جنيف 2 حول سوريا – مفاوضات بلا أفق أم بداية نحو الحل؟
٢٩ يناير ٢٠١٤في ساحة "ناسيون" أمام مبنى الأمم المتحدة، والمشهورة بمجسم لكرسي العدالة ذي الأرجل الخشبية الثلاث، تجمع ما يزيد عن 400 سوري من أوروبا من أجل التظاهر، وذلك تزامناً مع جلسات مؤتمر جنيف 2
القاسم المشترك بين المتظاهرين هو الإشارة إلى القيم التي ثار من أجلها الشعب السوري ضد الديكتاتورية والاستبداد. وعبر المعارض السوري محي الدين اللاذقاني عن ذلك مضيفاً أنه " من الضروري أن نضع خلافاتنا جانباً وندعم الوفد المفاوض، فإذا استطعنا انقاذ الجائعين في حمص ومخيم اليرموك ودارايا ودوما، فسيكون ذلك إنجازا في المرحلة الحالية"، واعتبر أن مؤتمر جنيف لا يشكل الحل السياسي وإنما مخرجاً للأزمة الإنسانية.
سفير الائتلاف السوري المعارض في فرنسا منذر ماخوس قدم من باريس لمونترو ولجنيف للتظاهر وأيضا للاستفادة من الحشد الإعلامي غير المسبوق وبهدف نقل رسالة الثورة إلى المجتمع الدولي والتأكيد على أنها ثورة سلمية تسعى إلى إقامة مجتمع مدني تعددي ديمقراطي، وتحقيق دولة القانون، ويقول ماخوس: "النظام صرف أموالا كثيرة لتشويه صورة الثورة ونجح في ذلك، لتصبح صورة الصراع قائمة بينه وبين القاعدة، كما قدم نفسه كنظام علماني وهذا كذب. المجتمع الدولي أصبح ضحية تشويه الحقائق".
المعتقلة السابقة والناشطة السياسية ناهد بدوية أكدت من ساحة "ناسيون" على ضرورة تحقيق انجازات سياسية وإعلامية وأخلاقية مشيرة إلى التشويه الذي أصاب " الثورة" في السنة الأخيرة. وأضافت أنه لابد أيضاً من إعادة رفع المعنويات، وتقول بدوية: " أحد الشعارات التي نادت بها الثورة السورية هو: "ما في للأبد .. عاشت سوريا ويسقط الأسد" وهو شعار ديمقراطي يشير إلى ضرورة تداول السلطة". كما انتقدت الإعلام العالمي الذي حصر الأخبارعن سوريا على نقل أخبار الجهاديين والمعارك فقط.
"أجد أن مؤتمر جنيف 2، كما تضيف بدوية، إنه إنجاز سياسي مهم لأن النظام في البداية لم يكن يعترف بضرورة الحوار والحل السياسي، اليوم أصبح مجبرا على الحضور من أجل البحث عن حل سياسي مع المعارضة التي أعتبرها أقرب من الناس ومن روح الثورة ".
من العاصمة الألمانية برلين أيضاً حضر سوريون للتعبير عن دعمهم لوفد المعارضة. إسلام عثمان من تيار المستقبل الكردي أكد على ضرورة تطبيق قرارات مؤتمر جنيف 1 والتي تنص بشكل واضح على ضرورة تشكيل حكومة انتقالية بدون بشار الأسد ونظامه،و يضيف قائلاً: " أنا متفائل ولدي ثقة بالوفد المعارض وبأنه سيخرج بنتيجة لصالح الشعب السوري الذي أكهلته المعاناة، وإذا لم يخرج المؤتمر بنتيجة، فسيستمر الشعب السوري في ثورته".
أين مؤيدو النظام؟
خلت ساحة "ناسيون" من مناصري النظام السوري. فعلى عكس ما حدث في مدينة مونترو خلال الأيام الأولى للمؤتمر، لم تشهد الساحة مشادات أو مصادمات. في وقت سابق قدم منظمو المظاهرات طلبا للحصول على ترخيص من بلدية جنيف، كما تمت دعوة السوريين المقيمين في أوروبا.
حنا مالكي أحد منظمي المظاهرة استغرب من عدم قدوم مؤيدين للنظام للتظاهر في الساحة، وأشار إلى أن جمعية نساء سوريا من أجل الديمقراطية في سوريا نظمت التظاهرة مع 17 منظمة سورية في أوروبا وأن عدد المشاركين جاوز المتوقع، حسب مالكي.
في إحدى مقاهي جنيف التقت DW بنائبة بلدية النبك، أميرة مالك، والتي قالت إن وجودها في جنيف يأتي في إطار وفد ملتقى "سوريات يصنعن السلام" الذي يلتقي بممثلين لوفود دبلوماسية بهدف نقل معاناة الشعب السوري وصوته في الداخل إلى العالم. وتقول أميرة " الناس في الداخل سواء كانوا معارضين أو مؤيدين أرهقوا. إن ما يريدونه اليوم هو وقف الإقتتال بأي طريقة، في حين لازال الناس خارج البلد أكثر تمسكاً بالحديث عن تنحي فلان أو فلان!". حسب المتحدثة.
وتضيف المتحدثة "جنيف 2 ليس هو الحل وإنما بداية حل، خصوصا مع حضور الطرفين إلى هنا". وتستدرك قائلة " لن أرضى بأن يقرر في مؤتمر جنيف من سيبقى في البلد أو من سيضع الدستور أو يشكل حكومة انتقالية، لن أرضى بذلك. أتمنى أن يكون مؤتمر جنيف عبارة عن توافق وليس مساومة".
وتشدد هناء ظفور من منطقة أوراس في حمص على تقديم نفسها كمواطنة سورية محايدة، جاءت لجنيف لحضور ملتقى سوريات. ولا تتوقع أن المؤتمر سيخرج بشئ إيجابي حيث كان ذلك واضحاً منذ البداية وتضيف:" اتمنى أن تتجلى الأولويات المطروحة في وقف إرهاب التنظيمات المتشددة ولا أعتبر هنا أن الجيش السوري دائما جزء من ذلك الإرهاب، إلا أنه قد يضطر أحياناً للتعامل مع الإرهاب".
سوريا - الوطن والسجن
كانت هناك أيضا صور لمعتقلين ومعتقلات، مثل صور رزان زيتونة وسميرة الخليل وأليس المفرج. وحملت سميرة زعير صورة صديقتها المعتقلة أليس مفرج. و تضيف زعير " نحن في شبكة المرأة السورية أطلقنا حملة "سورية وطن لاسجن" تهدف إلى إطلاق سراح المعتقلين والكشف عن مصير المختفين قسراً".
انطلقت الحملة من العشرين من شهر يناير في القاهرة واسطنبول واليوم في جنيف تزامناً مع المؤتمر واستكمالاً لعمل قامت به نساء سوريات قبل أسبوعين مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة، وما انطلق عنه من مبادرة نساء سوريا من اجل السلام والديمقراطية. وتضيف زعير: "نعمل على مستويين: هنا على الأرض نتظاهر ونرفع صور معتقلينا، ولنا زميلات مع فريق مبادرة نساء سوريات من أجل السلام والديمقراطية يلتقين مع الوفود الدبلوماسية داخل مبنى الأمم المتحدة".