ترحيب إخواني ورفض حقوقي: هل تعود "الطوارئ" لمصر؟
٧ سبتمبر ٢٠١٢لا يزال الأمن من أهم القضايا التي تشغل بال الرأي العام في مصر، وذلك رغم التحسن النسبي في الحالة الأمنية في الشارع المصري مؤخراً. بيد أن حوادث العنف والبلطجة وانتشار السلاح لا تزال ملفات مفتوحة، من هنا نجد أن الرئيس المصري محمد مرسي يركز في كل خطاب من خطاباته تقريباً على أن قضية تحقيق الأمن تأتي على رأس سلم أولوياته.
القانون ينتهك الحقوق الدستورية للمواطنين
لكن بعض المحللين يرون أن هناك تضخيما لحالة الانفلات الأمني في الشارع من بعض الجهات الإعلامية والأطراف السياسية لتحقيق مكاسب سياسية. فقد طرح وزير العدل المصري المستشار أحمد مكي مؤخرا مشروع قانون طوارئ جديد بدعوى استعادة الأمن والقضاء على ظاهرة البلطجة ، تحت عنوان: "الظروف الاستثنائية والطوارئ".
ويعطى القانون الحق لرئيس الجمهورية فرض حالة الطوارئ في البلاد في حالة وقوع حرب أو حدوث اضطرابات أو كوارث طبيعية أو بيئية أو صحية أو انتشار الأوبئة. وبفرض قانون الطوارئ في أي من الحالات السابقة يصبح من حق الرئيس اتخاذ أي من التدابير التالية للمحافظة على الأمن مثل: القبض على المشتبه فيهم أو المعروفين بماضيهم الإجرامي أو الخطرين على الأمن واعتقالهم والترخيص في تفتيشهم وتفتيش أماكن وجودهم دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية.
كما يمنح القانون الجديد للسلطة التنفيذية حق فرض حظر التجوال وتقييد حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والإقامة وذلك كله في المنطقة التي تشملها حالة الطوارئ. كما يمنح القانون السلطة لرئيس الجمهورية أو من ينوب عنه بالأمر بمراقبة الرسائل أياً كان نوعها ومراقبة الصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات والرسوم وكافة وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها وضبطها ومصادرتها وإغلاق أماكن طبعها، على أن تكون الرقابة على الصحف والمطبوعات ووسائل الإعلام مقصورة على الأمور التي تتصل بالسلامة العامة أو أغراض الأمن القومي.
حزب الحرية والعدالة: قانون الطوارئ ضرورة في كل دول العالم
مشروع القانون الجديد أثار جدلاً في الأوساط السياسية والحقوقية إذ لقي استحسانا من قبل حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للإخوان المسلمين، الذي كان يرأسه الرئيس محمد مرسي قبل انتخابه. ودعا أحمد أبو بركة المستشار القانوني لجماعة الإخوان المسلمين إلى دعم قانون الطوارئ الجديد قائلاً: "قانون الطوارئ في حد ذاته لا يخيف وإنما الطريقة التي كان يتم استخدامه بها، فكل دول العالم لديها قانون طوارئ".
مشروع القانون تسبب في جلسة عاصفة بمجلس الشورى المصري حيث انتقده صلاح الصايغ النائب عن حزب الوفد وأعلن عن رفض الحزب للقانون الجديد. وجاء الرد من أحمد فهمي، العضو في حزب الحرية والعدالة ورئيس مجلس الشورى. فهمي رأى أن قانون الطوارئ الحالي سيء للغاية والقانون الجديد أفضل كثيراً و"الأفضل إقراره لمواجهة حالة الانفلات الأمني"، حسب قوله.
جمال عيد: الطوارئ لا يمكن أن تحقق الأمن
وإلى جانب بنود مشروع القانون نفسه التي تشهد اعتراضات واسعة، يعترض البعض على طرح مثل هذا القانون في التوقيت الحالي وفي ظل غياب مجلس الشعب، بحيث يصبح الطريق الوحيد لإقرار القانون هو إصداره بمرسوم رئاسي من قبل رئيس الجمهورية محمد مرسي. ولذا فقد قام المستشار أحمد مكي، وزير العدل، بعدد من الخطوات لبعث الطمأنينة في نفوس المعترضين والرافضين لفكرة الطوارئ. وفي هذا الإطار التقى الوزير مؤخراً مع 12 منظمة حقوقية مصرية لبحث عدد من الملفات منها استقلال القضاء وعرض عليها مشروع قانون الطوارئ الجديد.
جمال عيد المدير التنفيذي للشبكة العربية لمنظمات حقوق الإنسان كان أحد أبرز من حضروا هذا الاجتماع. عيد علق في حوار مع DW عربية على لقاء الحقوقيين مع الوزير مكي قائلا: "المستشار مكي وزير العدل الحالي لديه سمعة وتاريخ جيد، ونحن نثق في أن نواياه طيبة لكننا نهتم بالممارسة والعمل على الأرض، وحينما عرض علينا قانون الطوارئ الجديد أعلنت جميع المنظمات الحاضرة رفضها القاطع لقانون الطوارئ". وأضاف عيد بأن الحاضرين أخبروا الوزير بأن "هناك مشاريع قانون لها الأولوية الآن مثل قوانين استقلال القضاء وقانون الجمعيات الأهلية وليس من ضمن هذه الأولويات قانون طوارئ جديد".
الناشط والحقوقي جمال عيد أوضح أن الوزير مكي أخبرهم أن وزارة الداخلية هي الجهة التي تصر وتطالب بقانون الطوارئ بدعوى أنه وسيلتها الوحيدة لاستعادة الأمن وهو ما استهجنته المنظمات الحقوقية. وختم عيد كلامه لـ DW عربية بأن ممثلي المنظمات الحقوقية أبلغت وزير العدل رفضها لمنطق وزارة الداخلية إذا "لا يصح أن ترفض الوزارة القيام بمهامها الوظيفية إلا في ظل قانون الطوارئ. كما أن الطوارئ لم تحم نظام مبارك في السابق وليست أبداً وسيلة لتحقيق الأمن".