تحديات ومشاكل كبيرة على أوروبا مواجهتها في 2022
٢ يناير ٢٠٢٢بإلقاء نظرة سريعة على أحداث عام 2021، المشرف على نهايته، وعلى ما هو متوقع في العام القادم 2022 بالنسبة للاتحاد الأوروبي، يمكن تلخيصه بكلمة واحدة: الجائحة. حيث كانت مكافحة جائحة كورونا هي الموضوع المسيطر في 2021 وستبقى كذلك في 2022 أيضا.
وزير الصحة الألماني، كارل لاوترباخ، الذي سيكون له وزن بين نظرائه في دول الاتحاد الأوروبي، أوضح ذلك بقوله "ستدوم الجائحة أكثر مما كنا نعتقده حتى الآن". أما رئيسة المفوضة الأوروبية، أورزولا فون دير لاين، التي هي أيضا طبيبة مثل لاوترباخ، قالت إن الموجة الرابعة من الجائحة المسيطرة على أوروبا هذه الأيام سيئة بما يكفي. والعام القادم قد يكون الاختبار الثاني لأوروبا.
التطعيم.. التطعيم.. ثم التطعيم
وقالت فون دير لاين في بروكسل مؤخرا "إننا نواجه تهديدا جديدا، إنه متحور أوميكرون" الذي يجب مواجهته بحملة تطعيم أقوى. وأضافت "يقول العلماء لنا الآن، إن التطعيم والجرعة المنشطة، تعزز الوقاية من الإصابة بعدوى فيروس كورونا". وإذا كانت هناك ضرورة سيتم تعديل اللقاحات لتكون فعالة ضد متحور أوميكرون، وقد وقع الاتحاد الأوروبي العقود منذ الآن مع الشركات المنتجة للقاحات.
خلال عام 2021 وبتفويض من الدول الأعضاء، وفرت المفوضية الأوروبية حوالي مليار جرعة من لقاح كورونا لمواطني دول الاتحاد. كما منحت 350 مليون جرعة لقاح لبرنامج "كوفاكس" للأمم المتحدة. وفي العام القادم 2022 سيستمر الاتحاد الأوروبي في توفير اللقاحات لمواطنيه. كما وعدت رئيسة المفوضية الأوروبية بدعم انتاج اللقاحات في دول أخرى ولا سيما في أفريقيا. وقالت فون دير لاين"سنبذل جهودا أكبر لدعم أفريقيا، حيث كميات اللقاح الأقل في العالم" وأضافت أن هدف عام 2002 هو "تأمين حصول 70 بالمائة من سكان العالم على اللقاح بشكل كامل، بحلول منتصف العام".
نسبة تلقيح منخفضة في كثير من دول الاتحاد!
توزيع اللقاحات في المركز الرئيسي للاتحاد الأوروبي في بروكسل، تم ببطء في البداية، وبعد الموجة القوية في فصل الربيع كان فصل الصيف مريحا نسبيا، حيث أعيد فتح الشواطئ أمام المصطافين والمطاعم والنوادي الليلية، وعادت الحياة شبه طبيعية. لكن المعدل المتوسط لنسبة التلقيح البالغ 66 بالمائة في دول الاتحاد الأوروبي، لم يكن كافيا لمنع موجة جديدة من العدوى في فصل الخريف وازدياد عبء المستشفيات في بعض بلدان الاتحاد الأوروبي.
والملفت للأنظار هو أن نسبة التلقيح متباينة جدا بين الدول ففي حين أنها 26 بالمائة في بلغاريا، وصلت في مالطا إلى 82 بالمائة. وتجدر الإشارة إلى أن القواعد والإجراءات المتعلقة بالحماية من العدوى، هي شأن وطني تنظمه كل دولة على حدة. لكن من خلال نظام "جواز كورونا الأوروبي" الموحد الخاص بالتلقيح، نجح الاتحاد الأوروبي في إبقاء الحدود مفتوحة بين الدول الأعضاء.
فرض التلقيح الإلزامي على الجميع؟
تريد ألمانيا والنمسا فرض إلزامية التلقيح على جميع المواطنين، في حين أن دولا مثل إيطاليا واليونان قد فرضته لفئات عمرية ومهن محددة. وأشارت رئيس المفوضية الأوروبية، أورزولا فون دير لاين، إلى أن مناقشة إلزامية التلقيح "أمر مناسب وضروري".
وسيناقش وزراء الصحة في دول الاتحاد الأوروبي، وبسرعة خلال العام الجديد 2022، مسألة إلزامية التطعيم لجميع المواطنين ومدى جدوى ذلك. وهذا يثير التساؤل حول ما إذا كانت ألمانيا مثلا بعد فرض التلقيح على الجميع تريد أو تستطيع منع مواطني الدول الأخرى غير الملقحين من دخول أراضيها؟ ولخصت فون دير لاين استراتيجيتها لمواجهة الجائحة خلال عام 2022 بالقول "دعونا نأمل في الأفضل، بينما نجهز أنفسنا للأسوأ".
تعافي الاقتصاد والحفاظ على مبدأ دولة القانون
التعافي الاقتصادي الذي بدأ في أوروبا عام 2021 يجب الحفاظ عليه والاستمرار فيه وتوسيعه إن أمكن. ولدعم هذا التعافي خصصت المفوضية الأوروبية 750 مليار يورو. وقد كانت دول شرق وجنوب أوروبا وعلى رأسها إيطاليا المستفيد الأكبر من هذه الأموال وبرامج الدعم الأوروبية.
لكن بولندا وهنغاريا لم تحصلا على مساعدات من المفوضية الأوروبية بعد، رغم أنهما قدمتا برامجهما الاستثمارية. حيت تريد المفوضية حل الخلاف بشأن الالتزام بمبدأ دولة القانون مع هذين البلدين، قبل حصولهما على أي من المساعدات المالية. ففي عام 2021 كان هناك صراع مرير بين المفوضية الأوروبية والحكومة القومية المحافظة في كل من بولندا وهنغاريا حول النظام القانوني ومبادئ الاتحاد الأوروبي، التي شكك فيها أو رفضها بشكل صريح هذان العضوان في الاتحاد.
ويمكن أن تزداد القوى النابذة خلال عام 2022، إذ إن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، التي كانت معروفة بالاعتدال والحلول الوسطى، قد تركت الساحة السياسية، وبالتالي يمكن أن يبدأ الآن العد التنازلي. وهذا ما أعلن عنه على الأقل رئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوربان بقوله "هناك أمر مؤكد، وهو أن عهد الغموض والتستر والمماطلة قد انتهى مع ميركل. ونحن نستعد لمعركة مفتوحة الآن" معلقا على التغيير الحكومي في ألمانيا بعد رحيل ميركل.
ماكرون والسياسة الأوروبية الخارجية
تتجه الأنظار في عام 2022 إلى فرنسا، حيث يريد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الترشح لولاية ثانية، وسيتولى رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي مع بداية العام الجديد. ماكرون يريد أن يوضح من خلال معركته الانتخابية ضد اليمين، بأنه قد غيّر أوروبا كما كان قد وعد. وقبل كل شيء على صعيد السياسة الخارجية يريد أن يجعل من أوروبا لاعبا استراتيجيا "سياديا". وفي "قمة الاستراتيجية" الربيع المقبل يريد التعهد أمام قادة الدول الأعضاء الآخرين بأهداف سياسية خارجية تجاه الولايات المتحدة والصين وروسيا وباقي دول العالم. ولتحقيق ذلك يجب تعزيز السياسة الخارجية والدفاعية وجعلها أكثر تماسكا. ويأمل ماكرون أن يجد في المستشار الألماني الجديد، أولاف شولتس، حليفا يدعم خططه بعد رحيل ميركل التي كانت مترددة.
ويمكن أن تواجه "السيادة" الأوروبية الامتحان الأول في وقت مبكر من العام الجديد، حيث يهدد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بغزو أوكرانيا نهاية شهر كانون الثاني/ يناير المقبل. فكيف سيكون رد الاتحاد الأوروبي ورد الناتو على ذلك؟ حيث تطالب دول البلطيق وبولندا منذ زمن طويل بحماية أكبر من خلال الاتحاد الأوروبي أيضا.
قضية الهجرة واللاجئين
التعامل مع مسألة الهجرة والنزوح وقانون اللجوء، موضع خلاف دائم بين دول الاتحاد الأوروبي، ليس حول الوضع على الحدود مع بيلاروسيا فقط، وإنما في القنال الإنكليزي (بحر المانش) وقبالة جزر الكناري وفي إيطاليا واليونان وعلى طريق البلقان أيضا. ففي عام 2021 لم يتم إحراز أي تقدم في هذا الصدد. فهل سيكون الأمر مختلفا في عام 2022 ويتم الوصول إلى حل للخلاف؟ وكيف سيكون الأمر: صد المهاجرين؟ أم عزلهم؟ أم استقبالهم وتوزيعهم؟ لا تزال هذه الأسئلة مثار جدل وتحتاج لإجابة.
المتشددون حيال موضوع الهجرة في أوروبا، يستطيعون تصور اتحاد أوروبي بدون قانون للجوء! مثل، بالاز أوربان، الذي هو نائب وزير في هنغاريا، حيث اشتكى من أن النظام الحالي لا يستطيع إيقاف الناس عند حدود الاتحاد الأوروبي. وتتهم منظمة العفو الدولية الاتحاد الأوروبي بتقويض وانتهاك حقوق الإنسان واللاجئين على حدوده وإجبار الناس على السفر بشكل خطير.
برند ريغرت/ ع.ج