تقنيات مذهلة وآمال كبيرة.. ماذا تفعل مركبة برسفيرنس في المريخ!
إنها خامس مركبة ترسلها وكالة ناسا إلى كوكب المريخ. مركبة الفضاء برسفيرنس هي أكبر وأثقل من أي مركبة سبقتها. لقد وصلت الآن إلى الكوكب الأحمر ويمكنها بدء العمل.
هبوط ناجح
هبطت بسلام على سطح كوكب المريخ مركبة الفضاء المتجولة "برسفيرنس روفر" التابعة لوكالة ناسا الفضائية، ومعها المروحية (الهليكوبتر) الصغيرة المسماة "انجينويتي". وبعد ساعتين من التوتر الشديد، عمت البهجة مختبر الدفع النفاث في باسادينا، كاليفورنيا. ففي الساعة 20:57 بالتوقيت العالمي الموحد يوم الخميس 18 فبراير/ شباط 2021، ظهرت رسالة مفادها أن المركبة حطت بسلام على سطح المريخ.
وداعا أيتها الأرض
في أوائل يوليو/ تموز 2020، قام مهندسو وكالة ناسا بتحميل المسبار "برسفيرنس" (كلمة معناها بالانجليزية المثابرة) من أجل مهمة دراسة المريخ في صاروخ أطلس الخامس. وقد بدأت الرحلة يوم الخميس 30 يوليو/ تموز 2020 من قاعدة كيب كانافيرال، أي أن الرحلة استغرقت حوالي سبعة أشهر.
تقديم المركبة الجديدة للجمهور
هكذا بدت مركبة الفضاء برسفيرنس (Perseverance) عندما تم تقديمها للجمهور في عام 2019. وسوف تساند برسفيرنس، أحدث مركبة فضاء، المركبة كوريوسيتي (Curiosity) في عملها. وتزن المركبة الجديدة ما يزيد قليلاً عن طن وتعد بذلك أثقل بمقدار 100 كجم عن سابقتها. وطولها ثلاثة أمتار أي أطول بمقدار عشرة سنتيمترات عن سابقتها، كوريوسيتي.
أقوى من كل سابقيها
يمكن لمركبة الفضاء برسفيرنس أن تحمل من أجهزة البحث وأجهزة الاستشعار عددا أكبر مما تحمله كوريوسيتي، كما أن ذراعها الذي يمسك بالكاميرات والأدوات أكثر قوة أيضًا. يمكن للمركبة الجديدة جمع العينات. وهي مجهزة بـ 23 كاميرا والكثير من الأدوات الأخرى. ومن بين أمور أخرى، ينبغي على المركبة معرفة ما إذا كان يمكن استخراج الأكسجين من صخور المريخ. ولكن ما الذي يقف أمام المركبة على سطح المريخ؟
طائرة صغيرة بدون طيار
بالفعل! إنها طائرة هليكوبتر صغيرة على متن مركبة الفضاء. لم يحدث شيء مثل هذا في أي مهمة لاستكشاف الكواكب. ويعد استخدام الطائرات بدون طيار مجالا جديدا بالنسبة للمطورين. إذ لا توجد أي خبرات بشأن سلوك هذا النوع من الطائرات في ظل ظروف جوية مختلفة عن كوكب الأرض وفي وجود جاذبية تقل بحوالي الثلث عن تلك الموجودة على الأرض.
كوريوسيتي: العمل من أجل العلم منذ 2012
المركبة كوريوسيتي هي سلف المركبة برسفيرنس وهي أكبر مركبات روفر التي توجهت إلى المريخ حتى الآن. هبطت كوريوسيتي على الكوكب الأحمر في 6 أغسطس/ آب 2012، وقد قطعت أكثر من 22.31 كيلومترًا منذ ذلك الحين ولا تزال صالحة للخدمة تماما. وتحصل على طاقتها من بطارية تعمل بالنظائر المشعة. لذلك فالطاقة بداخلها لا تنضب أبدا، وكوريوسيتي تعتبر مختبرا علميا كاملا يسير على عجلات.
قدرات داخلية مدهشة
لدى كوريوسيتي مقاييس أجواء خاصة يمكنها تحليل العينات عن بُعد بمساعدة الليزر. وبالإضافة إلى درجة الحرارة، تقوم محطة أرصاد جوية متكاملة أيضا بقياس الضغط الجوي والرطوبة والإشعاع وسرعة الرياح. علاوة على ذلك، يحتوي الروبوت على وحدة تحليل لتحديد المركبات العضوية ويبحث دائمًا عن حياة خارج كوكب الأرض.
لا تحفر القشرة فقط
لقد نجح المسبار كوريوسيتي فعلا في إثبات أن الحياة على المريخ ممكنة نظريًا. لكنه لم يجد الحياة بعد. الذراع القابض في مسبار كوريوسيتي به آلة ثقب قوية. هنا، عام 2013، يأخذ عينة في "خليج السكين الأصفر" بحفرة المريخ.
هيا إلى المختبر!
تتيح تقنية "كوريوسيتي" المبتكرة، للمرة الأولى، وضع العينات المأخوذة في أجهزة تحليل مختلفة. في البداية تدخل عينات التربة في نظام ترشيح، لكي تجري معالجة غبار المريخ. حيث يتم أولاً تصفيته وفصله إلى جزيئات مختلفة الحجم. بعد ذلك، يتم فرزهذه الجزيئات وإرسالها إلى آلات معملية تحليلية مختلفة.
سلف صغير جدا
كانت النسخ السابقة لمركبة الفضاء كوريوسيتي أصغر بكثير. ففي 4 يوليو/ تموز 1997، تُركت مركبة الفضاء سوجورنر روفر (rover Sojourner)، صغيرة الحجم، على المريخ أول آثار لإطاراتها فوق غبار الكوكب الأحمر. كانت هذه هي المرة الأولى التي يُترك فيها روبوت متحرك لأجهزته الخاصة هناك، وكان مجهزا بمقياس أجواء للأشعة السينية لإجراء التحليلات الكيميائية ومزودا بكاميرات.
مقارنة بين أجيال مركبات روفر الفضائية
هنا ثلاثة أجيال لمركبات الفضاء روفر. المركبة الصغيرة في المقدمة هي سوجورنر وزنها 10.6 كيلوغرام وهي ليست أكبر بكثير من سيارة لعبة. سرعتها القصوى 1 سم في الثانية. أما المركبة أبورتيونيتي (Opportunity) فتزن 185 كيلوغرامًا. بينما مركبة الفضاء كيوريوسيتي في حجم سيارة صغيرة، حيث يبلغ وزنها 900 كيلوغرام. وتسير مركبتا الفضاء الأكبر حجما بسرعة حتى 4 أو 5 سنتيمترات في الثانية.
ما يقرب من أربعة أشهر في الخدمة
سارت المركبة سوجورنر حوالي 100 متر خلال حياتها وأرسلت بيانات وصور حتى 27 سبتمبر/ أيلول 1997. وهذه واحدة من آخر الصور التي التقطتها، وقد تم التقاطها قبل تسعة أيام من انقطاع الاتصال اللاسلكي معها. وربما "ماتت" سوجورنر لأن البطارية لم تصمد في مواجهة الليالي الباردة.
تمهيد الطريق لتكنولوجيا الغد
بدون تجربة سوجورنر، لم يكن من الممكن تصور تطوير مركبات فضاء روفر أحدث. ففي عام 2004، أنزلت ناسا روبوتين اثنين من نفس النموذج على المريخ هما: سبيريت (Spirit) وأوبورتيونيتي (Opportunity). وصمد الروبوت سبيريت لمدة ست سنوات وقطع مسافة 7.7 كيلومترات. وتسلق الروبوت الجبال وأخذ عينات من التربة وصمد في وجه الشتاء والعواصف الرملية. بينما انقطع الاتصال مع أخيه أوبورتيونيتي في 13 فبراير/ شباط 2019.
تعديلات تقنية كثيرة
قطع الروبوت "أوبورتيونيتي" مسافة الماراثون البالغة 42 كيلومترًا في عام 2015، وهي أكبر بكثير من المسافة التي قطعتها مركبة "كوريوسيتي" وتمكن من أخذ عينات تربة. ولدى أوبورتيونيتي ثلاثة مقاييس أجواء مختلفة وكاميرا ثلاثية الأبعاد. وكانت آخر عملية تشغيل للروبوت في "وادي المثابرة" (Perseverance Valley)، وهو مكان عمل مناسب للروبوت الصبور، قبل أن تتعطل قدراته بفعل عاصفة رملية.
المناظر الطبيعية بالكوكب الأحمر
تم التقاط هذه الصورة البانورامية بواسطة كاميرا مركبة "كوريوسيتي"، أحدث مركبات روفر الفضائية وستظل في الخدمة لأطول فترة ممكنة، ويؤمل أن تستمر خمس سنوات أخرى على الأقل. وتبدو المناظر الطبيعية للمريخ مألوفة إلى حد ما ولا تختلف عن بعض الصحاري الموجودة على كوكب الأرض. فهل يكون ذلك إذن سببا في شغفنا بالتجول على المريخ أم أنه من الأفضل ترك تلك المهمة للروبوتات؟ إعداد: فابيان شميت/ص.ش