توك توك...مجلة مصورة تنتقد الشارع المصري
٢٣ يناير ٢٠١١"فتاة محجبة تمشي في الشارع وتتعرض للمضايقات"، "زوجة قامت بعملية تجميل لتكبير ثديها وتحاول لفت انتباه زوجها المنهمك في عمله"، و"تطورات وفاة شخص داخل بيته"...هذه بعض القصص المصورة التي ظهرت في العدد الأول من المجلة الجديدة "توك توك".
وتعد المجلة مبادرة فريدة من نوعها في الصحافة المصرية لاعتمادها على أسلوب القصص المصورة بهدف معالجة وسرد ونقد الكثير من القضايا الاجتماعية الشائكة في المجتمع المصري. الرسام "شناوي" أحد مؤسسي المجلة أكد أن الفكرة بدأت منذ حوالي عام عندما قرر مع أصدقائه الرسامين الأربعة صناعة مجلة متخصصة في هذا اللون من الفن لتكون موجهة للكبار. وأشار في حواره مع دويتشه فيله إلى أن فكرة القصص المصورة اعتاد عليها القراء في مصر عبر المجلات المخصصة للأطفال فقط، وأنه لا يوجد مجلة من هذا النوع مخصصة للكبار تناقش قضايا المجتمع والشارع المصري بطريقة شبابية ساخرة. وأضاف أنه وأصدقائه رغبوا في ملء هذا الفراغ، خاصة أن من يحب هذا الفن من الكبار يلجأ عادة للمجلات الأجنبية المتوفرة بكثرة في هذا المجال.
وعن اختيار الاسم قال أن "التوك توك" هي وسيلة مواصلات تتحرك على ثلاثة إطارات والتي أصبحت منتشرة بصورة كبيرة في المناطق الشعبية المصرية وتحمل مخاطر وتجسد الفوضى والعشوائية، مشيرا إلى أن هذه الأسباب دفعتهم لاختيار هذا الاسم لأنه من قلب الشارع المصري الحالي والمجلة ترغب في سرد قصص تعبر عن الواقع الحالي في الشارع، بالإضافة لكونه اسم سهل وسيساهم في الترويج التجاري للمجلة.
محاولة لإحياء الفن التاسع في مصر
وعبر" شناوي" عن طموحات فريق العمل في عودة إرساء ثقافة القصص المصورة أو "الكوميكس" التي كانت مزدهرة في مصر خلال فترة الثمانينات وأوشكت على الانقراض حاليا، مشيرا إلى أن فن الكوميكس في العالم العربي يقتصر على محاولات خجولة وبعض رسوم الكاريكاتير أو بعض القصص المصورة للأطفال برغم أنه يطلق عليه "الفن التاسع" لكونه يتشابه مع السينما المعروفة بـ"الفن السابع" ، خاصة أنه فن أدبي جميل يعتمد على سرد القصص بشكل مرئي بواسطة كادرات مصورة أي أن القارئ يقرأ ويشاهد القصة في نفس الوقت. ويعتقد أن الطريق ممهد لإحياء هذه الثقافة البصرية، بعدما عبرت مراكز ثقافية مصرية على استعدادها استضافة ندوات وورش عمل في هذا المجال.
من جهته وصف "مخلوف" رسام أخر بالمجلة أن "توك توك" ليس لديها أي توجهات سياسية برغم أن الموضوعات الاجتماعية ترتبط دائما ولا تخلو من لمحات سياسية لأنها مجلة من الشارع وموجهة للشارع، ولكنه أكد أن العاملين بالمجلة اتفقوا على ألا تكون هناك انتقادات سياسية للحكومة بصورة مباشرة في المحتوى وتركيز النقد على المجتمع والناس في الشارع، تجنبا لإمكانية مصادرتها من قبل السلطات التي أعطتهم تصريح بصدورها ككتاب للقصص المصورة.
خطوط حمراء
وقال مخلوف في حوار مع دويتشه فيله أن هناك خطوط حمراء يتحركون فيها منها أيضا عدم التطرق للمحرمات أو استعمل ألفاظ أو صور إباحية أو مبتذلة، مشيرا إلى أن ذلك لا ينفي جرأة الطرح مثلما ظهر في العدد الأول من قصص حول العلاقة بين الزوجين وعمليات التجميل وانتشار التحرش الجنسي بالشارع.
من جانبها تشيد "كريمة" طالبة بكلية الآداب ومن هواة فن القصص المصورة بالمجلة ليس فقط لكونها ساخرة ولكن لوجود بعض الخطوط الدرامية بها. وأكدت لـ دويتشه فيله أن المجلة متميزة أيضا لأنها تسرد قصص تجارب شخصية وتفاصيل دقيقة أغفل عنها الكثيرين مثل وصف البيت المصري بعد حدوث حالة وفاة، بالإضافة لإستعانة المجلة ببعض القصص الشهيرة لكتاب كبار أمثال "إبراهيم اصلان" وتحويلها لطريقة "الكوميكس".
ويرى الخبير الإعلامي "محمود عطا" أن هناك حالة ازدهار للمبادرات الإعلامية الشبابية حاليا في مصر والعالم العربي، لأن الشباب والقراء يجدون فيها متنفسا للتعبير عن آرائهم بصور مختلفه لما يدور داخل مجتمعاتهم.
ويعتقد في حوار مع دويتشه فيله أن فكرة القصص المصورة تنقص السوق الإعلامية المصرية وأن مجلة "توك توك" إذا استمرت بقوة واستطاعت تحقيق نجاح أكبر لدى القراء خاصة أن المصريين يحبون الصور والمناظر الجذابة أكثر من قراءة مقالات طويلة، فإنها ستكون بالفعل أول مجلة مصرية تناقش قضايا الشارع بأسلوب الكوميكس.
نيللي عزت ـ القاهرة
مراجعة: عبده جميل المخلافي