جرد لأهم القرارت السياسة للخارجية الألمانية عام 2014
٣٠ ديسمبر ٢٠١٤في 17 سبتمبر/ كانون الأول 2013، بدأ الائتلاف الحكومي المشكل من التحالف المسيحي والحزب الديمقراطي الاشتراكي عمله. وبعد مرور بضعة أسابيع أظهرت الحكومة الجديدة بوضوح نبرة جديدة في سياستها الخارجية. فوزير الخارجية الألمانية فرانك فالتر شتاينماير (الحزب الديمقراطي الاشتراكي)، الذي شغل نفس المنصب بين 2005 و2009، طالب ب" تواجد أقوى في السياسة الدولية". وأضاف أنه: "بالنظر إلى حجم ألمانيا فإن دورها لايجب أن يقتصر فقط على التعليق على السياسات الدولية". ورغم أن العمليات العسكرية يجب أن تبقى الملاذ الأخير في حل الأزمات، فلا ينبغي إبعادها بالكامل من الفكر السياسي، على حد قول فرانك فالتر شتاينماير.
دور ألمانيا في السياسة الدولية
خطاب وزيرة الدفاع أورسولا فون دير لاين كان أوضح من خطاب وزير الخارجية، حيث دعت إلى مشاركة أكبر للجيش الألماني في العمليات بالخارج. وعرضت الوزيرة الألمانية دعم بلادها على الشركاء الفرنسين في كل من مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى. وفي وقت لاحق كان الحديث عن سيناريوهات للتدخل في شرق أوكرانيا إلى جانب القوات الفرنسية، وأيضاً عن بعثات تدريب عسكرية في العراق. وفي مؤتمر الأمن الذي احتضنته ميونيخ في نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي تحدث الرئيس الألماني يواخيم غاوك عن ضرورة وجود "التزام أقوى على مستوى السياسة الدولية". وأضاف الرئيس الألماني أن مساهمة الجمهورية الفدرالية الألمانية يجب أن تكون "في وقت مبكر، وحاسمة وجوهرية".
هذه التصريحات جلبت للرئيس الألماني انتقادات البعض، في حين أثنى عليها البعض الآخر. وفي الوقت الذي اتهمه فيه طرف بالتحريض على عسكرة السياسة الخارجية الألمانية، رحب آخرون بتحذيره من أنه يجب على ألمانيا أن تؤدي دورها من خلال مسؤوليتها المتزايدة في السياسات الدولية. فالحكومة الاتحادية كانت في واقع الأمر فاعلاً رئيسياً في العديد من المحطات الدولية خلال العام الماضي، حيث كان الطلب كبيراً على المستشارة الاتحادية أنجيلا ميركل، وعلى وزير الشؤون الخارجية فالتر شتاينماير، كأطراف حوار في العديد من عواصم العالم. فموقف برلين كان له دور مهم فيما يتعلق بالتعامل مع الأزمات التي شهدها العام الماضي، وفي اتخاذ قرارات مهمة على مستوى السياسة الدولية.
ألمانيا والإتحاد الأوروبي
النقاش الذي دار حول الرئيس الجديد للمفوضية الأوروبية كان من بين الأمثلة على أهمية دور ألمانيا في بعض القرارات السياسية. فخلال الانتخابات الأوروبية في شهر مايو/ أيار، كان حزب الشعب الأوروبي واثقاً من فوز مرشحه جان كلود يونكر. كما أنه كان واضحاً بالنسبة لمعظم المراقبين حصول يونكر على منصب الرئاسة في بروكسيل. غير أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل فرضت وزنها السياسي ضد هذا التسليم التلقائي بفوز يونكر، حيث أصرت على حق قادة الدول الأوربية في الترشح لهذا المنصب. وتخلت ميركل عن مقاومتها تحت الضغط الكبير لشركائها في التحالف وتحت ضغط وسائل الإعلام، فساندت يونكر الذي تم انتخابه في الجولة الأولى في 15 يوليو/ تموز من قبل أغلبية واضحة لأعضاء البرلمان الأوروبي.
لكن فوز كلود يونكر لم ينه حتى الآن الأزمة داخل الاتحاد الأوروبي. فبريطانيا، التي كانت قد صوتت إلى جانب المجر ضد يونكر، أصبحت الآن وإلى حد كبير معزولة، كما إنها تفكر في الانسحاب من الاتحاد. ويتعرض يونكر لانتقادات بسبب سياسته السابقة كرئيس وزراء لوكسمبورغ وكوزير للمالية. يضاف إلى ذلك أن سياسة الاتحاد الأوروبي في أوكرانيا لم تستطع إنهاء التوتر هناك.
هل تهدد حرب جديدة أوروبا؟
السياسة الخارجية الألمانية في أوكرانيا والمناطق المجاورة لها كانت موضوعا محورياً في العام المنصرم. وقد حاول كل من ميركل وشتاينماير مراراً وتكراراً نزع فتيل التوتر لكن بدون جدوى. فالعلاقات بين برلين وموسكو تدهورت رغم المكالمات الهاتفية العديدة التي اجرتها ميركل مع بوتين، وأيضاً رغم المجهودات الدبلوماسية لشتاينماير. في نوفمبر/ تشرين الثاني، تم طرد دبلوماسي ألماني رفيع المستوى من العاصمة الروسية بعد أن طلبت برلين في وقت سابق من دبلوماسي روسي مغادرة ألمانيا بسبب نشاطات التجسس.
ألمانيا تدعم قوات البيشمركة
وتشهد ألمانيا جدلا حول السياسة الألمانية تجاه روسيا. وهناك اتهامات للحكومة الاتحادية ولوسائل الإعلام بالتحيز لأوكرانيا والمشاعر المناهضة لروسيا. غير أن البعض الآخر يتهم الحكومة الاتحادية بنهج سياسة "الاسترضاء" تجاه روسيا. ومن جانبه يرفض وزير الخارجية شتاينماير هذه الاتهامات، حيث قال في البرلمان الألماني (بوندستاغ): "نحن لا نريد حرباً باردة، ولا نريد حرباً ساخنة، لكننا نريد الحفاظ على السلام في أوروبا". وأعلن شتاينماير مواصلة برلين جهودها لتعزيز التفاهم مع موسكو. #bbig#
لم تكن الأزمة الأوكرانية وحدها سبب الخلاف داخل مجلس الأمن، بل الصراع القائم في الشرق الأوسط، والذي أصبح في العام الماضي تقريبا خارج نطاق السيطرة. فالميليشيات الإرهابية التابعة لتنظيم"الدولة الإسلامية" تقتل وتنهب وتنشر الرعب في سوريا والعراق. وفي يوليو/ تموز الماضي، هاجم مقاتلو التنظيم الإسلامي الأقلية الدينية الإيزيدية شمالي العراق فقتل مئات الرجال، واختطف النساء والفتيات واستعبدهن. كما دفع بما يقرب من مئتي ألف شخص للفرار من أوطانهم. وأمام هذا الوضع قررت الحكومة الألمانية تزويد مقاتلي البيشمركة شمال العراق بالسلاح لمواجهة الميليشيات الإرهابية.
تدخل متأخر لمساعدة ضحايا إيبولا
تعرضت الحكومة الاتحادية لانتقادات كبيرة بسبب طريقة تعاملها مع أزمة فيرزس إيبولا. واتهمت منظمات الإغاثة ووسائل الإعلام برلين بعدم التعامل سريعا مع هذا الوباء القاتل. وقد ظهر هذا الوباء بداية في غينيا، وانتشر بسرعة في الدول المجاورة في سيراليون وليبيريا. كما أن دعوات منظمة "أطباء بلا حدود" لبرلين بالمساعدة لم تلق آذنا صاغية. وفي سبتمبر/ أيلول، طالب الرئيس الليبيري إلين جونسون سيرليف مساعدة من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. وبعد مرور بضعة أسابيع عين الوزير شتاينماير السفير الألماني في كراكاس ومبعوث ألماني سابق في إفريقيا، كمكلفين بقضية إيبولا.