جمعية لبنانية تعنى بالأرامل تبهر بانجازاتها الاقتصادية والاجتماعية
٢٣ ديسمبر ٢٠٠٩تتهافت العشرات من النساء، وهن يرتدين ملابس أنيقة، لتناول أطباق لبنانية شهية تقدم على شكل بوفيه في قاعات الجمعية اللبنانية الخيرية "أشغالنا"، التي تعنى بأرامل لبنانيات. وتأتي السيدات، اللواتي تنتمين إلى الطبقة اللبنانية الميسورة، خصيصا "لأشغالنا" لتناول الغداء. وعلى الرغم من ارتفاع الأسعار، حيث يدفع الشخص الواحد 25 دولارا لتناول الطعام في مطعم الجمعية الخيرية، إلا أن ذلك لم يمنع النساء من التردد عليه، ليس لإمكانياتهن المادية فحسب وإنما أيضا لدعم عمل الجمعية. وتشير سلاف كنان، لبنانية تعيش بين بيروت ولندن، إلى "جمال المكان"، مؤكدة في الوقت نفسه "على الفكرة النبيلة، التي تكمن وراء المشروع وكذلك لذة الأطباق المقدمة"، ما يدفعها إلى المجيء خصيصا لمطعم "أشغالنا".
بيت واحد وتخصصات متعددة
ويتم إعداد الطعام في مطبخ الجمعية، الذي تعمل فيه نساء، اللواتي لولا "أشغالنا" ربما لما كن وجدن عملا آخر. وتعتبر جميع العاملات هنا أرامل فقدن أزواجهن ولديهن أطفال يتعين عليهن إعالتهم. وتقوم الجمعية بتكوينهن وإعطائهن فرصة العمل لمدة نصف يوم وتقدم لهن تأمين صحي، كما تدفع لهن مرتبا شهريا يصل إلى 650 دولار في الشهر، وهو ما يفوق بكثير معدل الأجور في لبنان. وتقدم الجمعية إمكانية العمل في الخياطة والطرز، حيث يعمل نحو 40 امرأة في الطابق الأول من مبنى الجمعية، التي هي عبارة عن منزل مترامي الأطراف في الجزء السني من العاصمة بيروت. وتقول نورة القاضي، وهي خياطة في الجمعية، إنها عندما تأتي إلى مقر الجمعية "تشعر بارتياح كبير، خاصة وأنها تعمل مع نساء أخريات في نفس وضعيتها الاجتماعية." وتعيل نورة، البالغة من العمر 37 عاما، منذ وفاة زوجها قبل سبع سنوات في حادث مرور خمسة أطفال بالإضافة إلى والدها، الذي يعاني مرض الزهايمر، دون مساعدة من أحد. وتقول نورة، التي لم تواصل تعليمها، إن والداها كانا قد زوجاها في سن مبكر وذلك بهدف تأمين حماية اجتماعية لها. أما الآن فلم يعد لها أي أحد يساندها في تربية أطفالها. ولكنها تعلق آمالا كبيرة في أن توفر لأطفالها إمكانية مواصلة التعليم والتكوين من أجل مستقبل أفضل.
جمعية خيرية تمول نفسها بنفسها
وتعد ندى جبره، واحدة من ضمن 14 امرأة متطوعة تعملن لصالح "أشغالنا" بدون أي مقابل، وتأتي تقريبا يوميا إلى مقر الجمعية للقيام بأعمال إدارية وتناول قدح من الشاي مع النساء العاملات فيها. وتقول ندى، إن "أولادها قد كبروا وهم متزوجون، كما لم يعد لها أي مسؤوليات كبيرة في بيتها"، مشيرة إلى أنها "تفضل المجيء والعمل في الجمعية، بدل الذهاب إلى الحفلات أو التبضع". وتعتبر الجمعية، التي تمول نفسها من خلال عائدات بيع المنتجات، التي تتم حياكتها فيها، والحلويات المصنعة وكذلك من خلال تنظيم بوفيه مأكولات مرة في الأسبوع مستقلة إلى درجة كبيرة دون أن تكون في تبعية للتبرعات. الأمر الذي دفع بندى جبره إلى العمل في الجمعية، بحيث تقول إنها كانت حاولت العمل من قبل لدى منظمات إنسانية على غرار الصليب الأحمر، ولكن عملها كان "يكمن في جمع التبرعات"، الأمر، الذي "لا يتوافق مع رغباتها". فيما أن العمل في "أشغالنا" يعطيها الانطباع "بأن الجميع يعطي الجمعية الكثير من نفسه"، مشددة على أن "رؤية إنتاج شيء جميل ثم بيعه فيما بعد يولد لديها ولدى النساء الأخريات في الجمعية شعورا بالسعادة".
الكاتب: آنا ألمالينغ / ديانا هودالي / شمس العياري
مراجعة: حسن زنيند