جمعيات مغربية تطالب بإلغاء اتفاقية السياقة مع السعودية
٣٠ مارس ٢٠١٤بعد اتفاقية الاعتراف المتبادل برخص السياقة التي وقعها المغرب مع السعودية على هامش أشغال مجلس وزراء الداخلية العرب المنعقد أخيرا بمراكش، يزداد النقاش حول موضوع منع المرأة المغربية من السياقة في السعودية. وأكدت فدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة رفضها لهذه الاتفاقية وطالبت بإلغائها. وتقضي الاتفاقية بإقامة اعتراف متبادل برخص السياقة للمواطنين المغاربة بالمملكة العربية السعودية وللسعوديين بالمغرب، كما تتيح لمواطني البلدين الحصول على رخصة سياقة محلية في بلد الإقامة.
وطالبت الجمعية النسائية المغربية الحكومة التي يرأسها عبد الإله بن كيران بإلغاء الاتفاقية التي وقعتها قبل أيام قليلة، وذلك بدعوى أنها ستفضي إلى "التمييز بين مواطني ومواطنات المغرب".
وعبرت فدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة عن "استياءها الشديد من توقيع الحكومة على اتفاقية رخص السياقة في إطار الشراكة بين المغرب والمملكة العربية السعودية في مجال النقل"، كما استنركت في بيانها أن هذه الاتفاقية "تعني أن رجال البلدين سيستفيدون من صلاحية الوثائق الوطنية بالبلدين دون النساء، نظرا لقرارالمنع الصارم للسياقة بالنسبة للنساء السعوديات في بلدهن، واللواتي لا زلن يناضلن من أجل رفعه".
واعتبرت الفدرالية النسائية بأن هذه "الاتفاقية ستؤدي أيضا إلى وضع تمييزي بين المواطنات والمواطنين الذكور في المغرب، علما أن المغرب صادق على الاتفاقية الدولية المناهضة للعنف والتمييز ضد النساء، كما رفع كل التحفظات بشأنها رسميا".
"إهانة للمرأة المغربية"
اتفاقية الاعتراف المتبادل برخص السياقة بين السعودية والمغرب خلفت موجة غضب عارمة خصوصا في صفوف الحقوقيات المغربيات من بينهم الناشطة الحقوقية نجية أديب التي اعتبرت في لقاء مع DW /عربية أن هذه الاتفاقية تشكل "إهانة للمرأة المغربية التي أبهرت العالم في جميع المجالات. وحتى في القيادة فالمرأة المغربية تشارك في سباقات عالمية، ثم تأتي هذه الاتفاقية لتحرم المرأة المغربية من القيادة في السعودية"، وتعبر الناشطة النسائية أديب عن غضبها من أن الحكومة لم تتشاور مع الجمعيات النسوية ولم تشرك المرأة في صياغة هذه الاتفاقية". كما اعتبرت أنه "استخفاف بعقل المرأة المغربية، ويجب أن لا تتم العلاقات السياسية بين المغرب والسعودية على حساب المرأة"
غير أن هذه الاتفاقية مهدت الطريق لحملة تضامنية واسعة مع المرأة السعودية في المغرب، حيث أكدت نجية أديب على دعمها للسعوديات في معركتهن من أجل الحصول على حق القيادة وصرحت أن "الحركة الحقوقية المغربية تتضامن مع المرأة السعودية في نضالها من أجل قيادة السيارة وتدعم رغبة السعوديات في التحرر من القيود المفروضة عليهن"، مؤكدة على أن "المنع لا يولد سوى المشاكل والاضطرابات داخل المجتمع".
"من دخل مدينة سار على دين أهلها"
وفي الوقت الذي تعتبر فيه النساء المغربيات وخاصة الحقوقيات منهن أن الإتفاقية تشكل إضعافا لوضع المرأة المغربية وقيمتها وكرامتها، فإن الشيخ عبد الباري الزمزمي يدافع من خلال حديثه مع DWعن الموقف الحكومي معتبرا أن "قوانين السعودية تنطبق على السعودية وعلينا احترام ذلك، أي أنه عند سفر المرأة المغربية الى السعودية فعليها أن تحترم قوانين البلد االذي توجد فيه من خلفية أن من دخل مدينة سار على دين أهلها".
الشيخ الزمزمي يعتبر أن هذه الاتفاقية تخدم بالأحرى المرأة السعودية، حيث يمكنها أن تحصل الآن على رخصة سياقة في المغرب وبأن تقود السيارة. ولذلك فهو يلفت انتباء النساء المغربيات إلى ضرورة "احترام القوانين في السعودية لأن المغرب لا يمكنه أن يرغم السعودية على تغيير قوانينها".
الشيخ المعروف بمواقفه المثيرة للجدل دافع عن الحكومة المغربية التي يقودها الإسلاميون وقال بأنها "لم تخطئ عندما أبرمت هذه الاتفاقية لأن العلاقات مع المملكة السعودية هي أكبر وأقوى، كما تأتي هذه الاتفاقية في إطار تعزيز مجالات التعاون مع البلد الشقيق".
إشكاليات المطالبة بإلغاء الاتفاقية
المطالبة بإلغاء الاتفاقية مع السعودية تطرح عددا من الإشكاليات يقسمها أستاذ القانون الدولي، تاج الدين الحسيني، إلى شقين: أولهما الشق القانوني المحض والذي لايسمح للمغرب بمقتضاه أن يقوم بإلغاء هذه الاتفاقية حيث " إن المسألة تتعلق باتفاقية دولية وتتضمن التزامات من كلا الطرفين، عدا في حالات الإنسحاب الفردي من الاتفاقية وهو أمر ليس في صالح المغرب"، كما يؤكد في حديثه مع DW /عربية. أما الشق الثاني، حسب الخبير الدولي، فله صبغة سياسية لا تسمح بأن تكون للمغرب علاقة متوترة مع السعودية، "خاصة وأنها تشكل قطب الرحى في مجلس التعاون الخليجي، والمغرب يعول كثيرا على هذا المجلس من أجل دعمه اقتصاديا"، وفي نفس الوقت يشير الحسيني إلى أن هذه الاتفاقية "ستساهم في الرفع من وعي السعودية بهذا الموضوع وستعلم من خلال ذلك إلى أي مدى هي متأخرة على المستوى التشريعي، مما سيضطرها إلى تعديل قوانينها والدفع بها نحو السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة مثل نظيرتها المغربية".