تونس - "صفقة دعائية" لمرشح رئاسي مع شركة أجنبية تثير جدلا
٤ أكتوبر ٢٠١٩أثارت دعوى تقدم به حزب التيار الديمقراطي التونسي ضد مرشح الرئاسة نبيل القروي وجمعية "عيش تونسي" وحزب النهضة الإسلامي الجدل في تونس، وذلك بعد تسريب وثيقة تفيد بأن القروي، تعاقد مع شركة علاقات عامة كندية من أجل زيادة فرص فوزه في الانتخابات الرئاسية المقررة في الثالث عشر من تشرين الأول/أكتوبر، بحسب ما أفاد موقع "حقائق أونلاين" التونسي. ولحد كتابة هذا التقرير لم يصدر رد فعل من حزب النهضة ولا جمعية"عيش تونسي". كما لم يصدر تعليق من الجهات القضائية في تونس على هذا الموضوع.
ويأتي هذا التطور بتزامن مع انطلاق حملة الإنتخابات الرئاسية وقبل يومين من الإنتخابات البرلمانية، وبعد أسابيع قليلة من اعتقال القروي وتجميد أمواله، وتوجيه اتهامات له بالتهرب الضريبي وغسيل الأموال، بعد أن رفعت جمعية "أنا يقظ" التونسية لمناهضة الفساد قضية على القروي وشقيقه المعتقل أيضا، في تموز/يوليو الماضي.
وقد كانت الوثيقة، والتي تم الكشف عنها من خلال موقع "ذا مونيتر"، قد أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن أعاد الباحث المتخصص في العلوم السياسية شاران غريوال تغريدة تظهر تفاصيل الاتفاق بين الشركة والقروي، مشيراً إلى أن ملكيتها تعود إلى الضابط السابق في جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" إري بن ميناش، والذي قد سبق له توقيع اتفاقيات مع الجنرال الليبي خليفة حفتر والمجلس العسكري الانتقالي في السودان.
أشارت الوثيقة، والتي نشرت على موقع وزارة العدل الأمريكية، ضمن بيانات عن عقود جماعات اللوبي المسجلة، أن القروي دفع حوالي مليون دولار لشركة العلاقات العامة "ديكنز أند ماديسون" الكندية، وذلك مقابل أن تمارس الشركة أدوارا إزاء حكومات الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وروسيا، والأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى بغرض وصوله إلى رئاسة الجمهورية التونسية.
وأفادت أن الشركة تلتزم بتقديم المساعدة في وضع وتنفيذ سياسات التنمية الاقتصادية في تونس، ومد يد العون للقروي من أجل الوصول إلى رئاسة الجمهورية التونسية.
فيما أكدت سعيها لترتيب لقاءات مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيس الاتحاد الروسي فلاديميير بوتين، وكبار مسؤولين في الولايات المتحدة قبيل الانتخابات الرئاسية التونسية، وأشارت إلى أنه في حال وصول القروي للرئاسة فإنها ستعمل على ترتيب الدعم الكامل من أجل استغلال الاستثمارات الأمريكية لصالح الاقتصاد التونسي.
وكان العقد، الموقع بين الشركة الكندية وشخص يدعى محمد بن بودربالة نيابة عن رئيس حزب "قلب تونس" نبيل القروي في 19 أيلول/ أغسطس الماضي، قد تم الكشف عنه تطبيقاً لقانون "تسجيل الوكلاء الأجانب" الأمريكي، والذي يلزم شركات اللوبي والضغط والعلاقات العامة تسجيل معاملاتهم لدى السلطات.
"ليس طفرة سياسية"
هذا التحول الجديد في قضية القروي، المسجون بتهم غسيل أموال وفساد، يشكل صفعة لحزبه "قلب تونس"، إذ نشرت قناة نسمة التلفزيونية التي يملكها القروي في مقال على موقعها بالانترنت أن هذه الاتهامات تندرج في إطار حملات التشويه ضده.
وتوعد الحزب الديمقراطي بتقديم إعلام رسمي إلى هيئة الانتخابات تفيد بوجود "جرائم(انتهاكات) انتخابية"، مشيراً إلى أن هذا يعتبر "تخابرا مع أطراف أجنبية واعتداء على أمن تونس الداخلي"، وذكر الحزب على لسان القيادي غازي الشواشي أن ما قام به القروي يعدّ "جريمة انتخابية" يعاقب عليها القانون بالسجن.
وتبدو استطلاعات الرأي للانتخابات التونسية،ة برأي بعض المراقبين، غير مبشرة للقروي، والذي حل ثالثاً بنسبة 15% بناء على البيانات التي أعلنتها مؤسستَا "سيغما كونساي" و"إيمرود"، إلا أن القيادي في حزب "قلب تونس" زهير مخلوف يرى أن اعتقاله لم يحد من تأثيره، لأن تجربته "ليست طفرة في الحياة السياسية"، فيما يرى محللون سياسيون أن الأخطاء التي ارتكبها الائتلاف الحاكم في مواجهة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية هي التي أسهمت في صعود نجم القروي.
وأفادت تقارير إلى أن قضية نبيل القروي تضع تونس في مأزق قانوني ودستوري لم تشهده سابقاً، بعد أن رفض قاضي التحقيق طلب الإفراج عنه، في توافق مع دائرة الاتهام ومحكمة التعقيب، والذي يفتح المجال أمام تساؤلات حول اعتقاله إن فاز بالانتخابات الرئاسية في الدورة الثانية، باعتبار أن رئيس الجمهورية القادم سيتمكن من التمتع بالحصانة الدبلوماسية بعد أداء اليمين.
ومن جهتها دعت البعثة الأوروبية لمراقبة الانتخابات في تونس إلى ضرورة منح المرشح الرئاسي الموقوف في السجن نبيل القروي فرصة قيادة حملته الانتخابية عملا بمبدأ تكافؤ الفرص وفق ما تفرضه القوانين التونسية والالتزامات الدولية في مادة الانتخابات.
إلا أن التطور الجديد في قضية القروي، والمتعلق بالدعوى القضائية الجديدة المرفوعة ضده، قد يكون له تداعيات على مجريات التحقيقات الجارية من قبل السلطات القضائية التونسية والتي على أساسها رفض قاضي التحقيق الإفراج عن القروي رغم الدعوات في الداخل والخارج لإطلاق سراحه للمشاركة في حملته الإنتخابية التي تقودها زوجته.
م.س