جريمة شرف أم جريمة قلة شرف؟
".... نعم، أنا قتلت شقيقتي. نعم، أنا ارتكبت هذه الجريمة لوحدي ولم يساعدني أحد من أفراد عائلتي على القيام بها." كان وقع هذه الكلمات التي أوعز بها الشاب التركي البالغ من العمر 19 عاما لمحاميه صباح اليوم الأربعاء في جلسة المحكمة الأولى بخصوص التهمة الموجهة إليه بقتل شقيقته هاتون سوروشو، كان وقعها غريبا بعض الشيء على آذان المحلفين وممثلي وسائل الإعلام، ولكن هذه الكلمات "الجريئة" لم تكن في الوقت ذاته خالية من التحدي أو كما يقال بالعامية من "قساوة الرأس" أو "التياسة". وعزا الشاب أسباب قيامه بالجريمة التي هزت الرأي العام الألماني وفجرت ما يسمى بـ "نقاش جرائم الشرف" إلى أن التحول الذي حصل على حياة شقيقته المطلقة نفّره منها وإلى أنه رفض تصورات شقيقته الأخلاقية، إضافة إلى أنه تخوف من أن يصبح ابنها مدمنا على تعاطي المخدرات، الأمر الذي دفعه إلى ارتكاب الجريمة.
استقلاليتها كلفتها حياتها
وسرد الشاب الذي عمل قبل إلقاء القبض عليه في إحدى مقاهي الإنترنت على لسان محاميه تفاصيل الجريمة بالقول إنه اتفق مع صديقته (شريكة حياته) على أن تربي ابن شقيقته بعد تنفيذ الجريمة، قائلا ـ حسب عريضة الاعتراف ـ إنه توجه في مساء يوم وقوع الجريمة إلى بيت شقيقته من أجل أن يقدم لها بعض النصائح الأخلاقية. وأضاف أن شقيقته رافقته إلى محطة الحافلات وهناك شهد النقاش بينه وبينها تصعيدا بعد أن قالت له إنها ستضاجع الشخص الذي يعجبها، الأمر الذي اضطره إلى استلال مسدسه وإطلاق النار عليها. يشار إلى أن الشابة هاتون ولدت في ألمانيا ووفقا لمعلومات النيابة الألمانية العامة أجبرت في عام 1998 على الزواج من ابن عمها في تركيا. وفي عام 1999 أنجبت الفتاة طفلا من زوجها ورفضت العودة إلى تركيا. وبعد نصف سنة غادرت هاتون بيت عائلتها وشقت حياتها باستقلالية، فقد بدأت دورة تدريبية في مجال تقنية المعلومات ورفضت العودة إلى بيت أهلها.
إدانة واسعة النطاق
وعن أصداء القضية قالت رينيه أبو العلا مديرة مؤسسة "الدار" التي تعني بشؤون العائلات العربية في برلين في حديث خصت به موقعنا إن مؤسستها والنساء اللواتي ينتمين إليها "يرفضن من حيث المبدأ رفضا قاطعا ما حدث"، ولكنها أكدت في الوقت ذاته أن بعض وسائل الإعلام الألمانية وخاصة الصفراء منها (المثيرة) "ضخمت الموضوع" واستغلته في تشويه صورة المسلمين في ألمانيا. وربطت المسؤولة جريمة القتل هذه بالعنف الأسري الذي تعاني منه بعض النساء العربيات في بيوتهن. أما لينا غنامه مديرة مؤسسة "النادي" التي تعني بشؤون النساء العربيات في العاصمة الألمانية فقد قالت في حديث لموقعنا إن النساء اللواتي سألتهن عن رأيهن في الحادثة "أبدين في البداية تأييدا حذرا" عندما عرفن أن الفتاة كانت على علاقة جنسية مع شاب ألماني. وأضافت غنامة أنه عندما عرفت النساء أن هذه العلاقة المزعومة مجرد إشاعات، فإنهن غيرن رأيهن فورا.
وعزت المسؤولة وقوع مثل هذه الحوادث إلى ثلاثة أسباب هي مسألة ضياع الهوية التي يعاني منها المهاجرون في ألمانيا وخوف أرباب البيوت من فقدان زمام الأمور والجهل بعادات وتقاليد الآخر( الألماني). وعن الجهات المسؤولة عن ذلك، قالت غنامه إن الجهات الألمانية المختصة ولكن أيضا الأقلية المسلمة تتحمل مسؤولية المشاكل التي تعاني منها الأقلية المسلمة في ألمانيا. وأضافت أن أصحاب القرار في ألمانيا لم يهتموا منذ البداية باحتياجات المهاجرين ومطالبهم، الأمر الذي زاد مشاكل عزلتهم تفاقما، ولكنها حمّلت الجالية المسلمة كذلك المسؤولية، وذلك من خلال قلة معرفتها بالقوانين والعادات والتقاليد وقلة استعدادها للاندماج في المجتمع الألماني. وقالت أبو العلا إن المشاكل الأساسية التي تعاني منها العائلات المسلمة في بلد المهجر هي مشاركة بناتهن في دروس السباحة والرحلات الجماعية وكذلك قلة الاستعداد لتعلم اللغة الألمانية كما يجب.
ناصر جبارة ـ دويتشه فيله