تقنيات للقضاء على المجاعة وتلبية الطلب المتزايد على الأغذية في العالم
٣١ أكتوبر ٢٠١١يحاول الباحثون الزراعيون في مدينة شتوتغارت الألمانية تحقيق حلم تخليص العالم من المجاعة بحلول عام 2050، كما حددت ذلك منظمة الأمم المتحدة، وخاصة في المناطق الجافة كالقرن الإفريقي. وبالإضافة إلى ذلك يضع فريق من العلماء الألمان وغير الألمان في المدينة على عاتقهم مهمة مضاعفة إنتاج المواد الغذائية في كل العالم بحلول ذلك العام، في مواجهة الازدياد السكاني المستمر وخاصة في القارة الآسيوية. ويطور العلماء تقنيات علمية لزيادة كفاءة التربة ورفع منتوج النباتات الغذائية وعلـَف الحيوانات، وبالتالي منع هجرة الفلاحين من أراضيهم والحفاظ على التوازن الديموغرافي على الأرض.
نباتات مقاومة للحرارة والجفاف
يضع الباحث الألماني يوأخيم زاواربورن وفريق من العلماء الألمان وغير الألمان على عاتقهم مهمة مضاعفة إنتاج المواد الغذائية في كل العالم بحلول كما حددت ذلك منظمة الأمم المتحدة. ويقول زاواربورن: "أعتقد أنه من الصعب جداً تحقيق هذا الهدف لكن لا بد من أن نقوم بتحقيقه. لدينا في كل العالم حالياً حوالي مليار إنسان يعانون من الجوع. ومن اللازم علينا أخلاقياً الحد من انتشار الجوع على الأرض وعمل كل ما بوسعنا لبلوغ هذا الهدف".
الوصفة الناجحة للقضاء على الجوع العالمي تتمثل بتضافر جهود العلماء والباحثين من كل البلدان في هذا الفريق الذي يتخذ ألمانيا مركزاً لأبحاثه. على سبيل المثال الباحثة ليندا غوريم من الكاميرون تُجري أبحاثاً على النباتات وعلى كيفية استهلاكها للماء بطرق أكثر ترشيداً. وتستخدم في أبحاثها حيلة التعامل مع بذور النباتات الغذائية. وعن ذلك تعلق غوريم بالقول: "نحاول معرفة إلى أي مدى تؤثر عملية تغليف البذور في الحفاظ على النباتات في المناطق الجافة، ونحاول تربية أنواع جديدة من النباتات لتصبح مقاومة للجفاف، وهو ما يُعرف بالاستنبات". وتضيف قائلةً: "تغليف البذور والاستنبات هما تقنيتان تساعدان النباتات الغذائية على النمو في أماكن جافة يستفحل وجود الجوع فيها مثل مناطق شرق إفريقيا".
وباستطاعة الأنواع الجديدة من النباتات الغذائية تحمل الجفاف الشديد وتجنب فساد المحاصيل الزراعية الناتج عن الحرارة العالية، وبالتالي تجنب موت الحيوانات بسبب الجفاف. وكنتيجة إيجابية لذلك تجنب أيضاً نزوح الفلاحين بعيداً عن أراضيهم. لكن نقص المواد الغذائية ليس موجوداً في إفريقيا فقط، إذ يتهدد القارة الآسيوية أيضاً في المستقبل، نظراً لازدياد الطلب على المواد الغذائية جراء الانفجار السكاني المتعاظم في هذه القارة على وجه الخصوص، في فيتنام مثلاً. كما أن الطلب على اللحوم، وبالتالي الطلب على الأعلاف النباتية المناسبة لتربية الحيوانات، يزداد في الدول الآسيوية الصاعدة اقتصادياً نظراً لازدياد يسر الحالة المادية للسكان. وهذا يزيد من إلحاح تطوير تقنيات زيادة الإنتاج النباتي.
تـُرْبة عالية الكفاءة
وعن طريق كاميرات حرارية يرصد العلماء في مدينة شتوتغارت الألمانية أنواع النباتات الغذائية القادرة على تحمل درجات الحرارة العالية. ومن خلال تحليل جينات النباتات وجينات بذورها، يختار الباحثون الجينات ذات الصفات الوراثية الأفضل قبل قيامهم بتربية أو استنبات أنواع جديدة منها. ويسعون إلى القضاء على الجوع من خلال تربية نباتات غذائية جديدة ذات مواصفات محسَّنة تكون قادرة على مقاومة أنواع أخرى من الأعشاب الضارة التي تقضي على خصوبة التربة وتفسد المحاصيل الزراعية، حيث أن ضرر هذه الأعشاب الضارة كبير ويمكن أن يُجْهـِز على خمسين في المائة من تربة المساحات الصالحة للزراعة.
ويجلب الباحثون عينات من التربة من إفريقيا، من بوركينا فاسو مثلاً، إلى ألمانيا. ويقومون بتحليلها مخبرياً ويبحثون عن طرق رفع كفاءة التربة بحيث يتم زرع أكبر كمية ممكنة من النباتات الغذائية على أصغر مساحة زراعية، كما تقول الباحثة ليلي إكلو: "من أجل قياس كمية عنصر الكاليسيوم مثلاً في التربة نقوم باستخدام جهاز اللـَّهب الذي يحلل طيف ذرات الكالسيوم، لأن الكالسيوم مكوِّن غذائي مهم جداً للتربة النباتية الخصبة".
لكن البحث العلمي وحده لا يجدي. فهناك عوامل أخرى للتمكن من تخليص سكان العالم من المجاعة، كما يقول يوأخيم زاواربورن: "العلماء والباحثون لا يمكنهم لوحدهم التوصل إلى هذا الهدف بدون تضافر جهودهم مع جهود السياسيين والاقتصاديين في كل العالـَم. كما أنه وبدون العلماء وأبحاثهم العلمية فلن يتمكن أحد من بلوغ هذا الهدف".
حماية بذور النباتات من الحرارة الشديدة والجفاف بتغليفها أو بمعالجتها جينياً مثلاً، وتربية نباتات مقاومة للأعشاب الضارة، وتحليل التربية والرفع من كفاءتها: كلها طرق علمية يمكن بواسطتها منع المجاعة في منطقة القرن الإفريقي على الأخص، ناهيك عن التمكن من مضاعفة إنتاج المواد الغذائية الزراعية والحيوانية في كل العالم، ضمن فترة زمنية ستستمر إلى عام 2050، كما يرى العلماء ومنظمة الأمم المتحدة.
أندرياس نويهاوس/ علي المخلافي
مراجعة: عماد غانم