تسليح "الجيش السوري الحر" بين تحفظات المعارضة ومخاوف الخارج
٢٨ فبراير ٢٠١٢ذكرت تقارير إخبارية أن عشرين معارضاً سوريا بينهم علمانيون وإسلاميون من المجلس الوطني السوري، المؤلف من 270 عضوا والذي أنشئ في اسطنبول العام الماضي، انشقوا عن المجلس المعارض وأعلنوا تشكيل "مجموعة العمل الوطني السوري"، برئاسة هيثم المالح. وفيما أعتبر البعض أن تشكيل هذه المجموعة يمثل انشقاقا عن المجلس الوطني السوري، نفى عضو المكتب التنفيذي للمجلس الوطني، ورئيس المجوعة الجديدة، هيثم المالح، حدوث انشقاق داخل المجلس، واصفاً هذه المعلومات بـ"الكاذبة والمغرضة التي تهدف إلى النيل من وحدة المجلس وتماسكه"، ومؤكداً "جميعناً نعمل في ظل المجلس الوطني السوري، ولا يوجد شيء اسمه انشقاق أو تباين في الرأي". وقال المعارض السوري المعروف في حديث لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية نشرته الثلاثاء إن "المهمة الأساسية والأولى لهذه اللجنة التي تعمل تحت مظلة المجلس الوطني، هي توحيد الكتائب المسلحة في سورية في بوتقة واحدة ضمن مجلس عسكري وتحت القيادة السياسية للمجلس الوطني، وبعد توحيد هذه الكتائب سنؤمن لها المستلزمات من مناظير ليلية ودروع واقية من الرصاص وغيرها".
د. وليد شيخو عضو لجنة العلاقات الخارجية للمجلس الوطني الكردي في سوريا الذي شارك في مؤتمر "أصدقاء سوريا" بتونس، تحدث إلى DW عربية، مؤيداً ما ذهب إليه المالح من أن "مجموعة العمل الوطني السوري لا تمثل انشقاقا، بل هي مجموعة خلقت لدعم وتنشيط عمل المجلس الوطني السوري من الداخل وهم يرون أنه توجد ثغرات في عمل المجلس التنظيمي والإداري، لابد من تلافيها".
حيرة المجتمع الدولي
موضوع تسليح المعارضة السورية ليس محل اختلاف في أوساط المعارضة السورية فحسب، بل ويثير مخاوف دولية أيضا، فقد حذرت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون من أن قيام الولايات المتحدة بتسليح المعارضة السورية يمكن أن يؤدي إلى دعم تنظيم القاعدة وحركة حماس بطريقة غير مباشرة. وقالت الأحد الماضي (26:02:2012 ) في مقابلة مع شبكة سي بي اس نيوز أثناء زيارتها للمغرب "نحن لا نعلم في الحقيقة من هي الجهة التي نسلحها"، وتساءلت "هل نحن ندعم القاعدة في سوريا؟ حماس تدعم المعارضة الآن. هل نحن ندعم حماس في سوريا؟ "
هذه التصريحات تثير في ذهن مراقب الشأن السوري سؤالا مفاده، كيف يمكن أن يتعامل المجتمع الدولي مع فصائل المعارضة السورية غير المتفقة أصلا فيما بينها بالنسبة لموضوع العمل العسكري؟ الصحفي الألماني المتخصص في شؤون الشرق الأوسط شتيفان بوخن تحدث إلى DW عربية مجيبا عن هذا السؤال بالقول:" لا يسهل على المجتمع الدولي اتخاذ موقف بهذا الشأن نظرا لتشتت المعارضة السورية واختلافات الرأي التي برزت في صفوفها بوضوح في الآونة الأخيرة، والحقيقة أن المجتمع الدولي لا يجد مخاطَبا واحدا في صفوف هذه المعارضة ".
"يمكن للمجتمع الدولي توحيد المعارضة السورية"
وأعتبر بوخن أن موقف الغرب من نظام الأسد قد تغير على مدى سنة، فقد بات اليوم يطالب بسقوط النظام واستقالة بشار الأسد، مشيرا إلى " أن من تداعيات هذا الموقف الجديد أن يكون هناك تضامن مع المعارضة السورية ، وقد أعلن المجتمع الدولي هذا التضامن حين أعتبر المجلس الوطني السوري ممثلا شرعيا عن الشعب السوري بدلا عن النظام الحاكم، ولكن تطبيق هذا الموقف على الأرض يواجه صعوبات كبيرة مصدرها تشتت رأي المعارضة السورية، والوضع هنا أسوأ وأعقد مما كان عليه في ليبيا، فقد حظي المجلس الوطني المعارض الذي قاد الثورة ضد القذافي بدعم دولي واضح نظرا لكونه ممثلا وحيدا للمعارضة الليبية".
فيما ذهب د. وليد شيخو إلى أن المجتمع الدولي يمكن أن يوحد المعارضة السورية مشيرا بالقول "يمكن للمجتمع الدولي إذا أراد أن يكون له دور في توحيد المعارضة ، وهنا لابد من الإشارة إلى تجربة أفغانستان، فقد جاء الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بكل أطراف المعارضة الأفغانية إلى طاولة واحدة وأمهلهم بضعة أيام للاتحاد شرط أن لا يغادروا مكان المؤتمر قبل أن يتحدوا، واستطاع المجتمع الدولي أن يوحد مواقف جميع الأطراف".
مخاوف من تسليح المعارضة السورية
أصبح العنف هو لغة الأزمة السائدة في سوريا، والمجتمع الدولي الذي يعلن تضامنه مع المعارضة السورية قد يجد نفسه في نهاية المطاف منساقا إلى دعمها عسكريا إذا أراد أن يخرج بسوريا من عنق الزجاجة، لكن هناك مخاوف عبرت عنها وزيرة الخارجية الأمريكية حينما أشارت إلى احتمالات ذهاب الدعم لأطراف متشددة كالقاعدة، وهو أمر قد يمنع الغرب من تسليح المعارضة ودعم عمليات "الجيش السوري الحر".
وفي هذا السياق أشار الصحفي بوخن إلى" أن المعارضة السورية تنادي اليوم بدعمها عسكريا عبر إيصال السلاح إلى فصائلها، وكلينتون تتحفظ في الاستجابة لهذا النداء، وكذلك وزير الخارجية الألمانية غيدو فيستر فيله الذي يخالف عسكرة النزاع في سوري من خلال تدخل عسكري دولي، لكننا لا نستطيع أن ننكر أن الصراع في هذا البلد قد تحول إلى مواجهة عسكرية بين قوات النظام وبين القوات المنشقة عن النظام، ومن جانبي لا أرى كيف يمكن حل هذا النزاع بشكل غير عسكري(...) وأرى أن هناك تناقضا في الموقف الدولي الذي يدعم المعارضة السورية ولكنه يتحفظ على تسليحها ودعمها عسكريا".
فيما علق د. وليد شيخو على الموقف الدولي بالقول " أنا أتفهم هذه المخاوف والتحفظات التي عبّرت عنها وزيرة الخارجية الأمريكية، ومصدرها كما أعتقد هو أن المعارضة السورية ما زالت غير مجتمعة تحت سقف واحد، فإذا سلحنا فصائل المعارضة المختلفة ستتشكل ميلشيات، وهذه مشكلة".
أكراد سوريا خارج مظلة المجلس الوطني
ضمن مواقف المعارضة السورية لا تبدو فصائل المعارضة الكردية في سوريا مطمأنة لنوايا فصائل المعارضة الأخرى تجاه موقع الأكراد في سوريا ما بعد الأسد، وهي ترى أن مشروعا واضحا -غير اتفاق الجميع على إسقاط النظام - لم يتبلور بعد في موقف أطراف المعارضة الأخرى، لذا فقد رفضت منذ البداية الانضواء تحت مظلة المجلس الوطني السوري. وأوضح، شيخو، وهو عضو لجنة العلاقات الخارجية في لمجلس الوطني الكردي السوري، موقف الأكراد بالقول" موقفنا من المعارضة السورية أكدناه من خلال المؤتمر الوطني الكردي، ومفاده أن الجهة التي تكون أقرب إلى قرارات المؤتمر الوطني الكردي هي التي يمكن أن نتحالف أو ننسق أو ندخل تحت غطاء إداري معها. و لا بد من القول أن قرارات المؤتمر الوطني الكردي تخص عموم الشعب السوري، كما أن فيها قرارات تخص حقوق الشعب الكردي ومطالبهم في سوريا".
ملهم الملائكة
مراجعة: عبده جميل المخلافي