جامعة ميونيخ تساعد على بناء الديمقراطية في تونس
١٢ ديسمبر ٢٠١١دعت جامعة ميونيخ للعلوم السياسية 35 طالبا من خمس جامعات تونسية مختصة في السياسة والعلوم الاجتماعية والإعلام للمشاركة في ندوة تم فيها مناقشة العديد من القضايا أهمها صياغة الدستور وتنظيم السلطات داخل الدولة ومساهمة الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني في بناء المسار الديمقراطي داخل تونس التي تشهد تحولات جذرية في مسارها السياسي بعد أن تم انتخاب أعضاء المجلس الوطني التأسيسي الذي سيعيد صياغة دستور البلاد.
ادموند راتكا، استاذ العلوم السياسية في جامعة ميونيخ والذي ساهم في تنظيم الندوة التي أقيمت في تونس العاصمة يومي الجمعة والسبت (9- 10 كانون الأول/ ديسمبر)، يقول في حديث لدويتشه فيله عن "أتينا إلى تونس في شهر أكتوبر الماضي خلال فترة الانتخابات وتحدثنا مع الأساتذة والطلبة لنرى معا ما يمكن القيام به مع طلبة كلية العلوم السياسية، لذلك نظمنا هذه الندوة وهي الأولى من نوعها بعد الثورة التونسية بالنظر إلى ما لاحظناه من إمكانيات تعاون مشترك وأرضية مناسبة لتبادل الخبرات".
أما عن هدف التعاون مع الجامعات التونسية فيقول: "نطمح لتبادل معارف قد تجعلنا قادرين على خلق تعاون بناء يساعد على بناء الديمقراطية في تونس. ورأينا أن ما ينقص هؤلاء الشباب الذين شاركوا في الندوة هو الجانب التطبيقي. لذلك حاولنا استضافة من لديهم تجربة في الحياة العملية لتقاسم الخبرات وتبادل المعارف".
مساهمة الشباب في بناء المسار الديمقراطي
يطمح منظمو الندوة إلى تمكين الشباب من التعود على العمل الجماعي، لذلك تم تشكيل ورشات عمل مختلفة تناولت كل واحدة منها موضوعا محددا.
راينهاردت رومل المسئول عن مركز بحوث العلوم السياسية التطبيقية والأستاذ في جامعة ميونيخ، خرج بالعديد من الملاحظات بعد تواصله مع الطلبة والباحثين التونسيين، ويقول في تصريح لدويتشه فيله: "تونس تتوفر على طاقات شبابية خلاقة ومحبة للعمل، غير أنها تحتاج الآن بعد سقوط الدكتاتورية لخلق الإطار الجيد للطالب المتخصص الذي لا ينقصه الجانب النظري، بل هو متمكن من الكثير من المعارف التي تحتاج لبيئة ملائمة لتطبيقها على أرض الواقع. وقد انبهرت بما يمتع به هؤلاء الشباب من قدرات فكرية. لكن هذه الأفكار لا يمكن أن تقدم الإضافة ما لم يتم استغلالها والاستفادة منها في بناء الديمقراطية الناشئة في تونس".
هذا و يشجع رومل الطلبة التونسيين على القيام بالبحوث المشتركة، إذ أن مؤسسات البحث التونسية حسب رأيه تفتقر إلى خبرة العمل الجماعي الذي يمكن أن يطور آليات المساهمة في صياغة الأفكار التي يتطور من خلالها الجانب القانوني الذي يساهم في صياغة القوانين والدستور.
و يضيف: "لعل ما ينقص هؤلاء الشباب المتخصصين في العلوم السياسية والاجتماعية، هو الوسائل التقنية للعمل. فهؤلاء الباحثون الشباب منهم من لا يملك جهاز كمبيوتر ومنهم من لا تتاح له فرصة استخدام الانترنت، كما تنقص الشباب الإمكانيات لمادية للحصول على الكتب اللازمة لبحوثهم. أما العائق الأهم فهو أنهم غير قادرين على السفر خارج بلادهم للتعرف على خبرات واختصاصات جديدة في دول أخرى ذات تجارب ناجحة في الديمقراطية."
الجامعات التونسية بعيدة عن سوق العمل
توصل المشاركون في الندوة إلى نتيجة مفادها أن البحوث والدراسات في الجامعات التونسية بعيدة كل البعد عن متطلبات سوق العمل. فالتواصل غائب بين المؤسسات الأكاديمية والعاملين من أصحاب الشهادات العليا في العلوم السياسية وما تحتاج إليه الدولة من معارف وخبرات هؤلاء.
و ضمن هذا الإطار يقول محمد زواري نازر، طالب الماجستير في العلوم السياسية العامة، لدويتشه فيله بعد حضوره فعاليات الندوة: "في السابق كنا ندرس لمجرد الدراسة ونتلقى معارف لا نعلم كيفية تطبيقها على أرض الواقع. لكن اليوم بعد الثورة أظن انه أصبح بإمكاننا تطبيق تلك المعارف القانونية النظرية في حياتنا اليومية. وفي الندوة تعرفنا على كيفية التقريب بين المعارف التي اكتسبناها والواقع السياسي الموجود حاليا في تونس. نحن نحتاج فقط لمنهج واضح نعمل من خلاله على المساهمة من خلال بحوثنا، في صياغة أرضية قانونية ودستورية جديدة لمسار الديمقراطية في بلادنا".
أما جيهان بن يحي، الطالبة والباحثة في كلية العلوم السياسية بتونس، فترى أن الطلبة التونسيين يحتاجون الآن أكثر من أي وقت مضى للمشاركة في الحياة السياسية وفي صياغة دستور جديد للبلاد، فالمجال لهذه المشاركة متاح وممكن بعد ما عرفته تونس من تحولات منذ حوالي سنة مضت.
وإن كانت بن يحي تشكو من سيطرة المتقدمين في السن على مقاعد المجلس التأسيسي التونسي وخلوه من الطاقات الشابة، إلا أنها ترى أن الشباب يمكن أن يكونوا قوة ضغط من خلال انخراطهم في عمل مؤسسات المجتمع المدني التي يمكن أن تمثل صمام الأمان لصياغة قوانين عصرية ودستور تونسي ديمقراطي يتماشى مع خصوصيات المجتمع التونسي المعتدل.
مبروكة خذير – تونس
مراجعة: عارف جابو