تركيا وألمانيا ومفاوضات الانضمام للاتحاد الأوروبي
٤ فبراير ٢٠١٤التقى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات بين البلدين بعض التوتر والفتور. وكان على رأس المواضيع التي تطرق إليها الطرفان ملف انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي وحل القضية السورية. فعلى الصعيد الأول، أكدت المستشارة الألمانية على موقفها، قائلة:" ليس الأمر بالسر. لم يتغير موقفي إزاء شكوكي في منح تركيا العضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي". من جانب آخر، أشار رجب طيب أردوغان بثقة إلى أن "تركيا ليست وحدها بحاجة أوروبا، بل أوروبا أيضاً بحاجة تركيا"، مذكراً بالدور المحتمل لبلده في حل النزاعات في المنطقة.
وتعرضت الحكومة الائتلافية الألمانية الجديدة للنقد من الجانب التركي بشأن التعديل المتوقع على حق الألمان من أصول تركية بالاحتفاظ بالجنسيتين التركية والألمانية معاً. وينص هذا التعديل على أن مواليد ألمانيا من أصول مهاجرة لن يتوجب عليهم بعد الآن اختيار جنسية الوالدين أو الجنسية الألمانية عند بلوغهم سن الثالثة والعشرين، بل بإمكانهم الاحتفاظ بالاثنتين معاً. إلا أن ذلك يقتصر على المواليد في ألمانيا، فيما يتم تجاهل نسبة كبيرة من المهاجرين المقيمين في ألمانيا لم يلدوا فيها. وهو ما انتقدته تركيا مشيرة إلى المهاجرين القادمين إلى ألمانيا في سن البلوغ، فلابد لهؤلاء من التخلي عن جنسيتهم الأصلية للفوز بالألمانية. لذلك وصف نائب رئيس الوزراء التركي، بكر بوزداغ، هذا التعديل بـ"انتهاك لحقوق الإنسان".
وكانت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل وصفت الحملة التي شنتها الحكومة التركية على المحتجين في غيزي بارك الصيف المنصرم بـ"القاسية للغاية". في الوقت الذي اعتبر الوزير التركي للشؤون الأوروبية إيجمن باجس هذه التصريحات من الجانب الألماني مناسبة لكسب الأصوات في الانتخابات الألمانية، وهو ما ردت عليه وزارة الخارجية الألمانية في برلين باستدعاء السفير التركي لديها، لترد تركيا باستدعاء السفير الألماني في أنقرة. هذا إلى جانب التهديد في تعليق مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، لتثار من جديد دوامة النقاشات السياسية في ألمانيا حول الملف التركي.
ملفات جديدة في مفاوضات الانضمام للاتحاد الأوروبي
بعد انقطاع دام ثلاث سنوات، تخلله فتح ملف واحد في تشرين الثاني/ نوفمبر العام الماضي، دعت المستشارة الألمانية إلى فتح ملفين جديدين ليغدو عدد الملفات المفتوحة 14 من أصل 35 ملفاً. ملف واحد فقط من هذه الملفات أغلق وهو ملف "العلم والبحث". ويرى المختص بالشؤون التركية في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، يشار أيدن، أن ربط الشؤون الداخلية التركية بانضمامها للاتحاد الأوروبي هو المشكلة الأكبر على صعيد العلاقات التركية الألمانية. ويضيف:" الثقة في سيادة القانون في تركيا ضعيفة"، مشيراً إلى نتائج أولية لقضية فساد في السياسة التركية تتعلق باستبدال حكومة أردوغان لآلاف من رجال الشرطة ومدعين عامين قسراً لدرء تحقيقات غير مرغوب بها. إضافة إلى تبعات أحداث غيزي بارك، فيعلق أيدن:" حضر هذه الاحتجاجات آنذاك اثنان من قياديي حزب الخضر الألماني وهو ما رأت فيه الحكومة التركية تدخلاً غير مشروع في الشؤون الداخلية". هذا في الوقت الذي انتشر فيه خبر خضوع بيانات أحد سياسيي المعارضة على موقعه الإلكتروني للرقابة قضائياً. كما ويناقش البرلمان التركي قانوناً جديداً للإنترنت يسمح للجهات الرسمية بمنع بعض المواقع الإلكترونية. ورغم أن مثل هذه الأخبار تلعب دوراً سلبياً في مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، إلا أن الوقت قد حان لدفعة جديدة اتجاه الانضمام، حسب رأي الباحث السياسي أيدن. إذ يشير الأخير إلى ضرورة فتح ملفي حقوق الإنسان واستقلالية القضاء على وجه التحديد. ويسترسل:" لن تتمكن أي من لندن أو بروكسل من التأثير على عملية البناء الديمقراطي في تركيا دون ذلك".
وظهرت مؤشرات تفاهم بين تركيا وألمانيا قبيل التقاء رئيسي وزراء البلدين، حيث أعلن وزير الخارجية الألماني فرانك والتر شتاينماير إبان لقائه مع نظيره التركي أحمد داود أوغلو في برلين يوم الاثنين الماضي عن رغبة ألمانيا في تعزيزها لفتح الملفات المناسبة على مستوى الاتحاد الأوروبي.
مشاورات الحكومة التركية الألمانية
ما زال رئيس الجمعية التركية في ألمانيا، كينان كولات، يدعو للقاءات رسمية أكثر لتوطيد علاقات البلدين في ظل ما يسميه " الحوار المؤسسي"، على غرار المشاورات الحكومية بين ألمانيا وفرنسا. ويضيف: " على مجلس الوزراء الألماني والحكومة التركية تنظيم اجتماعات دورية مشتركة ". ويتيح هذا النوع من اللقاءات ، حسب راي المتحدث، الفرصة لتبادل وجهات النظر الناقدة للطرفين ووضع استراتيجيات مشتركة في الشأن السوري الحالي مثلاً. يذكر أن تركيا دعت لحل عسكري ضد بشار الأسد، في حين تتطلع ألمانيا إلى حل دبلوماسي. وعلى الصعيد السوري، دعا أردوغان في لقاء اليوم المجتمع الدولي إلى التحرك لحل القضية، مذكراً بأن تركيا تستضيف اليوم 700.000 لاجئ سوري على أراضيها وأوروبا 18.000. وهو ما وصفه الأخير بأنه "غير إنساني ولا يرضاه الضمير الإنساني".
من جانب آخر، يرى كينان كولات أن المحادثات الحكومية الدورية ستتيح الفرصة لتناول قضايا محددة تمس البلدين، كالمحاكمة الألمانية ضد الإرهاب اليميني النازي الجديد، حسب قوله. فأحد أهم الأسئلة التي تطرحها الجمعية التركية في ألمانيا اليوم، وفقاً لكولات، هو"إذا ما كانت ألمانيا راغبة في التغطية على هذه المشكلة أم معالجتها بجدية".