تركيا: أردوغان يدعو للهدوء ويتحدى المحتجين
٣ يونيو ٢٠١٣فيما تستمر لليوم الرابع على حملة احتجاجات ترافقها أعمال عنف في اغلب المدن التركية الكبرى، يسعى رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الى التهدئة وقد دعا الإثنين03 حزيران/ يونيه 2013 إلى الهدوء وحث الجماهير على ألا تثيرها المظاهرات التي قال إن "عناصر متطرفة" تنظمها.وأضاف في مؤتمر صحفي في مطار اسطنبول قبل زيارة رسمية مزمعة للمغرب "التزموا الهدوء والطمأنينة وسيجري التغلب على كل هذا " . ومن المقرر ان يتوجه اردوغان الى المغرب اليوم الاثنين في اطار جولة رسمية تشمل ايضا الجزائر وتونس. وقالت مصادر في مكتبه ان جولته ستمضي قدما.
ونقلت فضائيات عدة كلمة اردوغان التي أشار فيها إلى انه زعيم منتخب، وإذا فشل في أداء مهمته فلن يعيد الشعب انتخابه. كما عدد بعض من منجزاته ومنها تدني مستويات التضخم ، وارتفاع معدل الدخل من 3000 إلى 10.000 دولار أمريكي.
وقالت وكالة دوغان للإنباء ان محتجين القوا قنابل حارقة على مكاتب حزب العدالة والتنمية الحاكم خلال الليل في مدينة ازمير الساحلية بغرب تركيا وأظهرت مشاهد تلفزيونية اشتعال النار في جزء من مبني الحزب.وتناثرت المظلات المخصصة لانتظار ركاب الحافلات وحجارة الأرصفة وإشارات الطرق التي اقتلعها المتظاهرون ليصنعوا منها حواجز في شارع رئيسي عند مضيق البوسفور في اسطنبول حيث وقعت بعض من اعنف الاشتباكات خلال الليل وغطت الكتابات الجدران.وأغلقت الطرق الواقعة حول مكتب رئيس الوزراء التركي طيب اردوغان في اسطنبول في الوقت الذي اطلقت فيه الشرطة الغاز المسيل للدموع لصد المحتجين في الساعات الاولى من صباح اليوم الاثنين .
في الشارع الرئيسي الواقع قرب مكتب اردوغان قاد متظاهر جرار صغير صوب خطوط الشرطة خلال الليل وسار خلفه محتجون آخرون. وعند مسجد قريب عالج مسعفون ومن بينهم أطباء متدربون من أصيبوا خلال الاشتباكات.وداهمت الشرطة مجمعا تجاريا في قلب العاصمة انقرة لاعتقادها لجوء المتظاهرين اليه وقامت باعتقال عدة أشخاص.
أردوغان : " الاحتجاجات أيديولوجية محضة"
وكان عشرات الآلاف قد خرجوا إلى الشوارع في أكبر أربع مدن تركية الأحد 02 حزيران/ يونيه 2013 واشتبكوا مع شرطة مكافحة الشغب التي أطلقت الغاز المسيل للدموع في ثالث يوم من الاحتجاجات المناوئة للحكومة والأعنف في البلاد منذ سنوات. ودوت اصوات ابواق السيارات وقرع الناس على الاواني من الشرفات دعما للاحتجاجات في شتى انحاء اسطنبول وانقرة حتى ساعة متأخرة من الليل مع مناوشة مئات المتظاهرين شرطة مكافحة الشغب.
وانحى اردوغان باللائمة على حزب المعارضة الرئيسي العلماني وهو حزب الشعب الجمهوري في تحريض المحتجين الذين وصفهم بأنهم "بضعة لصوص" وقال إن هذه الاحتجاجات تهدف إلى حرمان حزبه العدالة والتنمية الحاكم من الاصوات في الانتخابات التي تبدأ العام المقبل. ونقلت صحيفة حريت عن محمد جولر وزير الداخلية قوله ان اكثر من 200 مظاهرة وقعت في 67 مدينة في شتى انحاء تركيا.
واندلعت الاحتجاجات يوم الجمعة عندما تم قطع أشجار في متنزه بميدان تقسيم الرئيسي في اسطنبول في إطار خطط حكومية رامية إلى تطوير المنطقة ولكنها اتسعت لتتحول إلى تحد واسع لحزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية. وقال اردوغان إن خطط تجديد الميدان الذي يعتبر منذ فترة طويلة نقطة تجمع للمظاهرات الجماهيرية ستمضي قدما بما في ذلك بناء مسجد جديد وإعادة بناء ثكنة ترجع للعهد العثماني .أشار رئيس الوزراء إلى أن الاحتجاجات ليس لها أي صلة بخطط الحكومة.
وقال في مقابلة بثها التلفزيون التركي "إنها (الاحتجاجات) أيديولوجية محضة.حزب المعارضة الرئيسي الذي يطلق دعوات للمقاومة في كل الشوارع يثير هذه الاحتجاجات... هذا الأمر يتعلق بحزبي الحاكم وبالانتخابات المحلية الوشيكة في اسطنبول وبمحاولات جعل خسر حزب العدالة والتنمية يخسر أصواتا هنا."
"المتظاهرون ليسوا من حزب الشعب الجمهوري فقط "
من جانبه، نفى حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة تنسيق الاضطرابات منحيا باللائمة على سياسات اردوغان. وقال محمد عاكف حمزة شابي أحد كبار أعضاء الحزب "الناس الموجودون في الشوارع في كل أنحاء تركيا ليسوا من حزب الشعب الجمهوري فقط ولكنهم ينتمون إلى جميع المذاهب الفكرية والأحزاب." وأردف قائلا لرويترز "ما ينبغي على اردوغان فعله ليس إلقاء اللوم على حزب الشعب الجمهوري بل استخلاص الدروس اللازمة مما حدث."
واتسعت الاحتجاجات التي بدأتها مجموعة صغيرة من الناشطين المدافعين عن البيئة عندما استخدمت الشرطة القوة لطردهم من متنزه في ميدان تقسيم. وبعد انتشار الأنباء عبر الإنترنت اجتذبت المظاهرات مجموعة واسعة من الناس من جميع الفئات العمرية وشتى الأطياف السياسية والاجتماعية. وصدمت ضراوة رد فعل الشرطة في اسطنبول الأتراك بالإضافة إلى السائحين الذين فوجئوا بالاضطرابات في واحدة من أكثر المناطق التي يزورها سائحون في العالم.
وأطلقت طائرات هليكوبتر عبوات الغاز المسيل للدموع في أحياء سكنية واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع في محاولة لإجبار محتجين على الخروج من مبان . وأظهرت صورة على يوتيوب شاحنة شرطة مدرعة تصدم محتجا لدى اقتحامها حاجزا.وأثار أسلوب معالجة الاحتجاجات انتقادات من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وجماعات حقوقية دولية.
اتهامات باسلمة تركيا العلمانية
وأدى تشديد القيود على بيع الخمور وتحذيرات من إظهار مشاعر الحب علنا في الأسابيع الأخيرة إلى إثارة احتجاجات. واندلعت احتجاجات سلمية أيضا بسبب مخاوف من أن تؤدي سياسة الحكومة إلى جر تركيا إلى الصراع في سوريا.
وتحدث اردوغان عبر التلفزيون امس للمرة الرابعة في أقل من 36 ساعة وبرر القيود المفروضة على الخمور بأنها من اجل صحة المواطنين. وقال "أود أن يعلموا أنني أريد هذه (القيود) من أجل صحتهم... فكل من يشرب الخمر هو مدمن لها." وفي مقابلة مع قناة "شو تي في" التلفزيونية الخاصة واصل اردوغان تحديه للمتظاهرين الذين يتهمونه بالسعي الى "اسلمة" المجتمع التركي، مؤكدا انه سيتم تشييد مسجد في ساحة تقسيم. وقال "نعم، سنقوم ايضا ببناء مسجد. ولن اطلب اذنا من رئيس حزب الشعب الديمقراطي (اكبر أحزاب المعارضة) او من حفنة من المخربين للقيام بذلك. من صوتوا لنا (في الانتخابات) منحونا السلطة للقيام بهذا الأمر".
وأضاف "يصفوني بالديكتاتور. إذا كانوا يشبهون خادما متواضعا بالديكتاتور فانا لا اعرف ماذا أقول". كما دافع رئيس الوزراء التركي عن القانون الذي اقره البرلمان الأسبوع الماضي والقاضي بتقييد حرية بيع وشرب الخمور، وقال إن "من يشرب الخمر هو مدمن على الخمر"، قبل ان يستدرك قائلا "لا اقصد كل الناس بل أولئك الذين يشربون الخمر بانتظام".
ولكن اردوغان ناشد الأتراك عدم الانجرار إلى الشارع ، وقال في المقابلة التلفزيونية مخاطبا مواطنيه "اذا كنتم تحبون تركيا، اذا كنتم تحبون اسطنبول، لا تنجروا وراء هذه الألاعيب".
م.م / ح.ز : رويترز، أ ف ب