الدستور الجزائري يواجه معارضة مزدوجة من الحراك والإسلاميين
٣٠ أكتوبر ٢٠٢٠يرى قادة الجزائر في استفتاء الأحد (أول نوفمبر/ تشرين الأول 2020) على دستور جديد جزءا أساسيا من استراتيجيتهم لتجاوز الاضطرابات الشعبية التي حدثت العام الماضي، لكن قليلين فقط في الشوارع هم من يبدون الحماس للاستفتاء، الذي ترفضه المعارضة وتعتبره إجراء صوريا زائفا.
وتصنع الملصقات على جدران المدينة التي تحث الجزائريين على تأييد الدستور الجديد مقارنة بين اللحظة الراهنة وانتفاضة نوفمبر/تشرين الثاني 1954 على الحكم الاستعماري الفرنسي باعتبارها لحظة للتجديد الوطني.
وضغط الرئيس عبد المجيد تبون، الذي نُقل إلى مستشفى في ألمانيا هذا الأسبوع، من أجل إجراء الاستفتاء في إطار مساعيه لطي صفحة الاحتجاجات الجماهيرية التي أطاحت بسلفه وزلزلت النخبة الحاكمة.
ويقصر الدستور الجديد فترات الرئاسة بولايتين فقط، ويعطي المزيد من الصلاحيات للبرلمان والقضاء، ويسمح للجيش بالتدخل خارج الحدود.
كما ينص على سلسلة من الحقوق والحريات، التي من المفترض أن يلبي تطلعات الحراك، الحركة الاحتجاجية الشعبية المناهضة للسلطة، مع الحفاظ على أساسيات النظام الرئاسي وتوسيع صلاحيات الجيش، وهو ما يرفضه المتظاهرون.
نشطاء الحراك يقاطعون
لكن الكثير من مؤيدي "الحراك" الشعبي المعارض في الشارع يرفضون الدستور المقترح، ويعتبرونه ملهاة هدفها صرف الانتباه عن استمرار سيطرة النخبة الحاكمة القديمةعلى السلطة.
وقال رياض مكرز، الذي أوضح أنه حضر كل الاحتجاجات الأسبوعية التي استمرت لأكثر من عام حتى فرض إجراءات العزل العام بسبب جائحة كورونا، "الضغط الشعبي على النظام. هكذا يأتي التغيير".
وأضاف "كالعادة لن أدلي بصوتي" متبنيا وجهة نظر الحراك بأن الانتخابات في الجزائر ليست سوى تمثيليات هدفها توفير ستار من الدعم الشعبي لنظام غير ديمقراطي في الأساس.
وعارض الحراك انتخابات ديسمبر كانون الأول الماضي التي فاز فيها تبون بالرئاسة بنسبة 58 بالمئة من الأصوات في اقتراع بلغت نسبة المشاركين فيه 40 بالمئة فقط من إجمالي الناخبين.
الإسلاميون يفضلون "لا"
لكن خلافا للمعارضين الذين يطالبون بمقاطعة الاستفتاء على تعديل الدستور الأحد، يشارك الإسلاميون لكن للتصويت بـ"لا" لأن المشروع في نظرهم "علماني".
لكن يبدو التيار الإسلامي منقسمًا، فهناك من يدينون النص لأنه يشكل خطرا على "قيم" المجتمع الجزائري وهم الأكثر عدادا، ومن ناحية أخرى، هناك من استعداد لتقديم شيك على بياض للنظام.
ودعت حركة مجتمع السلم، أكبر حزب إسلامي والقوة المعارضة الرئيسية في البرلمان الجزائري، إلى التصويت بـ "لا". وبرّرت الحركة موقفها بالأسباب التالية: تركيز السلطة في يد الرئيس، وعدم الفصل بين السلطات، وعدم إدراج حظر استخدام اللغة الفرنسية في المؤسسات و الوثائق الرسمية.
كما استنكر المتحدث باسم الحركة بوعبد الله بن عجمية لوكالة فرانس برس ما اعتبره تكريس "علمانية المدرسة والمسجد" في الدستور، فيما انتقد رئيس الحركة، عبد الرزاق مقري، المادة 40 التي تحمي النساء من العنف لأنه يرى في ذلك "تهديدا للحياة الأسرية الخاصة".
من جانبه حث حزب جبهة العدالة والتنمية، وهي القوة السياسية الاسلامية الثانية، على رفض التعديل الدستوري. وندّد رئيسها عبد الله جاب الله، بـ "دستور علماني" مبادئه "غير مقبولة في مجتمع مسلم" وتسبب "ضررا كبيرا" لعقيدة الجزائريين.
وبالنسبة لحركة النهضة، حزب إسلامي آخر، فإن مبادرة الرئيس تبون "ليست توافقية لأنها تعبر عن إرادة أقلية". فيما عبّرت شخصيات من الجبهة الإسلامية للإنقاذ عن رفضها للدستور، وهو الموقف ذاته الذي أعلنته أحزاب أخرى غير إسلامية كحزب جبهة القوى الاشتراكية.
من ناحية أخرى، هناك تشكيلتان إسلاميتان صغيرتان أخريان، هما حركة الإصلاح وحركة البناء، تدعوان للتصويت بـ "نعم" على التعديل الدستوري.
بالنسبة للحزب الأول لأنه، "يحمل مطالب ديموقراطية حقيقية عبر عنها الجزائريون"، لا سيما من خلال الحراك الذي بدأ في شباط/فبراير 2019 لكنه توقف بسبب وباء كوفيد -19. والثاني لأنه يعتبر أن المشروع "يشكل الخيار الأفضل للشعب الجزائري".
إ.ع/ص.ش ( رويترز، أ ف ب)