تحطم الطائرة وتأثيره على صورة مصر في الخارج
٢٠ مايو ٢٠١٦لا تزال ملابسات تحطم الطائرة المصرية فوق البحر المتوسط إلى الآن غامضة. وزير الطيران المدني المصري شريف فتحي قال إن الظروف المحيطة بتحطم الطائرة "توحي بأن فرضية هجوم إرهابي قد تبدو الاحتمال الأرجح". من جهة أخرى أكد وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت عدم امتلاك بلاده "أي مؤشر على الإطلاق حول أسباب" التحطم. لكن بغض النظر عن ما إذا كانت التحطم لأسباب تقنية أو ناتجا عن عمل إرهابي، فإن تداعيات هذا الحادث ستؤثر على مصر كوجهة سياحية مفضلة وأيضا على صورتها في الخارج.
قطاع السياحة.. رافد هام للخزينة
لم تكد مصر تتعافى من أزمتها السياحية الخانقة، إلا وجاء حادث تحطم طائرة الخطوط الجوية المصرية "إم إس 804" ليزيد من حدة الأزمة، خاصة وأن الموسم السياحي على الأبواب. إذ تشير إحصاءات الحكومة المصرية إلى تراجع في عائدات السياحة بنسبة 66 بالمائة في الربع الأول من هذا العام، مقارنة بالعام الماضي. ما معناه انخفاض بلغ أكثر من مليون سائح. الخبير المصري في اقتصاد السياحة والبروفيسور في جامعة فرانكفوت سعيد البطوطي يربط هذا التراجع في حديثه لـDW بـ"الإجراء القاسي بعد الحظر الروسي على الوجهة السياحية المصرية". إذ منعت روسيا رعاياها من زيارة مصر بعد أن تحطمت طائرة روسية تقل أكثر من مائتي سائح فوق سيناء آخر شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي بسبب انفجار عبوة خبأها تنظيم الدولة الإسلامية آنذاك في علبة صودا. اختراق أمني وحادث أليم دفع شركات الخطوط الجوية الأوروبية أيضا إلى إلغاء رحلاتها إلى شرم الشيخ. ولهذا فإن الهاجس الأمني هو أكبر تحد تواجهه السياحة المصرية في الوقت الحالي حسب البروفيسور البطوطي.
تعتبر السياحة المصدر الأهم للعملات الصعبة ويقتات من هذا القطاع أكثر من مليوني مصري. كما أنها تمثل 11 بالمائة من الناتج الوطني الإجمالي. ولهذا فإن قطاع السياحة يعتبر هاما جدا لاقتصاد مصر. إلى وقت قصير كانت هناك بوادر انفراج لأزمة السياحة في مصر وعودتها كوجهة سياحية مفضلة. إذ أشاد وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير قبل بضعة أسابيع بتحسن أداء أمن المطارات المصرية. كما رفع وزير النقل الألماني حظر السفر إلى شرم الشيخ. تبع ذلك إعلان روسيا نيتها إعادة الملاحة الجوية بين مصر وسوريا. بيد أن تحطم الطائرة المصرية جعل موسكو تعدل عن قرارها سريعا بعد أن صرح مصدر رفيع بالحكومة الروسية أن "فقدان الطائرة المصرية سيؤخر عودة الروس إلى مصر".
هل تتضرر صورة مصر أكثر؟
لكن الدكتور البطوطي يستبعد أن يؤثر هذا الحادث على قطاع السياحة المصرية في الوقت الحالي. ويقول: "الطائرة المصرية المنكوبة أقلعت من مطار شارل ديغول في باريس وليس من مطار مصري. لهذا فمهما كان سبب سقوط الطائرة، فإن الضغط والمسؤولية على السلطات المصرية وعلى الخطوط المصرية سيكون أقل". كما يرجح البطوطي أن تعود السوق المصرية إلى تعافيها مع الموسم الشتوي في بداية شهر تشرين الثاني/نوفمبر القادم.
في المقابل، وصف الباحث الألماني في شؤون الشرق الأوسط ميشائيل لودرز في حديث له لإذاعة "دويتشلاند فونك" أن تحطم الطائرة المصرية "بمثابة الكارثة لمصر واقتصادها". ويفسر ذلك بالقول "تحطم الطائرة سيغذي قلق السياح من الذهاب إلى مصر". من جهتها ذكرت مجلة دير شبيغل الألمانية أن هذ الحادث "سيؤثر بشكل سلبي على صورة مصر في الخارج، سواء أقلعت الطائرة من باريس أو من مصر". وأضافت المجلة الألمانية أن "السياح الآن سيربطون صورة مصر في ذهنهم بالأخبار السيئة وليس بالفراعنة أو بالشواطئ الجميلة".
لكن هذه الأخبار السيئة في الحقيقة ليست جديدة، إذ تسببت بعض الحوادث الأمنية في نفور السياح من مصر وإلى تدهور صورة مصر في الخارج. صحيفة الغارديان البريطانية ذكرت أن هناك حالة الأمن في مصر تدعو إلى القلق. وترجع الصحيفة ذلك إلى سلسة الحوادث الصغيرة التي ضربت مصر في الأشهر الماضية مثل حادثة خطف الطائرة المصرية أو الهجوم على حافلة سياح بالقرب من أهرامات الجيزة والهجوم الإرهابي الذي حصل بالقرب من نزل في الغردقة.
كما يضاف إلى هذه القائمة خطف الطائرة المصرية إلى قبرص، وقتل الجيش المصري 12 سائحا مكسيكيا على وجه الخطأ في العام الماضي. ثم حادثة مقتل الطالب الإيطالي ريجيني تحت التعذيب التي لا تزال إلى اليوم عالقة في الأذهان. لكن ريجيني ليس الضحية الوحيدة لأخطاء النظام المصري. الخبير الألماني ميشائيل لودرز في حديثه مع إذاعة "دويتشلاند فونك" يشير إلى أن إحكام النظام المصري قبضته الأمنية لمحاربة الإرهاب خلق جوا قمعيا ضد الحريات وحقوق الإنسان، ذهب ضحيته إلى الآن أكثر من 40 ألف مصري في السجون المصرية. هذا ما زاد من حدة الانتقادات الغربية لسجل انتهاكات حقوق الإنسان في مصر.