تباين في الآراء إزاء مقاطعة دربان 2 وبرلين تدافع عن موقفها
٢١ أبريل ٢٠٠٩مازال الجدل يثور حول مقاطعة بعض الدول الغربية، ومنها ألمانيا، لمؤتمر الأمم المتحدة لمناهضة العنصرية، الذي يقام في جنيف، والذي يطلق عليه مؤتمر دربان الثاني، وزادت من حدة الجدل مشاركة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد وما تضمنته كلمته من تصريحات مناهضة لإسرائيل.
وتعدّ هذه هي المرّة الأولى التي تقاطع فيها ألمانيا مؤتمرا للأمم المتحدّة منذ انضمامها إليه عام 1973، وقد أثارت مقاطعتها للمؤتمر بجانب بعض دول الاتحاد الاوروبي انتقادات حادّة ركزت على القول بوجود انقسامات وتباين في المواقف بين الدول الأعضاء في الاتحاد، حيث شارك معظمها في المؤتمر، فيما امتنع بعضها. بيد أن وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير رفض في هذا السياق هذه الانتقادات، مشدّدا على أن ذلك لا يعني انقساما داخل الاتحاد الأوروبي في القضايا الهامّة والإستراتيجية.
"مقاطع في الوثيقة الختامية تثير الاعتراض"
وأكّد شتاينماير، عقب لقائه مع نظيره الإيطالي فرانكو فراتيني أمس الاثنين (20 أبريل/ نيسان) في برلين، على أن دول الاتحاد الأوروبي السّبع والعشرين تعارض العنصرية بشكل مطلق. وأضاف الوزير الألماني أن ما حدث من تغيب عن مؤتمر جنيف ليس إلا اختلافا في تقدير فرص تطوّر ونجاح المؤتمر. أمّا عن سبب مقاطعة بلاده للمؤتمر فقال شتاينماير إن "الوثيقة الختامية للمؤتمر تحتوي على مقاطع تثير الاعتراض" وأنّها "لا تستبعد استخدام المؤتمر لأغراض أخرى"، مشيرا إلى "مؤتمر دربان الأوّل، الذي شابت أجوائه إشارات معادية للسّامية."
من جهته، أكّد وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني، الذي كانت بلاده قد أعلنت مقاطعتها للمؤتمر من قبل، أن جميع دول الاتحاد الأوروبي متفقة على إدانة العنصرية، مشيرا إلى أن إيطاليا وألمانيا تخشيان من أن يستغل المؤتمر، الذي تشارك فيه دول مثل إيران، كساحة لرفع شعارات مناهضة لإسرائيل. يُشار إلى أن تصريحات كلّ من شتاينماير وفراتيني قد تزامنت أمس مع انسحاب وفود عدد من الدّول، عندما وصف الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إسرائيل بأنّها "دولة عنصرية"، احتجاجا عليها.
تباين في مواقف الأحزاب الألمانية
من ناحية أخرى، وعلى الصعيد الألماني الداخلي، أثار قرار برلين مقاطعة المؤتمر موقف متباينة داخل الأحزاب في الألمانية. فقد أعرب زعيم حزب الخضر المعارض جيم أوزديمير عن أسفه لمقاطعة الحكومة الألمانية مؤتمر مناهضة العنصرية في جنيف. وقال أوزديمير في تصريح أدلى به أمس الاثنين (20 أبريل / نيسان) في برلين إن "هذه المقاطعة قد زادت من الانتقادات الموجهة لألمانيا"، مشدّدا في الوقت نفسه على تفهّمه لمخاوف المنظمات اليهودية من استغلال الرئيس الإيراني المؤتمر في تأجيج الأحقاد المعادية لإسرائيل والسامية بصورة علنية.
من ناحيته وجه يورجن تريتن مسئول السياسة الخارجية في حزب الخضر انتقادات حادة للحكومة الألمانية بسبب قرارها مقاطعة المؤتمر. وقال تريتن في تصريحات نشرتها صحيفة "شتوتجارتر ناخريشتن" اليوم الثلاثاء إن عدم المشاركة في المؤتمر يعني إفساح المجال لشخصيات أخرى "معادية للسامية". وأضاف السياسي الألماني أن بلاده اتخذت بهذه المقاطعة خطوة معاكسة لمعظم دول الإتحاد. ورأى تريتن أن ألمانيا انضمت لـ"مجموعة من الدول التي قاطعت المؤتمر لأسباب أخرى غير التضامن مع إسرائيل". وقال إن إيطاليا على سبيل المثال قررت مقاطعة المؤتمر لأنها "لا ترغب في الاستماع إلى النقد لتعاملها مع القبائل الغجرية".
كما انتقد رئيس حزب اليسار المعارض لوتار بيسكي بدوره مقاطعة الحكومة الألمانية للمؤتمر، وقال أمس الاثنين في برلين "إن مقاطعة ألمانيا للمؤتمر لن تحول دون استغلال القوى الراديكالية والمتطرفة من استغلال المؤتمر والتأثير عليه لتبني مواقفها"، وأنّه كان يجدر بألمانيا المشاركة في النقاش الدّائر حول مناهضة العنصرية في إطار مؤتمر الأمم المتحدة.
أما الخبيرة في شئون التطرف داخل الكتلة البرلمانية للتحالف المسيحي الحاكم، كرستينا كولر، فرحبت بالموقف الألماني، وقالت في تصريحات نشرها الموقع الالكتروني لمجلة "دير شبيجل" الألمانية: "أرى أن قرار المقاطعة صائب تماما". ولكن كولر أعربت في الوقت نفسه عن دهشتها من تأخر صدور هذا القرار الذي كشفت عنه برلين مساء أمس الأول الأحد وقبل ساعات من انطلاق المؤتمر.
(ش.ع / د.ب.أ / رويترز / أ.ف.ب)
تحرير: عبده جميل المخلافي