراقيين". الا أن المتحدث باسم البيت الأبيض لم يعلق على الحكم القضائي نفسه مشددا على ضرورة ان يصدر خطيا "قريبا"، حيث قال بهذا الخصوص: "ننتظر شاننا شان باقي العالم رؤية هذا الحكم مكتوبا".
ويأتي تأكيد الحكم الصادر على صدام حسين بالإعدام في الوقت الذي يستعد فيه بوش، الذي يتعرض لضغوط نتيجة خطورة الوضع العراقي والراي العام في بلاده، للإعلان عن استراتيجية جديدة لهذا البلد الذي يوشك على الوقوع في حرب أهلية. وفي هذا الإطار اكد ستنزيل من جديد ان بوش سيعلن هذه الاستراتيجية الجديدة "بعد الأول" من كانون الثاني/يناير القادم قائلاً: "انه ما ما زال يتباحث مع مستشاريه ويفكر في القرارات القادمة مع التاكد من ان كل الخيارات وكل الأفكار تلقى الاهتمام اللازم والعمل على عدم إغفال أي عواقب لهذه التحركات وهذه الخيارات".
ايطاليا تشير إلى معارضتها عقوبة الإعدام
ومن جانبه أشار وزير الخارجية الإيطالي ماسيمو داليما الى معارضة ايطاليا لعقوبة الاعدام. وفي هذا الصدد نقلت وكالة الاخبار الإيطالية انسا عن الوزير تشديده على "ضرورة التوصل الى الحقيقة والعدالة الكاملين في العراق وقلقه من عواقب احتمال تنفيذ حكم الاعدام على عملية المصالحة الوطنية الصعبة في العراق". وكان ماسيمو داليما صرح قبل قليل من سانتياغو في تشيلي حيث يقوم بزيارة رسمية انه "ما زال يأمل في أن الا ينفذ الحكم". كما قال في تصريح اوردته وكالة انسا "نحن نعارض عقوبة الاعدام. بصفتنا ايطاليين وبصفتنا اوروبيين". وعبرت متحدثة باسم منظمة العفو الدولية عن خيبة أمل المنظمة الشديد من قرار المحكمة. وقالت: " نحن ضد قرار عقوبة الإعدام من حيث المبدأ، لكننا ضده في هذه الحالة تحديدا لأنه يأتي بعد محاكمة شابها القصور".
..وهيومن رايتس ووتش تدعو الى عدم تنفيذ حكم الاعدام
وفي سياق متصل دعت منظمة هيومن رايتس ووتش للدفاع عن حقوق الإنسان الحكومة العراقية الى الامتناع عن تنفيذ حكم الإعدام بصدام حسين، معتبرة ان محاكمة الرئيس العراقي السابق بجرائم ضد الإنسانية "مشوبة بالمخالفات". وقال ريتشارد ديكر مدير القضاء الدولي في هيومن رايتس ووتش: "فرض عقوبة الاعدام التي يتعذر الدفاع عنها في كافة الأحوال، خطأ بعد محاكمة تميزت بكثير من الظلم". وأعلنت هيومن رايتس ووتش انه كان يفترض بدائرة التمييز في المحكمة الجنائية إجراء دراسة قانونية معمقة للحكم. وفي تشرين الثاني/نوفمبر، نشرت هيومن رايتس ووتش التي تتخذ من نيويورك مقرا لها، تقريرا أجرته بعد تحقيق استمر عشرة اشهر وعشرات المقابلات مع قضاة ومدعين عامين ومحامين. وجاء في خلاصته أن المحاكمة شابها كثير من المخالفات بحيث أن الحكم لا يستند إلى قواعد صلبة ومن الضروري إلغاؤه.
تحذيرات من تأجيج الاقتتال الطائفي
وفي العراق اتهم محامو صدام حسين الحكومة العراقية بالتدخل في عمل المحاكمة، وقال خليل الدليمي رئيس هيئة الدفاع عن صدام ان تصديق محكمة التمييز العليا على قرار الحكم بإعدامه كان متوقعا كون المحكمة "سياسية وليست قانونية" من وجهة نظره. ودعا الدليمي في حديث مع وكالة فرانس برس رجال القانون والمنظمات الحقوقية في العالم ان يتنبهوا الى انه قرار التصديق أُعلن من قبل رجل سياسي هو موفق الربيعي، مستشار الامن القومي، وهذا يدل على ان القرار سياسي 100 بالمئة. وحذر الدليمي من أن تنفيذ الحكم سيجلب كارثة على المنطقة وسيؤدي إلى تأجيج نار الاقتتال الطائفي في العراق.
وفي غضون ذلك اعتبرت هيئة الدفاع عن صدام حسين في بيان لها نُشر أمس ان اعلان القرار من قبل الربيعي يعد "تدخلاً سافراً في شؤون القضاء". وطالبت الهيئة الامم المتحدة ومؤسساتها المعنية والمنظمات الدولية المعنية والحكومات العربية وجامعة الدول العربية بالتدخل لوقف ما وصفته بالمسلسل الدامي في العراق، "وإلا فان الجميع يكون قد شارك إما بالفعل أو بالصمت في الجرائم التي ترتكب هناك باسم الديمقراطية أحياناً وباسم القانون أحياناً أخرى".