توبراك: أستغرب موقف أوروبا حيال تدخل أردوغان في شمال سوريا
١١ أكتوبر ٢٠١٩بدأت القوات البرية التركية مساء الأربعاء (التاسع من أكتوبر/ تشرين الأول 2019) عملية عسكرية شرق نهر الفرات في سوريا ضد مواقع لوحدات حماية الشعب الكردية (YPG). هذا الهجوم العسكري من شأنه أن يفتح الباب أمام فوضى غير محسوبة النتائج، مما يجعل الهجوم التركي في شمال سوريا محط انتقادات شديدة. في حوار مع DW يقيَم علي توبراك، رئيس الجالية الكردية في ألمانيا، التطورات في شمال سوريا.
DW: بدأت العملية العسكرية التركية في شمال سوريا. تقول أنقرة أن الهدف من هذه العملية الموجهة ضد المليشيات الكردية مثل وحدات حماية الشعب الكردية (YPG) هو "محو" الإرهابيين في الشريط الحدودي. هل تعتقد أن هذا هو هدف أنقرة بالفعل؟
علي توبراك: الرئيس التركي أردوغان يصور الأكراد جميعهم على أنهم أرهابيون. الأكراد في شمال سوريا لم يشكلوا أبدا أي تهديد على أمن تركيا ولم يسبق لهم أن هاجموا تركيا، بل كانوا دائما مشغولين بحماية أنفسهم. أما بخصوص هدف العملية العسكرية التركية التي يقولون أنه هو مكافحة الإرهاب، فهذا مجرد عذر لتبرير حرب مخالفة للقانون الدولي.
إذا لم يكن الهدف هو مكافحة الإرهاب، فما هي المصالح التي تحرك الحكومة التركية؟
أولا، تحاول الحكومة التركية منع تكون رواق كردي على الحدود السورية التركية يكون فيما بعد نواة لتكون دولة كردية. هدف أردوغان على الأمد البعيد هو ضم مناطق شمال سوريا. إنه أمر مذهل ذلك الخطاب العثماني الجديد السائد حاليا (في تركيا): في بعض وسائل الإعلام التركية كان النقاش يوم أمس يدور حول ما إذا كان عليهم مواصلة الزحف حالا حتى الوصول إلى القدس. وبينما كانت القوات البرية تعبر الحدود في اتجاه الشمال السوري، كانت الموسيقى العسكرية العثمانية ترافق الجنود. ما هذا الإخراج السخيف؟
من خلال هذه العملية العسكرية يتم إرضاء القوميين بوهم القوة العظمى. إنها فعلا فضيحة: يجب أن لا ننسى أن تركيا مرشحة لدخول الاتحاد الأوروبي وأنها عضو في الناتو.
هناك بعض الأبعاد التي تتعلق بالسياسة الداخلية التركية أيضا: أردوغان يتعرض لضغوط في الداخل ويحاول من خلال الحرب توحيد الصفوف. فحتى المعارضة تقف خلفه لأن الرأي العام التركي ينتظر أن تدعم جميع الأحزاب السياسة القوات التركية. لقد سبق العملية العسكرية التركية انسحاب الجنود الأمريكيين من شمال سوريا، مما جعل كثير من النقاد يعتبرون أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد مهد الطريق للهجوم التركي. فهل يشعر الأكراد بأنه تم التخلي عنهم؟
بالطبع يشعر الأكراد في شمال سوريا أنهم تُركوا وحدهم، كما يشعر الأكراد في جميع أنحاء العالم أنهم تركوا لوحدهم. أقاربنا وأصدقاؤنا في المنطقة منكسرون وخيبة أملهم كبيرة. فالأكراد لم يقاتلوا لأجلهم وحدهم في الحرب السورية، بل قاتلوا من أجل أمن الغرب، كما دافعوا عن قيمه. الشيء المؤكد هو أنه لولا دعم الأكراد لما كان بالإمكان هزيمة "داعش". فالمليشيات الكردية في سوريا والعراق كانت هي القوات البرية للغرب.
بعد انتهاء العملية العسكرية التركية في شمال سوريا سيتم إنشاء "منطقة سلام". في هذه المنطقة العازلة بشمال سوريا هناك خطط لتوطين لاجئين سوريين. ما رأيك في ذلك؟
قبل التوطين، سيجري تطهير عرقي. الهدف هو طرد الأكراد من هناك. وهذه جريمة ضد الإنسانية وانتهاك للقانون الدولي. العملية العسكرية التي استهدفت عفرين في يناير/ كانون الثاني 2018 رافقها تطهير عرقي وتشريد، وبالأمس تم الزحف على باقي المناطق الكردية، والعالم بأسره يقبل ذلك بكل بساطة. يجب تذكر الحرب التي اندلعت في البلقان وكيف تدخل الناتو بعد حدوث تطهير عرقي.
هل يعني ذلك أنك تريد تضامنا أكثر أو حتى تدخل الغرب؟
نعم. عندما يظل العالم يتفرج فقط، فإن أردوغان سيواصل سياسته التوسعية إلى ما لا نهاية. الكل ينتقد ترامب، لكن ألمانيا وأوروبا يتحملان أيضا المسؤولية. الاتفاق التركي الأوروبي (بخصوص اللاجئين) لم يحقق أي شيء. إنه لمن العبث مواصلة دعم الحكومة التركية بمليارات من جيوب دافعي الضرائب رغم أن تركيا بعمليتها العسكرية هذه ستتسبب في مزيد من موجات اللاجئين.
أنا عاجز عن الكلام في وصف ضعف وعدم تحرك أوروبا ضد أردوغان. هذا الأسبوع على أبعد تقدير، كان يتعين على وزراء خارجية الدول الأوروبية السفر إلى أنقرة. وفي الحال، يجب أن توضع عضوية تركيا في حلف الناتو محل شك. فأردوغان لا يفهم إلا الرسائل الواضحة التي تجعله على دراية بالعواقب. يجب أن تنتهي "سياسة الاسترضاء"، فنحن في حاجة إلى سياسة سلام نشطة لأن الأحداث في شمال سوريا تؤثر علينا جميعا: سيأتي لاجئون جدد ومعهم إسلاميين متطرفين أيضاً.
دانييل داريا بلوط/ع.ش