تعليق: "لا توجد عقدة مستعصية على الحل في سوريا"
١٥ مارس ٢٠١٢كل يوم إضافي يمضيه الأسد في الحكم تزداد فيه المخاطر التي تحدق بسوريا. ولا يبدو في الوقت الراهن أن مبعوث الأمم المتحدة كوفي عنان قد حقق نجاحا في محاولته إقناع الأسد باحترام نوع من الهدنة. أما بالنسبة للمجلس الوطني السوري الذي يضم أطياف المعارضة، فلا يوجد شيء يمكن فيه الحديث مع الأسد. كما أن رئيس المجلس برهان غليون مقتنع بأن الحل السياسي للأزمة السورية لن ينجح إلا إذا صاحبه ضغط عسكري. وفي هذه الأثناء تتعالى الأصوات الداعية لتدخل عسكري. الفيلسوف الفرنسي برنارد هنري ليفي يقارن بين الوضع في حمص بما حدث في سريبرينتسا.
لكن الفائدة تكمن في زيادة الضغط الاقتصادي والسياسي على نظام الأسد. الاتحاد الأوروبي شدد عقوباته حيث فرض حظرا على طائرات الشحن السورية التي لن يسمح لها بالهبوط في المطارات الأوروبية، إلى جانب حظر تجارة المعادن الثمينة مع المنظمات الرسمية السورية، إضافة إلى إجراءات عقابية ضد سبعة وزراء في حكومة الأسد. وينوي الاتحاد الأوروبي الاستمرار في هذه الإستراتجية بل وفي فرض مزيد من العقوبات في حال تواصلت أعمال القمع. كماأن الجامعة العربية قررت بدورها تشديد ضغطها على نظام دمشق.
لقد بدأت آثار هذا الضغط بالظهور بشكل جلي مع تصاعد وتيرة أعداد الجنود المنشقين، إما بانضمامهم للمعارضة أو باللجوء إلى بلدان الجوار. وفي الأثناء تستعد المعارضة المنضوية تحت لواء المجلس الوطني السوري لمرحلة ما بعد الأسد، وذلك بالبحث في العديد من القضايا، كشكل الدستور المقبل، وكذلك الأسس التي سيقوم عليها التعايش في سوريا متعددة الأديان والأعراق.
ويمكن القول من الآن إنه يتعين على المجلس الوطني السوري أن يتوسع حتى يصبح أكثر تمثيلية، في ظل غياب ممثلين عن الأكراد. وبالنظر إلى أهمية القضية الدينية يتعين أن يضم المجلس أيضا ممثلين عن كل الطوائف الدينية. كما يجب أخذ حضور المرأة بعين الاعتبار ما دام الأمر يتعلق باستكشاف آفاق النظام السوري المستقبلي.
ومع ضرورة وأهمية المساعدات الخارجية، فإنه يجب تفادي النفوذ الأجنبي. وسيكون هذا الهدف بلا شك صعب المنال، لكون سوريا تقع في مفترق طرق كل صراعات الشرق الأوسط ومنطقة الخليج. ونظرا للمصالح المتشابكة مع دول الجوار فإنه يصعب التنبؤ بالمضاعفات وكذلك بردود الفعل المحتملة لأي تدخل عسكري. هذه المعطيات تدعو لتوخي الحذر، لكن الأزمة السورية ليست عقدة تستعصي على الحل، كما أن السيف وحده لا يكفي لإيجاد حل لها.
روبرت بولنس
مراجعة: أحمد حسو
روبرت بولنس: عضو الحزب الديموقراطي المسيحي ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني.