تركيا: "سجن نصف مفتوح للصحفيين"
٢٨ يوليو ٢٠١٣يتهم كمال كيليجدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان، بأنه حول البلاد إلى سجن "شبه مفتوح" بالنسبة للصحافيين. لكن نائب اردوغان، بكر بوزداق ينفي ذلك واصفا اتهامات رئيس حزب الشعب الجمهوري بأنها خالية من الصحة تماما.
وقد فقد عدد كبير من الصحفيين عملهم منذ اندلاع احتجاجات حديقة جيزي في اسطنبول، كما تعرض بعضهم للاعتقال. وحسب بيانات الاتحاد التركي للصحافيين فإن أكثر من سبعين صحافيا صرفوا من عملهم أو أرغموا على الاستقالة منذ اندلاع الاحتجاجات في 31 أيار/ مايو الماضي. وقالت الهيئة في بيان "منذ بداية التصدي لمشروع حديقة جيزي، فقد ما لا يقل عن 59 صحافيا وظائفهم".
ومن أصل الصحافيين التسعة والخمسين تم طرد 22 وأرغم 37 على الاستقالة من قبل أرباب العمل، حسب ما جاء في وثيقة نددت بضغوط السلطات على الصحف "للتخلص" من الصحافيين غير المتساهلين مع السياسات التي تعتمدها الحكومة. والمتظاهرون اعتبروا حينها، أن عمل وسائل الإعلام كان منحازا واحتجوا على "إخضاع" عدد من المجموعات الصحافية.
عمله سبب إقالته
تسيطر على الصحافة المكتوبة والتلفزيون في تركيا شركات تعد مقربة من الحكومة الإسلامية المحافظة الحاكمة منذ 2002. وحدها بعض الصحف وقنوات التلفزيون تظهر استقلاليتها أو حتى معارضتها السياسية للنظام الحاكم منذ أكثر من 10 سنوات، وتخضع بحسب المنظمات المدافعة عن الصحافة لضغوط سياسية ومالية من قبل السلطات.
الصحفي يافوز بيدار واحد من الذين فقدوا عملهم، وكان يعمل لمدة تسعة أعوام في صحيفة الصباح التركية. وقد انتقد في حديث له مع DW أداء عمل الصحيفة المقربة من الحكومة خلال الاحتجاجات. "كان عملي هو جمع الاعتراضات والمظالم والشكاوى المرسلة إلى الصحيفة من القراء وإعادة كتابتها في عمودي بالصحيفة. لكن منذ بدأت الاحتجاجات منع نشر عمودين لي". الصحفي بيدار معروف بمواقفه الليبرالية. ودعي خلال هذا الشهر إلى المفوضية الأوروبية في بروكسل لإلقاء كلمة حول وضع الصحافة التركية، عبر فيها عن نقده لعمل الصحافة التركية في الوقت الحالي.
بعد عودته إلى تركيا لاحظ بيدار ظهور رقابة قوية على وسائل الإعلام: "بدأت وسائل الإعلام التركية ُتظهر مؤسسات إعلامية دولية مثل قناة CNN الإخبارية الأميركية وقناة الجزيرة ووكالة رويترز للأنباء على أنها مصادر معادية". بل إن صحيفة الصباح التركية وجهت نقدا لاذعا لمجلة دير شبيغل الألمانية بعد نشرها موضوعا خاصا حول الاحتجاجات في اسطنبول.
ويقول بيدار: "كان المقال الأول الذي منع من النشر في الصحيفة يتناول ادعاءات وسائل الإعلام التركية على وسائل الإعلام الخارجية. رغم أن طبيعة عملي في عمودي وظيفته إبراز استقلالية الإعلام التركي ومصداقيته. وبعد يومين فقط من هذا المقال الممنوع من النشر تمت إقالتي من عملي".
فقدان الاستقلالية
"لا توجد في تركيا مؤسسات إعلامية مستقلة مثل مؤسسة ARD الألمانية أو مؤسسة BBC البريطانية، واللتان يتم تمويلهما من أموال دافعي الضرائب". يقول بيدار. ويضيف "هذا الوضع مقلق جدا". ويشير إلى أن الكثير من أعضاء الحكومة غير راضين عن سيطرة الحكومة على الإعلام في تركيا "لكنهم يرضخون إلى ضغوط رئيس الوزراء"، حسب رأيه.
ويقول صحفي التحقيقات أحمد زك لـ DW إن الإعلام التركي يمر "بأسود أيامه منذ عقدين". وحسب رأيه فإن الرقيب كان يعمل في كل وقت، "لكنني لا أتذكر أنه كان يعمل بمثل هذه القوة من قبل، فقد بدأ الناس يفقدون أعمالهم وأعمدتهم الصحفية وبرامجهم التلفزيونية". وكان أحمد زك قد أمضى 13 شهرا في السجن، بتهمة الانضمام إلى حركة "أيرغينيكون" السرية المسلحة.
غالبا ما يكون سبب اعتقال الصحفيين "اتصالات هاتفية بينهم أو مع أشخاص آخرين أو صورا يلتقطونها أو مقالات يكتبونها". حسب الصحفي زك. هو نفسه اتهم بالتعاون مع منظمة إرهابية، حيث يقول: "اتهام شخص ما بالانضمام لجهة إرهابية يجب أن يكون على أساس حمل سلاح غير مرخص أو شيء من هذا القبيل، لا على أساس حمل كاميرا تصوير".
"الدولة نفسها تقسوا وتقوم بأعمال غير مقبولة. رأينا ذلك بأم أعيينا خلال الاحتجاجات. قتل ستة أشخاص بينهم شرطي. كثيرون مازالوا يقضون أوقاتهم في المستشفيات. لا أجد غير كلمة إرهاب تصف ما حدث. فضرب متظاهرين سلميين بمثل هذا العنف، هو إرهاب". والأفضل اليوم حسب رأيه بالنسبة للصحفيين هو عدم العمل في وسائل الإعلام الجماهيرية. ثم يقول: "زملائي الذين مازالوا يمارسون عملهم إلى الآن، ينظرون خجلا نحو الأرض".